عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Jun-2019

وسط البلد في صيف عمان.. جولة مسائية!

 

وليد سليمان
الراي - مع هذا الصيف يزداد وسط البلد في مدينة عمان جمالاً بأضوائه ومحلاته وأماكن الترويح فيه، كالمقاهي ومطاعم الحلويات والبوظة والمأكولات الشعبية الشرقية والغربية، والاماكن التراثية العريقة.
فقبل الغروب عند المساء وفي الليل يعتدل الجو فينزل الآلاف من المواطنين وسكان وزوار عمان الى وسط البلد للتنزه والتجوال والاستراحة في بعض أماكنها الجميلة والجذابة، وبالذات الى شارع الملك فيصل وما يجاوره من الشوارع الأخرى التي تتميز بالحركة والنشاط التجاري والترفيهي.
وهناك نزهات لطيفة يمكن للعائلة أن تقوم بها سيراً على الأقدام في وسط البلد بدءاً من وقت ما بعد العصر، كالذهاب أولاً بجولة سياحية الى جبل القلعة الاثري المدهش.
في القلعة الأثرية
فمن هناك انطلقنا نحن أفراد الأسرة والأحفاد الصغار بجولة ممتعة بدءاً من جبل قلعة عمان.. وحالما اعتلينا جبل القلعة شعر الأطفال وحتى الكبار بنشوة الانطلاق النفسي اللذيذ.. حيث مساحة شاسعة من السماء الزرقاء تعلو رؤوسنا.. وكذلك الهواء المنعش اللطيف الذي يداعب الأنفاس والضحكات المرحة الصادرة من قلوبنا.
فمن فوق هذا الجبل يستمتع المرء برؤية المشاهد البانورامية الرائعة والمدهشة لجبال وأحياء عمان القديمة..
تلك التي نراها عن بُعدٍ من أمامنا.
فهناك العراقة التي تبدو على بيوت وشوارع وأشجار جبل اللويبدة وجبل عمان.. إذ نرى وبكل دهشة فنون العمارة الشرقية الخلابة بتفاصيلها وهيكلها الخارجي.
فهذا من بعيد قصر منكو ومتحف بيت شقير وقصر البلبيسي وعمارة برية الاردن الزجاجية المذهلة في
تصميمها، وكذلك مستشفى لوزميلا وحدائق وأشجار وبيوت دارة الفنون وغيرها الكثير، فتلك كانت قديماً في معظمها مكانا لسكن المشاهير من رجالات الدولة الاردنية والقادة ومشاهير تجار عمان.
وإذا ما أزحنا النظر قليلاً لا بد ان نشاهد جبل الاشرفية أعلى جبال عمان قديماً، حيث يتربع على قمته بكل شموخ مسجد جامع أبي درويش الشهير بحجارته الملونة بالأبيض والأسود، ومن جانبه جبل الجوفة التاريخي في قدمه والذي يربض من تحته المدرج الروماني السياحي الشهير.
وخلال التجوال ما بين آثار جبل القلعة شاهدنا أعمدة هرقل والبئر الروماني الواسع ثم القصر الأموي وغير ذلك من الآثار الخالدة.
وإكمالاً للنزهة التي كانت سيراً على الأقدام نزلنا من جبل القلعة الى شوارع فرعية تقود الى سفوح جبل القلعة المواجهة للمدرج الروماني، حيث عدة أدراج عريضة تنزل الى شارع الهاشمي.
فضاء المدرج الروماني
نزلنا أحد الادراج الحجرية ونحن ننظر نحو الساحة الهاشمية بمنظرها السحري الجديد، والى المدرج الروماني الذي كان ينادينا لزيارته في الحال.
وقبل اجتياز الشارع نحو الساحة الهاشمية لفت نظرنا تلك المحلات التجارية التي تعرض التحف والانتيكا الشرقية النادرة، وكذلك محلات عرض وبيع الطيور والحيوانات الأليفة الملفتة بجمالها وشكلها.
وعند وصولنا للساحة الهاشمية ركض الاطفال بفرح ومرح في تلك المساحات الجميلة الشاسعة حيث الهواء النقي والفراغ الذي يقوي حاسة البصر.
ودخلنا جميعا الى حرم المدرج الروماني حيث المدرجات شبه الدائرية العالية التي صعدنا عليها، لكن قبل ذلك دخلنا المتحفين اللذين يقعان على يمين ويسار المدرج، حيث هما يعرضان العديد من التراث الشعبي الاردني من الحلي والاثواب والادوات وفنون الفسيفساء.
وتجولنا فترة من الوقت في المدرج الروماني وشاهدنا عظمة هذا الجبل - جبل قلعة عمان- حيث كنا نقف عليه قبل نحو ساعة.. وكانت من بعيد تبدو بعض الملامح من السواح الاجانب يقفون عند حافة جبل القلعة التي تطل جهة المدرج الروماني.
