الغد
يبدو ان خطاب نتنياهو الأخير ليس تهديدا مباشرا بالمعنى العسكري، لكنه يشكل تهديدا استراتيجيا غير مرئي للعالم أجمع لأنه يكشف عن شبكة نفوذ مترابطة يمتلكها الكيان الصهيوني في كل جانب من حياة الإنسان على كوكب الأرض، فالحديث عن أن كل هاتف محمول وكل دواء وكل منتج غذائي يحمل «قطعة من الكيان الصهيوني» يعني أن كل دولة وكل فرد في العالم يعتمد على إنتاجه ومنتجاته بشكل مباشر أو غير مباشر ويخلق هذا الاعتماد نوعا من السيطرة الذكية تجعل أي تحرك دولي ضد الكيان الصهيوني محدود التأثير.
البعد العسكري والاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسلحة يجعل الكيان الصهيوني قوة يصعب عزلها فالقدرة على صناعة الأسلحة المتقدمة وأنظمة الاستخبارات تعني أن أي قيود على توريد مكونات أساسية لن تؤثر على قوته الحقيقية، وهذا يشكل تهديدا للعالم لأنه يخلق حالة من الاعتماد العالمي على قوة صغيرة لكنها متقدمة للغاية تجعل أي دولة تعتمد على أنظمة السلاح والتقنيات والاستخبارات التي يتحكم فيها الكيان الصهيوني.
أما من ناحية الاستخبارات، فجزء كبير من المعلومات التي تعتمد عليها الولايات المتحدة نفسها مصدرها الكيان الصهيوني وهذا يجعل أكبر قوة عسكرية في العالم جزئيا مرتبطة بهذا الكيان وتصبح أي محاولة لعزله أو السيطرة عليه محفوفة بالمخاطر ويصبح النفوذ الصهيوني عالميا وليس إقليميا لأن المعلومات والاستخبارات تؤثر على القرارات الأمنية والسياسية والعسكرية في كل مكان ويجعل العالم كله عرضة لتأثيره بشكل غير مباشر.
أما البعد الاقتصادي والتكنولوجي يضاعف التهديد فالكثير من المنتجات اليومية والتقنيات الحيوية التي يستخدمها العالم مرتبطة بالإنتاج الصهيوني وهذا يجعل أي دولة تعتمد على هذه الصناعات تحت تأثير مباشر وغير مرئي للكيان الصهيوني وكل منتج غذائي أو دواء أو جهاز إلكتروني يصبح أداة في شبكة عالمية للنفوذ.
فالنتيجة أن خطاب نتنياهو يشكل تهديدا للعالم أجمع لأنه يوضح أن الاعتماد العالمي على الكيان الصهيوني يجعل كل دولة وكل فرد مرتبطا بهذه القوة الصغيرة بشكل لا يمكن تجاهله ويخلق واقعا مرعبا يتمثل في أن أي تحرك دولي ضد الكيان الصهيوني سيكون محدود الفاعلية لأن الشبكة الخفية التي يسيطر عليها مترابطة في التكنولوجيا والمعلومات والصناعة والاستخبارات بطريقة تجعل تأثيره عالميا وليس محصورا في حدود المنطقة
باختصار، التهديد ليس مباشرًا بقوة السلاح، بل تهديد استراتيجي شامل يجعل العالم كله تحت تأثير قوة خفية تتحكم في المنتجات والمعلومات والاستخبارات والتكنولوجيا بطريقة ذكية تجعل أي تحرك ضدها صعب للغاية، وهذا يجعل خطاب نتنياهو بمثابة إعلان عن نفوذ عالمي يمكن اعتباره تهديد خفي لكل الدول والشعوب على حد سواء.
الا انه ورغم نفوذ الكيان الصهيوني في التكنولوجيا والصناعة والاستخبارات، فإن هذه السيطرة الخفية أصبحت تهديدًا واضحًا للعالم بأسره الاعتماد عليه اليوم يجعل كل دولة وكل فرد مرتبطًا به بشكل مباشر أو غير مباشر، وما يفعله الكيان الصهيوني ليس مجرد تفاخر بالقدرة، بل هو مد خبيث يهدف إلى توسيع نفوذه والسيطرة على البشرية وتحويل العالم إلى ملعب لإرادته الاستبدادية، فمن واجب العالم كله أن يتحد ضد هذا الشر المتفشي وأن يوقف هذا المد الصهيوني العدواني بأي وسيلة ممكنة قبل أن يصبح الدمار شاملًا ويصبح التخلص من تأثيره شبه مستحيل، فالسكوت عنه اليوم يعني استمرار هيمنته على العالم اجمع.