عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Mar-2019

تصرفات "فظة" یقوم بھا الفرد حینما ینھكھ التعب

 

إسراء الردایدة
عمان-الغد-  نلتقي في حیاتنا الیومیة بشخصیات مختلفة، ونمیل للحكم علیھا منذ اللقاء الأول، لاسیما وأن تلك الانطباعات لھا تأثیر دائم، وحتى لو لم نعرف الشخص مدة كافیة، إلا أننا نتمسك بالرأي الذي ارتبط بھ منذ الالتقاء بھ.
وفي كثیر من الأحیان، إن وجدنا الشخص غیر مھذب، نمیل للقول إنھ ”لم یتلق تربیة جدیة“، أو ”غریب“ أو ”شخص فظ“، وھذه النقطة مھمة جدا؛ إذ إن كثیرا من أحكامنا الني نطلقھا على الآخرین تكون مرتبطة بتصرفات خارجة على إرادتھم. فھي تعكس حالتھم العقلیة في تلك اللحظة التي جمعتھم مع أفراد جدد في ظرف مختلف عن حالتھم الاعتیادیة، ولكن الآخر لن یعرف ھذا ”الحال“ أبدا.
ولأن كلا الطرفین لا یعرف ظروف الآخر، یكون رد الفعل معاكسا، ووجھات النظر مختلفة، فحین یعاني أحدھما من قلق أو لدیھ صعوبة في التأقلم مع محیط لم یألفھ، یرى الآخرون أن تصرفاتھ فظة ومزعجة، أي یتم تحلیلھ بطریقة مبنیة على ما یشاھدون، ولیس وفق ما لا یعرفونھ أو ما یقف وراء تلك التصرفات التي أظھرھا في موقف معین.
ولھذا فإن بعض تلك التصرفات التي یمكن أن تصدر عن أحد منا، والتي قد یراھا الآخرون ”فظة“ أو ”غیر مھذبة“، مرتبط بقلق وإرھاق فكري كبیر ینتاب أحدنا بین الفینة والأخرى، وتخرجھ من حالتھ الطبیعیة، وتتركھ مسحوبا في دوامة لا یعي بھا كیف یتصرف مع من حولھ، ومنھمكا في أفكاره وعالمھ الخاص، والتي ربما ستجعل من حولنا أقل میلا للحكم علینا، وأكثر تفھما، ھي تصرفات لو دققنا بھا، لفھمنا أن صاحبھا یعاني من أزمة ما، ویحتاج لتعاطف أكثر من حاجتھ لمن یقیم أفعالھ في لحظة معینة، جعلتھ ضعیفا أو على غیر طبیعتھ:
– نوافق على الخروج برفقة مقربین لنا ویتم وضع الخطط وكل شيء جاھز، ولكن في اللحظة الأخیرة نجد عذرا ما كي لا نذھب أو 100 سبب آخر، لماذا یجب أن نتراجع عن الخطة. وحین یتم إلغاء المخطط یرافقنا شعور بالارتیاح والفظاظة والذنب بالوقت ذاتھ.
– في بعض الأحیان نتحول لشخصیات فضولیة، متكبرة، ذات لسان لاذع وبنبرة قاسیة، بل ونبرة صوتیة مختلفة، ننفجر غضبا لأشیاء ومواقف صغیرة. ھذا الأمر یجعلنا نبدو فظین، ولكننا فعلیا لا نقصد التصرف بھذه الطریقة، بالمقابل، قلقنا یجعلنا نقف على حافة الانھیار، وأبسط الأشیاء یدفعنا للھاویة، وعلیھ نفقد السیطرة على كل شيء.
– نقاطع الآخرین خلال حدیثھم، ببساطة لأننا لا نعرف ما إذا كنا سنتذكر ما نرید قولھ بعد ثانیتین في وقت لاحق. نحن نرى كیف ینزعج الآخر منا، وأحیانا یھیجون بعصبیة، ولكن لا یمكننا مساعدتھ في تلك اللحظة تحدیدا، وھو ما یشعرنا بالسوء دائما بعد ذلك.
– لا ننظر لعیون الآخرین حین یتحدثون معنا، بمعنى نفقد أي اتصال مباشر معھم، بل ننظر لأسفل أیدینا، وحتى للھاتف، لشخص آخر، إلا ذلك الشخص الذي یتحدث معنا، الأمر لیس لأننا ”فظون“ ونتصرف بوقاحة، بل إننا لا نستطیع التعامل مع شخص ما، حینما نشعر بالقلق، ولا نستطیع النظر لعین أحد، حتى لا یظھر ھذا الضعف بداخلنا ویراه من حولنا.
– نمضي الكثیر من الوقت على الھاتف خلال جلساتنا مع الآخرین، وعلى الرغم من إدراكنا بأنھ تصرف غیر مھذب، ولا نحب أن یقوم بھ أحد آخر، ولكن حینما نشعر بالقلق یكون ھذا أفضل وسیلة لإبقاء عقولنا مشغولة، وحمایتھا من أي تصعید قد یتحول لھجوم أو ”قنبلة“ ستنفجر من دون سابق إنذار.
– نمیل لعزل أنفسنا عمن حولنا، لأننا نرید ”التركیز علینا“، ولا نرید أن تضیع تلك الطاقة المتبقیة، أو إضاعة وقت الآخرین حین لا نكون في أفضل حالاتنا. فلیس من الممتع أن تمضي وقتك مع شخص تركیزه لیس لك.
– نتجنب شخصا نعرفھ بالعلن، نعم ھو تصرف فظ، ولكن لا نرغب بأن نقوم بأي تواصل معھ، وھذا مرتبط بانعدام شعورنا بالأمن، والتخوف من قول أو فعل أي أمر غبي، أو یظھرنا وكأننا لا نرید أن نتحدث إلیھم، لأننا سنتصرف ببرود على الأغلب وبدون مبالاة.
– نتحول لشخصیات ساخرة، دفاعیة حین نشعر بالتعب، ففي تلك اللحظات جل ما نتوق إلیھ ھو أن نترك بمفردنا، وھي أشبھ بمحاولة ضعیفة لدفع الآخرین بعیدا، حتى نخلق مساحة بعیدة عن إیذاء أي شخص.
ومن ھنا، حین نرى شخصا ما على غیر طبیعتھ، وتبدو علیھ تصرفات فظة ”غیر معتادة“، فربما ھو یحاول حمایة الآخر من الانخراط معھ بأي حوار أو الاقتراب منھ، بل یضع جدارا فاصلا لحمایة الآخرین فعلیا، ھو لیس بشخص فظ، ولكنھ في حالة من الفوضى التي تحتاج وقتا، حتى یستعید عافیتھ.