أسواق بنكهة شعبية
وعندما تركنا هذا الموقع نحو وسط البلد اقتربنا من سبيل الحوريات هذا المكان الاثري الجميل في شارع سقف السيل، ثم انعطفنا الى سوق السكر الشعبي للسلع التجارية، وسوق الخضار الذي كان اول سوق خضار قديم في عمان.
ثم اصبحنا في مواجهة ساحة المسجد الحسيني الكبير، وهو اشهر مسجد قديم في مدينة عمان وما زال، والذي تم بناؤه حوالي عام 1925.
وبالقرب من المسجد دخلنا سوق البخارية لتعريف الصغار باقدم سوق في عمان، ثم تجولنا في سوق اليمنية القريب والخاص بالملابس الرجالية وتصليحها.. وتلك الاسواق تقع في شارع الملك طلال المخصص لبيع الكوفيات والعباءات وملابس وأقمشة البدو والفلاحين من الرجال والنساء.
السعادة والرضا!
ثم رجعنا للخلف للدخول عبر شارع السعادة المواجه للمسجد الحسيني.. وعندما سأل احدهم من مرافقينا ولماذا سُمي بشارع السعادة؟! كان الجواب: لأن محلات هذا الشارع كانت قديما أشبه بالسوق الذي يعرض الملابس والاقمشة النسائية ومستلزمات العرائس، لذا كان منظرالشارع مبهجا للنفس ويدعو الى السعادة.
وكان شارع الرضا القصير والموازي لشارع السعادة بقربنا لا يبعد سوى عدة أمتار فسرنا فيه.. حيث هناك دخلة تقود الى درج يؤدي الى أول شارع الشابسوغ وسوق الذهب.. وفي هذه الدخلة يتجمع الناس والعائلات حيث يجلسون على المقاعد لتناول العصائر الطازجة، وهناك في الدخلة مطعمان حديثان يقدمان مأكولات شرقية تُصنع على الصاج الساخن، ومطعم آخر يقدم الحلويات الحديثة والجديدة على مجتمع عمان.
فما كان من البعض منا إلا ان أحبوا الجلوس وتناول بعض تلك المأكولات السريعة واللذيذة المسلية لتجربتها!.
استراحات في ساحة فيصل
وعند توجهنا الى شارع الملك فيصل الذي لا يبعد عن مكاننا السابق سوى مئة مترٍ، كان الليل الجميل يخيم على وسط البلد في عمان.. فتوقفنا عند أول شارع الملك فيصل حيث سوق الذهب ومن فوقه مقهى كوكب الشرق.. وعند مدخل هذا السوق كان لا بد من شراء الفستق الطازج من بسطة أحمد النيجيري.
ثم سرنا على الرصيف الواسع نحو كشك الثقافة العربية لصاحبه «حسن ابو علي» الذي رحب بنا وخيَّرنا ما بين شرب المرطبات او أكل الكنافة من جاره «كنافة حبيبة» فاتفق الجميع على تناول الكنافة الشهية الساخنة.
ولفت انتباهنا ونحن نقف عند كشك كتب «ابو علي» أن نرى بعض الاماكن الطريفة والحديثة نسبياً.. مثل المحل الشرقي الجميل والقريب جداً من حبيبة وهو محل البوظة الشهيرة «بكداش» الذي افتتح خلف البنك العربي منذ حوالي السنة.
وقبل نحو اسبوعين تم إعادة افتتاح هذا الشارع- شارع الملك غازي - المعروف بشارع سوق الذهب وسينما الحسين - والذي يقع فيه مطعم بوظة بكداش.. ذلك بعد قيام أمانة عمان الكبرى بتحديث الشارع وأرصفته وأعمدة الكهرباء به بشكل هندسي بديع كشارع سياحي وتجاري مميز في وسط البلد بعمان، حيث جرى احتفال لطيف يوم ذاك بالدبكات والغناء والموسيقى وبمشاركة أمين عمان د. الشواربة وأصحاب المحلات والجمهور. ومنذ نحو شهرين ومقابل «كشك ابو علي» أنشئ مقهى جديد او كوفي شوب بشرفته الجميلة المستحدثة.
وهذا المقهى العائلي حلَّ محل مركز مخفر المدينة بشارع الملك فيصل.
 
الثقافة والتراث الأردني
وبجانب «كشك ابو علي» كانت وما زالت مطحنة القهوة «الفيومي والشربجي» والتي تُعد من أقدم مطاحن وبيع القهوة والبن في عمان، ومن فوقها ديوان الدوق هذا المتحف الاردني التراثي بمعماره الخارجي والداخلي الجميل، حيث هو مفتوح لكل زائر يريد مشاهدة مقتنياته التراثية والاستراحة على مقاعده القديمة.. ويُعد هذا المبنى من أقدم المباني في شارع الملك فيصل.
