عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Dec-2025

إعادة تدوير مشروع استيطاني في غزة

 الاحتلال يوسع عملياته بهدم المنازل واعتقال العشرات في الضفة

الغد-نادية سعد الدين
يدفع الاحتلال لإعادة تدوير مشروع استيطاني قديم في قطاع غزة، وهو ما كشفه أحد وزراء الحكومة المتطرفة قبل التراجع عنه أمام التحفظ الأميركي، بما يعكس جوهر العقيدة الأمنية الصهيونية في التعامل مع غزة، بهدف تقسيم القطاع ورسم حدود أمنية جديدة للكيان المحتل تضمن إبقاء سيطرته العسكرية فيه.
 
 
وعبر وزير الحرب في الحكومة المتطرفة "يسرائيل كاتس" في تصريحاته الأخيرة عن سياسة الاحتلال عندما أكد "عدم الانسحاب أبداً من قطاع غزة، وعزم حكومته إقامة بؤر استيطانية في شمال القطاع"، وهو ما جُوبه بتحفظ واشنطن.
وينسجم ذلك مع تصريح سابق صدر عن رئيس أركان جيش الاحتلال "إيال زامير" أكد فيه أن "الخط الأصفر" الذي يشطر قطاع غزة إلى نصفين سيُعتمد كحدود جديدة للكيان المُحتل، بما يُعد إعلاناً رسمياً عن توجه رسمي لإعادة رسم جغرافية القطاع تحت ذريعة أمنية، وليس مجرد إجراء ميداني مؤقت. 
وتقوم سياسة الاحتلال وفق تلك الرؤية الصهيونية القديمة على تقسيم غزة، وإخضاع أجزاء واسعة منها لسيطرته الدائمة، والتعامل مع سكانها ضمن ترتيبات أمنية وإدارية، لا ضمن أي أفق سياسي أو قانوني يعترف بوحدة القطاع أو بحقوق الفلسطينيين فيه، بحيث يصار إلى تقسيمه لمنطقتين يفصل بينهما "الخط الأصفر". 
وتقع المنطقة الأولى، وفق هذا التصور، تحت سيطرة الاحتلال المباشرة، حيث تُنشأ كتل سكنية يُسمح للفلسطينيين بالانتقال إليها بعد تدقيق أمني صارم، مع فرض قيود كاملة على الحركة ومنع المغادرة، أما الثانية، فتُوضع تحت إدارة دولية شكلية، من دون إعادة إعمار حقيقية، ومع السماح بدخول الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية فقط. 
وتُقدر مساحة المناطق الخاضعة لهذا المخطط بنحو 53 % من إجمالي مساحة القطاع، مع استمرار جيش الاحتلال في توسيع "الخط الأصفر" داخل الأراضي الغزية خلال الأسابيع الأخيرة، وسط الخشية من أن يؤدي هذا الواقع إلى ترسيخ سيطرته طويلة الأمد، وفرض وقائع حدودية جديدة من طرف واحد.
وبهذا، تتحول غزة من كيان جغرافي موحد إلى مساحة مجزأة تُدار وفق منطق أمني صهيوني يتعارض ظاهريًا مع خطة الرئيس الأميركي "دونالد ترمب"، التي تنص على انسحاب الاحتلال الكامل في نهاية المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بما يعكس فجوة واضحة بين اللغة الدبلوماسية الأميركية والوقائع التي تُرسم على الأرض.
ولا تنفصل خطة تقسيم غزة عن مساعي الاحتلال لتنفيذ مشروع تهجير الفلسطينيين خارج القطاع، حيث كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" اليمينية الصادرة بالكيان المحتل، أن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" كلف وزير الشؤون الإستراتيجية، "رون ديرمر"، في كانون الأول 2023 بدراسة خطط لـ"ترحيل" سكان غزة، سواء عبر سيناء أو عبر البحر، في ما وُصف بأنه "هروب جماعي" نحو أوروبا وأفريقيا. 
ويأتي ذلك بالتزامن مع اشتراط الاحتلال "نزع سلاح المقاومة الفلسطينية" للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط خروقاته المستمرة لتنفيذه منذ سريانه.
من جانبه، أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، إمكانية التفاوض على تجميد سلاح المقاومة من دون تسليمه، معتبراً أنه سلاح الشعب الفلسطيني، ومشدداً على أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل المماطلة ويرفض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأوضح الهندي، في تصريح له أمس، أن الاحتلال فشل على مدار عامين في مواجهة الفصائل الفلسطينية منفرداً، معتبرا أن أي حديث عن تسليم السلاح من شأنه "فتح الباب أمام جرائم جديدة بحق أبناء الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "نتنياهو" تحدث عن "نصر حاسم" بدون أن يحقق أياً من أهدافه، لافتاً إلى أن المقاومة أبدت مرونة في التعامل مع الوسطاء بشأن التهدئة، داعياً إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الاحتلال للوفاء بالتزاماته في اتفاق غزة.
وشدد الهندي على أن السلاح سيبقى بيد الشعب الفلسطيني وبيد الدولة الفلسطينية التي تحمي حقوقه، معتبراً أن ما يجري يكشف حقيقة "مأزق الكيان المحتل"، في ظل فشله في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، مقابل تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وسلاحه باعتباره ضمانة أساسية لردع العدوان.
وأكد أن المقاومة ليست خياراً عابراً، بل جوهر الصمود الفلسطيني، وأن أي محاولة لتجاوزها محكومة بالفشل أمام إرادة الشعب الفلسطيني.
وفي سياق متصل، قال الناطق باسم حركة "حماس"، حازم قاسم، إن الحركة تواصل اتصالاتها مع الوسطاء، ولا سيما مصر وتركيا وقطر، بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، مشيراً إلى لقاءات عقدت مؤخراً بين الوسطاء والمبعوثين الأميركيين، أعقبتها لقاءات مع "حماس"، خصوصاً مع الجانب التركي، لاستكشاف إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وأضاف قاسم، في تصريح له أمس، أن الحركة وضعت الوسطاء أمام خروقات الاحتلال للمرحلة الأولى، وقدمت رؤيتها للمرحلة الثانية، بروح من المسؤولية، بما يهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وبدء ترتيب الأوضاع في قطاع غزة على صعيدي الإدارة والإعمار.
وبشأن تشكيل قوة دولية، قال قاسم إن موقف حركته واضح في دعم تشكيل قوات أممية تكون حاجزاً بين جيش الاحتلال والمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، بحيث يقتصر دورها فقط على حفظ السلام والاستقرار ومنع الاحتكاك، لا نزع السلاح، بما يُعد طرح الاحتلال بشأن تكليف القوات بنزع السلاح غير منطقي.