عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-May-2019

هل سنعیش إلی الأبد علی الجولات؟ - بقلم: الون بن دافید
معاریف
 
مثل ملاكمین تعبین وقف الطرفان لجولة رقم ثمانیة ھذه السنة، بدایتھا ونھایتھا معروفتین مسبقا.
كلاھما یعرفان انھ لن تكون ھنا ضربة قاضیة باستثناء انھ لا یوجد محكم یعلن عن نھایة المعركة،
وكل جولة عقیمة ھي مجرد مقدمة للجولة التالیة. أي طرف لا ینتصر ھنا ولا یربح شیئا. المال
القطري لیس انتصارا لحماس – فھو یشتري لھم ولنا فقط زمنا اضافیا آخر. یجدر بنا أن نستغل
ھذا الزمن كي نكسر الدائرة السحریة التي نعلق فیھا.
من جولة الى جولة یرتفع السعر. فقد نجح الطرفان في أن یوجھا ھذه المرة عدة ضربات مفاجئة:
إسرائیل بھجمات اكثر قوة، من حیث النوع والحجم، والغزیون بنار مضادات الدروع، باستخدام
أول للحوامات وبالصواریخ الثقیلة (التي نجحت القبة الحدیدیة في اعتراضھا لاول مرة). كلاھما
یخشیان جولة یكون فیھا كل شيء مسموحا بھ، ولھذا فقد نجحا في التوقف قبل الانزلاق إلى
مواجھة واسعة. ولكن واضح لھم ما بان الجولة الثانیة ستأتي في غضون أیام أو أسابیع، باستثناء
أن أربعة إسرائیلیین لن یحظوا برؤیتھا.
في السبت الماضي، حین كان واضحا باننا في ذروة الجولة، وقف رئیس الاركان الجدید أفیف كوخافي أمام رئیس الوزراء وفي جعبتھ القائمة المعروفة: ھجمات جویة بقوى مختلفة، عملیة بریة محدودة وحملة واسعة. كان ھاما لكوخافي أن یوضح بانھ أكثر قتالیا من سلفھ. ولھذا فقد وعد بجولة ھجمات جویة اقسى بكثیر. نتنیاھو – الذي فھم بان ثمن عملیة بریة، حتى لو كانت محدودة، ستكون ألیمة – أخذت الاقتراح بكلتي یدیھ.
وبالفعل، سلاح الجو في ضرباتھ في غزة على مدى یومین، ولغرض التغییر ایضا جبى ثمنا بالأرواح من حماس. ولكن لیس الجیش ولا نتنیاھو ادعیا في نھایة الجولة بانھ تحقق ھنا ردع. فقد اشترینا في اقصى الأحوال بضعة أسابیع من الھدوء. أحد لم یقف أمام سكان الجنوب لیقول لھم الحقیقة البسیطة: المشكلة في غزة لیست مشكلة عسكریة ولیس لھا حل عسكري.
یعرف رئیس الوزراء جیدا انھ لا یھم كم نقصف غزة. ھذا لن یحل مشكلة المیاه فیھا، لن یوفر لا
الكھرباء او التشغیل لملیونین من سكانھا. ما الذي لم نفعلھ في غزة حتى الان؟ من تصفیة قیادة
حماس وحتى تخریب مناطق كاملة في القطاع. الیوم ایضا، كل الخطط التي لدى الجیش، من
المعتدلة وحتى المتطرفة منھا، ستؤدي بنا في النھایة بالضبط الى ذات النقطة التي نوجد فیھا والى
الانشغال بھذه المسائل. لا یوجد أي حل سحري، یخفي تماما التھدید من غزة – ولا حتى الاحتلال
الكامل للقطاع.
ولكن توجد قیادة حماسیة براغماتیة، تتطلع لحفظ حكمھا، وتشرح لنا منذ قرابة خمس سنوات بانھا
مستعدة لوقف نار طویل المدى مقابل التسویة. كتبت غیر قلیل في السنوات الاخیرة عن امكانیة
التسویة في غزة. فھي لا تضمن جیرة طیبة، ولكن یمكنھا ان تعطي غزة حافزا للحفاظ على الھدوء
وربما ترفع علاقتنا مع القطاع الى مستویات اخرى. على الطریق، ستمنح إسرائیل فضلا سیاسیا
واضحا ایضا، تسمح لنا بتقسیم المشكلة الفلسطینیة إلى قسمین واتخاذ سیاسة مختلفة تجاه الاقلیمین، المنفصلین على أي حال ایضا.
یمیز نتنیاھو بین ”التفاھمات“، وھذه ھي المرحلة التي نوجد فیھا الآن، وبین ”التسویة“، والتي ھي
اعتراف بحكم الامر الواقع بدولة حماس سیمنحھا قدرات وجود مستقل. یفھم بان التسویة مع غزة
فیھا فرص كثیرة، ولكن لاعتبارات سیاسیة یخشى السیر حتى النھایة ویختار سیاسة ما یسمیھ
الأمیركیون ”ركل العبوة في الطریق“.
استمرار ”التفاھمات“ یمنحنا ھدوء قصیر الأمد. ھذا سیسمح للفلسطینیین بالاحتفال برمضان مع
بعض الأموال في الجیب ویسمح لنا بالاحتفال بالاستقلال والایروفزیون بھدوء. ولكن من غیر المعقول ان نواصل بعیون مفتوحة نحو جولة وجولة اخرى، فما بالك أن ثمن ھذه الجولات یرتفع فقط. فقد أعلنت حماس منذ الان بانھا ستواصل المظاھرات على الجدار – ما یعني أن التصعید التالي سیأتي قریبا حقا. ھذا لیس محتما ولیس في النجوم – ھذا متعلق بنا. في عمر 71 حان الوقت للتخلي عن المعتقدات العلیلة: أبو مازن وفتح لن یعودا للحكم في غزة في المستقبل المنظور للعیان كما انھ لا توجد أي خطوة عسكریة، أو أي من الأفكار الإبداعیة التي تغیر حقیقة انھ في جیرتنا یوجد كیان من ملیوني نسمة، بلا میاه، طاقة وقدرات لنیل الرزق. لقد منحت نتائج الانتخابات نتنیاھو تفویضا واسعا لتصدر قیادة شجاعة تخرجنا من ھذا التكرار للجولات. فقط اذا ما تجرأ – سیتمكن ایضا.
في عمرنا المتقدم حان الوقت لان نختار ایضا اذا كان 71 ھو عمر الحكمة او الخرف. نحن دولة قویة ولكن فزعة، متقدمة ولكن ظلماء، تسكن بأمان ولكن تھتز، تزدھر ولكن الكثیر من سكانھا فقراء. لقد كانت حارة الشرق الأوسط وما تزال صعبة، ولكنھا ایضا أقل تھدیدا بكثیر. فیھا فرص ستسمح لنا بتعمیق الجذور في ھذا المكان، مع الفھم باننا لا بد سنقاتل في سبیل وجودنا ھنا. السلام مع المحیط على ما یبدو لن یتحقق في ھذه السنة، ولكن تعالوا نبدأ بالسلام في داخلنا.