عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2019

الملك.. تغيير قواعد الأشتباك - المحامي بشير المومني

الراي - «شعبي معي.. دولة هاشمية.. ستتبعنا الدول العربية والإسلامية.. الجواب كلا..

«كل هذه العبارات وما حوته من لغة جسد ولهجة حازمة عند الحديث عن تعرض الأردن والملك شخصياً للضغوط لغايات التراجع عن الموقف حيال القدس وما يسمى صهيونياً بالخيار الأردني «الوطن البديل» كل ذلك يشي بحقيقة ما كان يحصل في واشنطن ومن الواضح أن الملك قد أسمع الإدارة الأميركية ما تطرب له الأذن العربية الأصيلة وربما يشي بما يتجاوز ذلك وبما يجعل نتنياهو يعد أصابعه إن لم يعض عليها..
بالرغم من اللباس المدني الذي ظهر به الملك في الزرقاء لمخاطبة الشعب الأردني لكن من الواضح طغيان اللهجة العسكرية واستحواذ «الشعار» و«القايش» على شخصية الملك والرسائل المتتابعة يفسر بعضها بعضا ففي ذكرى الكرامة يتم معاودة التغريد بنفس الاتجاه وتفعيل وربط واضح ما بين الجندية الأردنية والقدس وفلسطين واستحواذ فكرة الواجب المقدس تجاه فلسطين باعتبارها قضية وطنية أردنية ومستقبلا وصراعا وجوديا للأردن كما هو صراع وجودي للفلسطينيين وبالطبع فهنالك (ولكن) ما بين السطور تستدعي الانتباه والتنويه..
الواقع على الأرض ينطق والحقيقة لم تعد خافية على أحد وبعيدا عن الدعاية فإن الأردن هو آخر دولة عربية واسلامية معنية بالصراع والاشتباك اليومي في الشأن الفلسطيني.. فنحن نشتبك يوميا كدولة بإقليمها وسيادتها وشعبها مع العدو الصهيوني ومع الاحتلال ومع آثاره من لجوء ونزوح واحتلال وهيمنة ومساس بمقدسات وشهداء ودعم صمود وفي كل شيء تقريبا وعندما يستشهد الفلسطيني المقاوم على أرضه مثل الايقونة «عمر» نجد أن عرس الشهيد تقيمه العشائر الأردنية أما غير الأردني شعبيا ورسميا فإما أنه مشغول بنفسه وحروبه أو معني بحل الصراع ولو على حساب القدس المسجد والكنيسة والإنسان الأردني والفلسطيني..
إزاء هذه الحقائق وإفلاس المجتمع الدولي لا بل تآمره على الأردن ومحاصرته باعتباره الحاضنة الطبيعية لفلسطين كقضية وشعب لا بل وصاحب قضية وطنية أردنية تسير جنبا إلى جنب مع القضية الوطنية الفلسطينية كان من الطبيعي أن يعود الملك ليتحزم بدرعه الأردني من شعب وقوات مسلحة وعندما تعجز السياسة والدبلوماسية والاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجموعات العقد والحل الدولي عن أحداث اختراق في المشهد الإقليمي لإجبار العدو على الانصياع للشرعية فعندئذ يكون الحل من الداخل للخارج وليس من الخارج للداخل..
الجواب «كلا» والشعب مع الملك في التصدي لكل الضغوط والمؤامرات على الأردن وفلسطين فلقد بدأت العشائر كخزان طبيعي للقوات المسلحة تصدر البيانات الرافضة لما يسمى «صفقة القرن» تباعا ورغم حالة التفاعلات الداخلية بشقيها الإيجابي والسلبي إلا أن جميع الأطياف والمكونات الوطنية الأردنية بما فيها الأشد راديكالية وسلبية تجاه النظام تدعم بلا تحفظ الملك في مواقفه عندما يتعلق الأمر بفلسطين والقدس وتضحيات الأردنيين لعقود فهو دعم مطلق غير معلق على شرط لا بل ومطلب جماهيري أردني..
قواعد الاشتباك في الصراع الوجودي مع العدو الصهيوني تغيرت وأصبحت تبدأ من الداخل للخارج وليس العكس في موقف جمعي وطني لا خلاف أو انقسام عليه بين الأردنيين مضاف إلى ذلك بعد ديني وتاريخي عندما يشار إلى الدولة بأنها «هاشمية» حيث تأخذ قواعد الاشتباك بهذا الاتجاه بعدا أيدولوجيا تعبويا وسياقا تاريخيا يشكل خطورة تتعدى حتى فكرة الدولة وحدودها لتأخذ بعدا قيميا وصراعا أبعد مما يوصف بانه أطول خط مواجهة مع العدو المركزي للأمة..
«الصمود» هذا هو المطلوب من الأردن وما يفهم من كلام الملك والصلابة في الموقف وعدم التراجع قيد أنملة ولو كانت الأمة في أسوأ حالاتها فالقضية عمرها ناهز أعمار الدول في المنطقة ولا توجد أمامنا خيارات ولن يكتب التاريخ أن الأردن شعبا وقيادة قد فرط بالقدس وحقوق الإنسان الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته وممارسة حقه في العودة لوطنه والتعويض عن جرائم العدو المحتل بحقه ولن يسجل علينا التاريخ هذه «الدنية» وفي النهاية ستجد الدول العربية والإسلامية أنها مضطرة للحاق بالأردنيين..