عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Dec-2019

“لمة خير”: مبادرة إنسانية توعوية تمسح المعاناة عن جبين الأطفال

 الطبيب السمكري لامس هموم وأوجاع الآخرين عبر تجربة العمل التطوعي

 
ربى الرياحي
 
عمان -الغد-  بحسه الإنساني الذي لا يعرف سوى العطاء والمساندة، يسعى الدكتور زيد سمكري لنثر بذور الخير وأن يكون داعما لفئات تحب الحياة راغبة في أن تعيش كغيرها في بيئة آمنة محبة تقدم لها الدعم والاهتمام، هو وبكل الإيجابية التي يحملها في داخله يأبى إلا أن يخرج عن المألوف ويجسد بعمق فكرة الطبيب الإنسان.
عمله في مجال الطب، لم يزده إلا إحساسا بمن حوله وأن يكون أقرب للناس، وملامسا لأوجاعهم وهمومهم. يحب الخير ومبادر ينتمي لمجتمعه، كل تلك الأسباب دفعته لخوض تجربة العمل التطوعي إلى جانب مهنته كطبيب تخصص جراحة عامة.
الطبيب سمكري شخصية تمتاز بالحماس والتحدي والابتكار، يهتم بالإنسان كإنسان بغض النظر عن اختلافه، فقرر أن يسلط الضوء على بعض الفئات المنسية نوعا ما والذين يعانون إلى حد كبير كالأطفال المصابين بأمراض الدم الوراثية، بالإضافة لذوي الإعاقة والأيتام ومرضى السرطان، أراد أن يكون سندا لكل هؤلاء فكان له ما أراد وذلك بمشاركة مجموعة من الشباب المتطوعين الذين يتشابهون معه بحبهم للخير ورغبتهم بمساعدة كل من يحتاج للمساعدة من خلال مبادرة تطوعية أطلقوا عليها اسم “لمة خير”.
يقول إن تأسيسه لمبادرة “لمة خير” كان في السادس من حزيران العام 2018، لإيمانه الكبير بقيمة الإنسان كإنسان وأن من حقه أن يمارس حياته بشكل طبيعي حتى وإن كان مختلفا، كذلك رفع الروح المعنوية لدى الأطفال المصابين بأمراض مزمنة طويلة الأمد والتي تتطلب منهم زيارات دورية للمستشفى والخضوع للعلاج باستمرار.
ويضيف تفهمه كطبيب لاحتياج المريض للجانب النفسي إلى جانب الأدوية والعقاقير، جعله يتحمس لإقامة فعاليات ترفيهية وتوعوية تخص الأطفال تحديدا من أجل التخفيف عنهم ودعمهم وإشعارهم بأهميتهم وبأن في الحياة ما تزال هناك أشياء جميلة تستحق أن يعيشوها. استطاع وبالتعاون مع مجموعة من المتطوعين أن يرسموا الابتسامة على وجوه بريئة لم تختر قدرها، هؤلاء الأطفال أحوج ما يكونون للفرح ليتناسوا وجعهم.
ويبين أن عدد فعاليات المبادرة وصل إلى أكثر من ثلاث عشرة فعالية، شملت الجانبين الاجتماعي أمثال المسنين والأيتام وذوي الإعاقة والأسر العفيفة، والبيئي ويتمثل في خدمة المرافق العامة من ترميم وبناء وتجميل الطرق، مشيرا إلى أن المبادرة خيرية شبابية تطوعية غير ربحية عدد أعضائها 100 متطوع فعال من الإناث والذكور ويتراوح أعمارهم ما بين 17 عاما و27 عاما ومن كل قطاعات المجتمع.
ويبين أن ما يميز مبادرة “لمة خير” هو قدرتها على توصيل رسائل توعوية للمجتمع، بالإضافة إلى التركيز على دور الترفيه في تغيير نفسية الطفل وتقويته حتى يظل قادرا على التعايش مع مرضه، موضحا أنهم يلجؤون للأفكار الإبداعية الغريبة غير التقليدية في الترفيه عن الأطفال.
وعن أبرز الفعاليات التي نظمتها المبادرة، يقول إن الرؤية لديهم بأن الحياة حق مشروع لا يلغيه الاختلاف، ذلك جعلهم يتجهون للمساهمة في دمج أطفال من متلازمة داون بالمجتمع، وذلك من خلال إقامة يوم ترفيهي لهم بالتعاون مع جمعية الياسمين والتركيز على فكرة التقبل واللعب مع الأطفال الآخرين وتوصيل العديد من الرسائل للأهالي.
