عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Apr-2020

فيما يتعلق بمكانة المنصب - رمزي خوري

 

 الدستور- من الفيديوهات التي تَنهال علينا يومياً «تَفَركَشت» بفيديو لوزير الصحة سعد جابر يرُد على تعليقات البشر. أحدهم مدَح أداء الوزير أوّلاً ثُم انتقد مُشاركته بالفيديوهات التَوعَوية لأن هذا «يمِس بهيبة ومكانة المنصب.» لدّي ما أقول في هذا، ليس دِفاعاً عن الوزير الذي «ينحت ليل نهار» لإنقاذ البلد من نفسِها، ولكن لأن علينا أن نَعي كيف تتحقَّق هيبة ومكانة المنصب «عن جَد» وليس «أباَّ عن جِد.»
 
سَأعترِف: كنت قد شعرت بارتفاع ضغط الدم وأنا أشاهد مُؤتمراً صحفياً للرئيس دونالد ترمب عن الجائِحة التي تنهش بلده، ليس بسبب الأكاذيب المُتتالية التي تفوَه بِها وهو «يستغبي» شعبه كالعادة، فأنا وغيري تعوَّدنا على هذا.
 
المُزعِج جداً كان استِهجانه لارتفاع حاجة وِلاية نيويورك للأقنِعة الواقية من 10,000 قناع إلى 300,000 قناع. أسِّرَة نيويورك لا تكفي عدد المُصابين وأصبَحَت «مركز الجائحة على صعيد العالم» واتَّهم هذا «المُنتخَب لِخدمَة الشَعب» الأطِباء والمُمَرضين الذين لا يملُكون أبسط الأدوات لحِماية أنفُسِهم وباتوا على وشك الانهيار بسبب قلة الموارد البشرية والمادية وساعات العمل الطويلة «بتهريب الأقنعة من الأبواب الخَلفِية لمُستشفياتهم.» 
 
في ظلِّ هول ما هو قادم بسبب الكوفيد-19 لم تَعُد تصريحات ترمب «مَضحَكَة» ومَدعاة للسُخرية، بل أصبحت مُؤتمراته الصحفية أفلام رُعب من النوع الرديء. لم يعُد لمنصِب رئيس الدولة «الأعظم» بين الدول مَكانَة ولا هَيبَة.
 
عودة إلى جابر ومكانة منصبه، ولن أقول «معالي» ولا «مع حفظ الألقاب» لهَدَف مبدأ هذا المقال،  مكانة منصِبه ومناصب الوزراء الآخرين بخير. لِماذا؟
 
هذا الطاقم عمل بأقصى طاقاته واتخذ القرارات السليمة سريعاً، وكان هدفها الأول الإنسان، من مواطنين ومقيمين، وحقَّقوا احترام المواطن على صعيد الوطن لشُخوصهم الكريمة وبالتالي لمناصِبِهم السيادية.
 
عندما يكون أداء المسؤول فاشِلا و ضِدَّ مَصالح الشَعب وعندما لا يتَّسِم بالشفافية ويلجأ للكذب لتحقيق مكاسِب شخصية أو لتغطية إخفاقاته يُصبِحُ منصِبَه بلا هيبة ومَكانة. «صافي اللبن» هيبة ومكانة المنصِب تتعلق بشكل مُباشِر بالقُدرَة على القِيام بواجبات المَنصب لِصالِح المُواطن، وإذا لديك شك فراجع تاريخ المناصب لتَجِد أن من أبدع بعمله رفَدَ منصِبَه مكانة وهيبة ومن فشِل فشلاً ذريعاً جَعَل من منصبه «طامَة أو مَسخَرة.»
 
المكانة والهيبة هذه، طَبعا، لا تنفي الحاجة للانتقاد الإيجابي لأداء المسؤول الناجِح «كان من يكُن» ولا تنفي الحاجَة للإعلام بتسليط الضوء على السلبيات كما الإيجابيات لإيصال الحقيقة للشَعب، مَصدَر السُلُطات. المُطالَبات الشَعبية «حَلال» ومطلوبة حتى بالأزمات الكُبرى كهذه لأن الذي يَعمَل سيخطئ وهنالك فئات لها احتياجات قد تَرتَقي «للحياة أو الموت»وقد لا تكون الحُكومَة المُتواضِعَة «ذات الصدر الواسع» قد عالَجَتها.
 
ما حقَّق أيضاً نجاحا باهرا لهذِه الحكومة بالأزمة شفافيتُها من خلال مُؤتمَرات صحفية يَومِية يتَكلَّم بها المسؤول مُباشرة مع الشعب وأيضاً من خِلال إطلالات إعلامية على التلفزيونات للدُخول بالتَفاصيل والرد على أسئِلة تَجول بِعَقل الشَعب. نجَحَت هذِه التَجربة الجَديدة نَجاحاً باهِراً ويَجِب أن لا تَتَوقَف بعد أن تَصنَع الجائِحَة «عَمايِلها» وتُغادِر. 
 
هذه الشفافِّية بالتَواصُل ليس فقط مُهِّمَة للشعب الأردني بل أيضاً للمُستَثمِر الأجنَبي الذي يُثَمِّن أهَمِّية الشفافية في البلد الذي يَدرُس الاستثمار به ويَخافُ من «المَخفي» والمُفاجَآت «التي قد لا تكون سعيدة» مثل التغيير المُستَمِر بالسِياسات والقَرارات وحتّى التَشريعات. 
 
نَجاح الحُكومَة بإدارة الأزمَة وشفافيتها خلَقَت ثقة بين المواطن والدولة «وكأنها حُكومة مُنتخَبة» وهذا سَينعكِس إيجابياً على الاقتصاد. نحن بِحاجة ماسة لنَهضة اقتِصادنا بأسرَع وقت، واستمرارُ الحُكومات بهذا النَهج شرط لتَحقيق هذا الهَدف.