عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Aug-2020

رزان إبراهيم تخط كتاب “إشكاليات ورؤى نقدية في قصص الأطفال”

 

عزيزة علي
 
عمان- الغد-  صدر عن الأهلية للنشر والتوزيع/ عمان كتاب بعنوان “إشكاليات ورؤى نقدية في قصص الأطفال”، للدكتورة رزان إبراهيم، يتناول الكتاب بالنقد والتحليل عدداً كبيراً من قصص الأطفال التي تخضعها الباحثة لاشتراطات أسلوبية ومرجعيات نفسية تربوية، وأخرى فنية جمالية.
والكتاب في عمومه ينقسم إلى سبعة فصول توزعت على مواضيع متنوعة، منها موضوع المادة التراثية، وكيفية استثمارها لصالح الطفل بطريقة جذابة وممتعة، كما يتوقف الكتاب ملياً أمام تقابلات ثنائية تحكم موضوع الخيال والواقع، في إطار تطبيقي عملي يبرز أهمية الخيال للأطفال.
خصصت الدارسة حيزاً خاصاً في الكتاب تناولت فيه مواضيع قصصية متنوعة تمس الطفل في حياته اليومية؛ كالتنمر، والتمييز العنصري، والحرية، والإعاقة. كما يلقي الكتاب الضوء على قصص عرضت لقضايا دينية وغيبية، وغيرها من مواضيع، كما يناقش الكتاب في إطار أكاديمي ينحاز إلى الجمالي الممتع الذي تعده الدارسة شرطاً أساسياً في تحقيق تواصل ثري فاعل مع طفل اليوم، بما يضمن وسيلة جذب تربط الطفل بالأدب طيلة حياته.
ينقسم الكتاب إلى سبعة فصول، وكل فصل هو محاولة في الغوص عن إجابة ترد على سؤال يشكل عنواناً رئيسياً للفصل الواحد، وضمن التسلسل الآتي: كيف يمكن لقصص الأطفال أن تستثمر المادة التراثية؟ كيف تراءت ثنائية الخيال والواقع في أدب الطفل؟ كيف تعاملت القصة مع المسألة الفلسطينية؟ ما دور قصص الأطفال سلباً أو إيجاباً في مسألة العنف؟ كيف يمكن تبسيط المعلومة العلمية من خلال قصص الأطفال؟ أين نحن من قصص البالغين أو الناشئة؟ كيف يمكن تقديم القصص الشعرية للطفل؟
تشير إبراهيم الى أنها في هذه الدراسة انحازت إلى المنحى التطبيقي في أدب الطفل، الأمر الذي جعلها تنطلق في فضاء قرابة الستين منجزاً أدبيا في عالم الطفل من مختلف البلدان العربية وغير العربية أحيانا. وأي منتج أدبي تتناوله الدراسة ستتم معاينته وفق مقتضيات المتعة والفائدة، وفي مقدار مساهمته في النمو الاجتماعي والعقلي والوجداني للطفل، إضافة إلى هدف جوهري يسعى الى تقديم مقومات الطمأنينية والاستقرار النفسي له، وربما أيضاً تحفيز الطفل على أن يفعل شيئاً ذا قيمة، مع ضرورة الاهتمام بعناصر الجذب والتشويق التي تلعب الدور الأكبر في إثارة اهتمام الطفل، وحثه على متابعة ما يقرأ.
الهدف من هذه الدراسة بحسب المؤلفة هو: “تنبيه دوائر النشر، وكل سلطات مسؤولة إلى أهمية التدقيق فيما يختار للطفل، فأزمة كتاب الطفل ليست بالكم الذي يصدر، فهو في ظني غزير، لكن الكثير منه لا يمتلك الشكل الفني اللائق بأطفالنا، والمطلوب هو سحب الكتب الأدبية المزيفة، بل ووضع خطة لاختفائها جميعاً، ونشر كل ما هو جميل على المستوى المادي والأدبي”.