وتذكرنا مع أبي علي ان هذه الساحة أو هذا الشارع -شارع الملك فيصل- كان قديماً مكانا للاستعراضات والاحتفالات الوطنية والشعبية، حيث كانت تقام المنصات في وسطه، وتُلقى منها الخطابات.. وكان يزور هذه الساحة قديما في المناسبات الوطنية الامير والملك فيما بعد عبداالله الاول، والملك الحسين بن طلال رحمهما االله.
وعندما تابعنا سيرنا قليلاً شاهدنا الدخلة الجميلة الاخرى بجانب البنك العربي والتي كانت تقود الى سينما الحسين.. حيث في الدخلة ورود ومقاعد وطاولات وأناس يجلسون مستمتعين بهذه الجلسة مع تناولهم المشروبات والمرطبات الباردة في صيف عمان.
وقبل الوصول الى كشك الطليعة للكتب لصاحبه احمد حسن ابو زياد لاحظنا تواجد محلات جديدة للعطارة التي تقع تحت مقهى عفرا، واختفاء محل بيت المدخن القديم جداً.
أما في دخلة كشك الطليعة فقد استحدث مطعم تراثي مع جلسة فضائية جميلة في في نفس الدخلة .. وفي هذا المكان اعتاد مؤخراً ان يواظب الموسيقار بكر ابو بكر كل عدة أيام بالجلوس في أول الدخلة مع عوده ليُمتع أسماع المارة بموسيقاه وأغانيه الجميلة وبصوته العذب.
لم ندخل شارع الملك الحسين - شارع السلط قديماً - والذي يبدأ من عند كشك الطليعة، لأن من معنا على ما يبدو قد تعبوا قليلاً وأرادوا الجلوس في مطعم ما لتناول أية وجبة شعبية.. لذلك فقد أشرنا لهم عن هذا الشارع شارع الملك الحسين بأنه يضم أشهر المطاعم في عمان مثل: القدس، وجبري، وحبيبة الفرع الأوسع..
وفي الشارع أيضاً أماكن عريقة كمقهى السنترال ودرج الكلحة وسينما زهران القديمة ومكتبة المحتسب، وبعض المقاهي التي ظهرت منذ سنوات بشرفاتها البديعة التي تطل على الشارع.
مطاعم شعبية وعندما تركنا كشك الطليعة والمسؤول عنه سامي.. اجتزنا الشارع نحو الرصيف الآخر لشارع الملك فيصل حيث دخلة سينما عمان القديمة.
فقد كان ما يُزين بداية هذه الدخلة هو كشك الكتب لصاحبه سليمان الحوراني. وبعد السلام عليه حدثنا الحوراني: ان شارع الملك فيصل في الليل ممتع جداً وخلاب بأماكنه المزينة بحبال الزينة والأضواء وشرفات المقاهي والناس الساهرين في هذه الأجواء المدهشة.. لذا فإن الحوراني يفتح كشك كتبه من وقت العصر الى الليل حتى الصباح.
وفي دخلة سينما عمان كذلك هناك مطعمان شهيران بالمشاوي والطعام وهما مطعم شهرزاد، ومطعم ابو زغلة.
وعندما غادرنا هذه الدخلة رجعنا الى الخلف نحو مطعم هاشم.. وقبل الدخول الى هذا المطعم الشعبي الشهير «هاشم ابو الشباب» للفول والحمص... وقفنا على الرصيف وأشرنا للمجموعة من أفراد الأسرة الى عدة أماكن شعبية وجميلة ومشهورة مثل: الدخلات التي يتواجد فيها مطعم فؤاد لسندويشات الفلافل، وسوق الوحمة للعصائر والفواكه النادرة، والمطاعم المتعددة للمشاوي والكفتة والشقف، ومقهى الاوبرج الذي يقع قبالة مطعم هاشم.
مقاه حديثة بوجه تراثي ومن بعيد قليلاً ضمن محيط مبنى البريد القديم أشرنا الى كشك الكتب التراثية «خزانة الجاحظ» لأصحابه من آل المعايطة، ومن بعده المقهيان التراثيان جفرا وزجل، ومن تحتهما كانت تبدو المحلات الجميلة المتخصصة بالتحف الشرقية والهدايا وأقراس السي دي.
الفول والحمص عند هاشم وأخيراً دخلنا الى مطعم هاشم حيث جلسنا في مدخل المطعم المطل على الشارع وتناولنا وجبة شعبية لذيذة مكونة من الحمص والفول والمسبحة والبطاطا والفلافل والشاي.. وكانت الجلسة رائعة للصغار والكبار.
وتذكرنا أيام الشباب حيث كنا قديماً بالمرحلة الثانوية في سبعينيات القرن الماضي نذهب مساءً الى مطعم هاشم لأكل الحمص والفول مع «التصليحة» التي اختفت!.
والتصليحة كانت قديما هي اضافة قليل من الفول في الصحن الفارغ الذي التهمه الشباب وقد بقي لديهم قليل من الخبز يريدون غماسا له، وكانت تلك التصليحة مجانية.