عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Apr-2025

حول المزاودات*د. رشا سلامة

 الغد

قبل أيام، كنت أستذكر مقالا للأستاذ جهاد الخازن، قال فيه ذات مرة عن مشهد إبان نكسة العام 1967، إن شابا فلسطينيا مكلوما تجرأ في ذروة النزوح وخسارة الأرض، على انتقاد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، فتكالب عليه النازحون وأوسعوه ضربا. 
 
 
كان الشاب نازحا وكانوا نازحين، خسر ما تبقى من فلسطين وخسروها هم كذلك، أي أن لا متسع للمزاودة، وعلى الرغم من هذا لم يسلم حين فكّر في الانتقاد وطرح الأسئلة.
ما أشبه الأمس باليوم؛ إذ ما إن يفكر فلسطيني في طرح تساؤلات حول أداء فصيل ما، أو مدى منطقية قراراته، ومدى صواب رؤاه، حتى يتكالب فلسطينيون عليه، موسعين إياه مزاودة واتهامات.
قبل أسابيع قليلة، كنت قد تجرأت على طرح تساؤلات حول معايير النصر والهزيمة، وحول مدى منطقية قرار السابع من أكتوبر، وحول مدى تأهيل فصيل حماس للقطاع وأهله لمواجهة حرب مسعورة كما هذه، فانثالت عليّ المزاودات، إلى حد وصل فيه الأمر إلى شتمي وإسماعي من الكلام أقساه.
والجزء الإعلامي في أداء الفصائل الفلسطينية لا يقل أهمية عن الجزء السياسي؛ إذ إن فصيل حماس لا يزال يرتكب أخطاء إعلامية كارثية تفاقم من الخسائر، وتقلل من أهمية حياة الفلسطينيين، ولعل التصريحات الساذجة التي تعد ما يحدث مجرد «خسائر تكتيكية» لهو خير دليل على حجم «العَبَط». قبل أيام كذلك، وصل عدد الشهداء قي يوم واحد إلى ما يزيد على سبعين شهيدا، فيما كانت حماس تتوعد بريطانيا بمنازلة في القضاء؛ ذلك أن الأخيرة صنفتها حزبا إرهابيا. حجم النرجسية لدى حماس والتي يشي بها هذا التصريح موجعة لفلسطينيين يشاهدون شعبهم يموت أفظع الميتات، على الهواء مباشرة، من دون أن يملك أحد تحريك ساكن. 
في الوقت ذاته، يبدو فصيل فتح يعيش في العالم الموازي، مكرسا من صورة الغيبوبة التي لم تفلح معها كل محاولات الإنعاش؛ إذ في ذروة مشاهد احتراق الخيام بمن فيها في غزة، كانت وجوه من الفصيل تتصدر المشهد الإعلامي بفخر ساذج في افتتاح أكبر مجمع تجاري في الضفة الغربية، وسط مظاهر فرح ولوحات دبكة شعبية! الخطأ ذاته حدث قبل أشهر، حين كانت وجوه بارزة من الفصيل تتصدر فيديوهات الرقص والطعام في عرس ابن رئيس الوزراء السابق محمد اشتية، فيما مذبحة تجري في جباليا!
قبل شهرين تقريبا، عُقِدَ المؤتمر الوطني الفلسطيني في الدوحة، وكنت من بين المدعوين إليه، غير أن ظرفا صحيا حال دون الحضور وجاهيا، بيد أني كتبت رؤيتي المتواضعة حول طرق إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية والنهوض بها من كبوتها، وقمت بإرسال هذا لأحد القائمين على المؤتمر، كما نشرته من خلال مقال في جريدة الغد، قلت فيه، حول هذه الجزئية تحديدا، إنه لا بد من تأسيس نظام مساءلة ومحاسبة وتدقيق على أداء الفصائل الفلسطينية، وأن يكون للشعب الفلسطيني كلمته في هذا؛ لعل الفصائل تخرج من عقدة أن الباطل لا يأتيها من بين يديها ولا من خلفها. 
يا للأسى.. يقول الشاعر الفلسطيني الفذ غسان زقطان عن الاحتلال الإسرائيلي «نستحق أعداء أفضل من ذلك»، فيما أسمح لذاتي بإكمال العبارة «ونستحق فصائل وممثلين عنا أفضل من ذلك».