تحدثت إبراهيم، في تصريح لـ”الغد”، عن بعض الملاحظات التي شاهدتها من خلال متابعتها في هذه الدراسة مثل؛ لم تصدر قصص تخص فلسطين في أدب الطفل العربي، ولاحظت تراجعا في تقديم القضية الفلسطينية للطفل العربي في الفترة الأخيرة، “هذا التراجع مخيب لاعتقادي أن قصصا تقدم له حول فلسطين تشكل بالضرورة جانبا توثيقيا من شأنه حفظ الذاكرة الفلسطينية التي يراهن الصهاينة على اندثارها مع الوقت، عدا ما يمكن أن تخلفه هذه القصص من قدرة للطفل القارئ على التصدي لكل أشكال الظلم البشري”.
وتشير إبراهيم إلى الحجج التي سمعتها حول حق الطفل في العيش بعيدا عن جو الهموم والمقاومة، وتعتقد أن الأمر “لا ينفصل عن توجه سياسي عام تأثر بسلسة الإحباطات والخيبات العربية المتتالية التي جعلت فلسطين كقضية تتراجع عما كانت عليه”، في الجانب الآخر هناك مؤسسات إسرائيلية تقلب الحقائق وتزورها، داعية الى “حراك أدبي يفند كل ما يصدر عن الفكر الصهيوني في أدبه العالمي الموجه للأطفال”.
وتعتبر إبراهيم “أن الطفل العربي وليس الفلسطيني وحسب، معني بمعرفة حقيقة ما حدث لفلسطين من وجهة نظر المظلوم لا الظالم. طبعا لا تغيب عني أسماء رائدة كتبت للطفل الفلسطيني وعنه، وشرحت له أصول القضية، منهم توفيق فياض، ويحيى يخلف”، مشيدة بالدور الذي لعبته روضة الهدهد في الأردن؛ حيث أصدرت مجموعة من القصص المقاومة الداعية للوقوف في وجه الغطرسة، وهو ما نهجت فيه شخصيات إنسانية تاريخية حقيقية، خلافاً لما شهدناه في كثير من نماذج متأخرة في أدب الطفل الفلسطيني عزفت عن التعبير المباشر عن المعاناة الفلسطينية، وآثرت على نحو لافت تقديم الحكايات المختلفة على لسان الحيوانات.
كما تناولت الدراسة قضية مهمة، كما تقول إبراهيم، وهي: دور قصص الأطفال سلبية وإيجابية في مسألة العنف، خصوصا أن مجتمعاتنا باتت تشهد الكثير منه في المنازل والمدارس والجامعات، مشيرة الى أن العنف واقع بين عمليتي تحريض وكبح، ووجود استعدادات فطرية، الأدب عموما وقصص الأطفال خصوصا يمكنها أن تلعب دورا في الكبح من سلوكيات عدوانية تتراوح بين الجسدي والكلامي والنفسي، وهنا التحدي الأكبر الذي يواجهه كاتب أدب الطفل يكمن في قدرته على خلق مادة أدبية ذات مستوى جمالي تحدث الأثر المطلوب. في هذا السياق وقعت على كم لا بأس به من القصص التي تدعو الطفل كي يواجه أنواع التسلط والتنمر الذي يقع عليه، وتستحثه على نبذ العنف والاقتتال باستخدام المنطق والعقل، كما عرضت لقصص تتناول قضية التنمر وتعرض الطفل الكبير لمن هو أصغر منه.
والكتاب يحيل إلى بعض الأعمال المكتوبة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تنبثق عن دراية بكوامنهم النفسية، وبإمكانياتهم التي يثبتها تاريخ ظهرت فيه شخصيات تركت بصمة كبيرة في حياة المجتمعات رغم إعاقتها، كما تناولت الدراسة بالشرح والتحليل قصصا تحارب التمييز العنصري الذي يعززه الكبار في نفوس أطفالهم من حيث لا يدرون فيربطون، على سبيل المثال، بين الجمال والبياض والعينين الملونتين. لفتتني أكثر من قصة ربطت بين العنف وحرمان الطفل من حريته، وبعضها كان قادرا على طرح هذا الموضوع بأسلوب متوازن يصدر عن معرفة بكيفية مخاطبة الطفل وإقناعه.