ويرى أن قدرة المتطوعين على ترسيخ بعض المفاهيم والمبادئ التي تساعد في إيجاد طرق تواصل أكثر إنسانية وعدم نبذ المختلف بذنب لم يقترفه، كلها أمور تزيد حتما من الوعي المجتمعي وتخلق نقاط التقاء وشعورا بالأمان والحب.
ويلفت الى انهم قاموا بتنظيم فعالية أخرى اختصت بالأطفال الأيتام على وجه التحديد، لافتا إلى أن اليتيم يحتاج باستمرار للأجواء العائلية وللمحبة والتقدير والعناية، فكانت فكرة مبادرة “لمة خير” هذه المرة مختلفة وبعيدة تماما عن الجانب المادي التقليدي، والتركيز كان على الناحية المعنوية أكثر، إذ إن المتطوعين بذلوا كل طاقتهم لإدخال السعادة إلى قلوبهم الصغيرة، وذلك من خلال الأنشطة الترفيهية التي جمعت بين حضور أحدث الأفلام في قاعات السينما بالمول، ومرافقتهم بموكب من الدراجات وصولا إلى المطعم الذي تناولوا فيه وجبة الإفطار، فكان يوما مختلفا بامتياز بالنسبة لهؤلاء الأطفال، لحظات رغم قصرها إلا أنها حملت لهم بين تفاصيلها الفرح والأمل والدفء.
وبمناسبة يوم الطفل العالمي، كان للمبادرة بصمتها التي استطاعت بجهود مؤسسها السمكري وجهود منتسبيها تنظيم فعالية ضخمة وذلك بالتعاون مع مستشفى البشير الحكومي، حيث أطلقوا على الفعالية اسم “أنت بطلهم”.
إحساس المتطوعين بالتحديات النفسية التي يواجهها الأطفال المصابون بأمراض الدم الوراثية التلاسيميا والهيموفيليا دفعهم لخلق أجواء من الفرح والمتعة شملت 50 طفلا يصرون على الحياة بالرغم من قسوتها.
ويعكس عنوان الفعالية “أنت بطلهم” نوعية الأنشطة الترفيهية التي قامت أساسا على أفكار إبداعية خلاقة تحاكي مشاعر الطفل ورغباته وميوله، حيث جسد المتطوعون في هذه الفعالية شخصيات كرتونية وتحديدا الأبطال الخارقين المفضلين لدى الأطفال، اختيارهم لهذه الشخصيات جاء بناء على استبيان سبق الفعالية سألوا فيه ذوي الأطفال عن أكثر الشخصيات قربا لأبنائهم.
وتخللت الفعالية أغان ترفيهية ووطنية التي صدحت في أرجاء قسم أمراض الدم الوراثية بحضور الأطفال وذويهم والكادر الطبي الممثل برئيس قسم مركز أمراض الدم الوراثية الدكتور قاسم شرشير ورئيسة اختصاص طب الأطفال الدكتورة بسمة مرار، وممثلين عن مدير عام مستشفى البشير الدكتور محمود زريقات، ومدير عام مستشفى الأطفال الدكتور محمود دولة وختمت الفعالية بتوزيع الهدايا على الأطفال.
وعن خططهم للأيام القادمة يقول سمكري إن رغبتهم في الوصول لشرائح واسعة من المجتمع بكل المحافظات والبحث أكثر عن الفئات الاكثر احتياجا للفرح ولديها التحدي والمقاومة، مبينا أنهم في صدد تنظيم فعالية جديدة تخص أطفال مركز الحسين للسرطان وهي امتداد لفعالية “أنت بطلهم”. كما ستركز المبادرة على نظافة البيئة وحمايتها من السلوكيات الخاطئة، بالإضافة إلى مساعدة عمال الوطن من خلال تخفيف الأعباء عنهم، وذلك سيكون تحت شعار “قبل ما ترميها فكر فيها”، مؤكدا على دور المبادرة في مخاطبة مشاعر الناس وتحفيزهم على التضامن والتكافل لإيجاد مجتمع خير متحاب، مجتمع يجسد الإنسانية بأعمق صورها قادر على تقديم المساندة لكل من يحتاجها بعيدا عن أي فروقات من شأنها أن تنبذ الآخر وتظلمه لمجرد أنه مختلف.