أيضا، تناولت الدراسة بعض الأعمال المكتوبة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، توضح المؤلفة أنها كتبت بدراية بكوامنهم النفسية، وبإمكانياتهم التي يثبتها تاريخ حيث ظهرت شخصيات تركت بصمة كبيرة في حياة المجتمعات رغم إعاقتها، وتناولتها الباحثة بالشرح والتحليل، وهناك قصص تحارب التمييز العنصري الذي يعززه الكبار في نفوس أطفالهم من حيث لا يدرون فيربطون على سبيل المثال بين الجمال والبياض والعينين الملونتين.
وقالت إبراهيم هناك قصص ربطت بين العنف وحرمان الطفل من حريته، وبعضها كان قادرا على طرح هذا الموضوع بأسلوب متوازن يصدر عن معرفة بكيفية مخاطبة الطفل وإقناعه، أما القصص الدينية فحصتها حتى تختار منها ما يعزز قبول الآخر ويؤكد أن الاختلاف بين البشر حق وشيء طبيعي، وأن الناس يختلفون بعقائدهم كما في أمزجتهم، كما تركت فسحة للحديث عن موضوع الموت وكيف أن الطفل سيقع في إرباك نفسي وسلوكي خطير لو لم يجد شرحا يتلاءم وصحته النفسية حماية له من التعرض لصدمة شديدة قد تؤدي إلى مشاكل مستقبلية صعبة.
ورأت إبراهيم أن موضوع الموت في قصص الأطفال غير موجود، وهي تعتبر أن الموت من المواضيع التي لا يشيع تناولها في أدب الطفل العربي، علماً أن كل طفل في هذا العالم معرض لفقدان شخص قريب منه، لذلك يبدو من المنطقي أن يتم استخدام القصص لمساعدة الطفل على تجاوز المحنة التي يجابهها جراء فقدان شخص عزيز عليه، وهو ما حاولت تبيانه من خلال بعض النماذج القصصية التي مرت بها.
وتقول المؤلفة حول اهتمامها بقصص الأطفال: “اهتمامي انبثق منذ الطفولة عندما كنت أستمع لحكايات الجدة بكثير من الإنصات والمتعة. حين كبرت أكثر، كنت محظوظة؛ إذ توفرت لي البيئة التي تهتم بالكتب والقصص. وهنا أذكر فضل والدي رحمه الله في توفير قصص الأطفال في مكتبة البيت، كما أني أدرس مادة أدب الأطفال في جامعة البترا منذ سنوات طويلة”، كما أن مشاركتها في مؤتمرات وندوات حول أدب الأطفال، وعضويتها لجنة تحكيم في أكثر من جائزة عربية مخصصة لأدب الأطفال، ساعدتاها على مواكبة ما يكتب للطفل العربي في هذه الأيام، كما أنها تشرف الآن على صفحة “آدم ومشمش”، المعنية بتدريس اللغة العربية للأطفال بطريقة جذابة وممتعة بالاستعانة بالموسيقى والغناء. وتطرقت إبراهيم لمشروع “آدم ومشمش”، قائلة: “هو مشروع غنائي كرتوني يساعد الأطفال على تعلم اللغة العربية من خلال الموسيقى واللعب، وهو يستهدف الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة. ابتدأ المشروع كقناة على “يوتيوب”، مع فرقة تقدم حفلات موسيقية ومسرحيات. وهو اليوم يضم خبراء للتعلم في السنين المبكرة، ويعمل على منصة تحمل منهاجا للأطفال فيه قصص، مطبوعات، ألعاب إلكترونية، أغان وحلقات تتمحور حول شخصيتي آدم ومشمش”.