عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Feb-2019

المجالس الأدبیة في بغداد.. إرث عریق بروح معاصرة
عمان -الغد- إذا اجتمع العلم والجمال في مكان فاعلم أنھا بغداد، ھكذا یقول مبدعوھا، فعلى
ضفتي دجلة وعلى جانبیھا الكرخ والرصافة كانت تعقد المجالس الأدبیة في بیوتات بغداد القدیمة، وكانت لھا مواعید زمانیة ومكانیة ثابتة، حیث تقام فیھا جلسات نقاشیة فكریة اجتماعیة وأدبیة وسیاسیة ودینیة.
وبحسب (الجزیرة نت)، یمتد تاریخ ھذه المجالس إلى العصر العباسي الذھبي، ولم یكن یخلو قصر أو جامع آنذاك من ھذه المجالس التي یتسامر فیھا الأدباء والشعراء مع الأمراء والأعلام من أھالي بغداد وذلك عندما كانت المدینة قبلة العلماء والشعراء والفقھاء والأدباء یأتون إلیھا من كل حدب وصوب.
وتتنوع المجالس من كل صنف ولون، فمنھا مجالس المقاھي حیث كان للشاعر معروف الرصافي مجلس في مقھى ”الشط“ بمنطقة المصبغة یعرفھ كل أھالي بغداد، وكانوا یصفونھ بـ“الحافل بالفكر والأدب والسیاسة والشعر“ یجتمع فیھ علیة القوم ووجھاء الشعب وعامتھ. وتضاف إلى تلك المقاھي المجالس المجتمعیة التي كانت تعقد في البیوت أو في الجوامع، حیث
كانت لعلماء الدین أیضا مجالسھم الحافلة بالأدب والشعر والقصص، بالإضافة إلى العلوم الشرعیة، ومن أبرزھا مجلس آل الصدر في مدینة الكاظمیة ومجلس منتدى الامام أبي حنیفة وغیرھا.
ویتداول العراقیون مثلا قدیما یقول إن ”المجالس مدارس“ لما لھا من تأثیر على المجتمع بفئاتھ المختلفة، بل كادت أن تكون ردیفة للمدارس والمعاھد في تلك الأزمان.
ویحاول بعض المثقفین العراقیین الیوم لملمة ما فقدوه من رحیل للأعلام وھجرة العدید من المثقفین والكوادر العلمیة من العراق، وذلك من خلال إقامة ندوات ثقافیة بمبادرات فردیة یتبنونھا على نفقتھم الخاصة.
ومن جدید عادت ھذه المجالس مؤخرا، وبرز من بینھا مجلس الصفار ومجلس الشیخ المنصور، بالإضافة إلى المركز الثقافي في شارع المتنبي، وتأسست رابطة تعنى بشؤون ھذه المجالس ھي رابطة المجالس البغدادیة ویرأسھا صادق الربیعي.
وعلى غرار المجالس الأدبیة العریقة تبنت عائلة البغدادي الإرث الذي كانت تضمھ تلك المنتدیات من علم وثقافة وتجربة لتعید إحیاءه مجددا ولكن بقالب آخر، حیث أسس طالب البغدادي مجلسا في منطقة الأعظمیة ببغداد العام 2016 ،وقال في حدیث للجزیرة نت إنھ یسعى من خلال ذلك إلى تعمیق الثقافة ونشر الوعي في المجتمع.
وأضاف أنھ یعمل جاھدا على أن یكون مجلسھ موسوعیا یضم جمیع العلوم والفنون والتاریخ ما عدا الخوض في السیاسة والدین بسبب الوضع الحساس الذي یمر بھ العراق، بحسب قولھ.
ویضم المجلس البغدادي مكتبة ومتحفا یتضمن تحفا بغدادیة، وھو امتداد لمجلس قدیم كان البغدادي قد أسسھ مع أخیھ في ثمانینیات القرن الماضي عرف وقتھا بـ“المزاد البغدادي“، وكان عبارة عن ندوات تقام لتعریف الحاضرین والزبائن بالقطع الأثریة النادرة وتاریخھا.
ویسعى مؤسسو المجلس البغدادي إلى تطویر المشروع، حیث یأملون بأن یجعلوه مكتبة كبیرة تحوي مئات المجلدات والدراسات لمساعدة طلاب الدراسات العلیا والجامعات ومحبي القراءة من أجل تشجیع ثقافة المطالعة التي انحسرت في السنوات الأخیرة، كما یؤكد مدیر المؤسسة مقداد البغدادي للجزیرة نت.
لكن ما یغیب عن ھذه المبادرات ھو حضور وزارة الثقافة، حیث یقول البغدادي إنھم یطمحون لأن یكون للوزارة دور فعال في ھذه الجلسات لتفعیل ھذه المجالس وإدراجھا ضمن مھامھا الرسمیة من أجل استمرارھا ودیمومتھا، خاصة أنھا فردیة وغیر ربحیة.
وتتنوع مشارب الحاضرین في ھذا المجال كما یشیر الأكادیمي فاروق ناجي للجزیرة نت الذي یحافظ على الحضور إلى مجلس البغدادي، ویشارك في جلساتھ من خلال إلقاء المحاضرات باعتباره رئیسا لقسم الإعلام في الجامعة العراقیة ببغداد، ولدیھ كتب وروایات عدة.
ویواظب ناجي أیضا على الحضور في مجالس أخرى، منھا مجلس الجواھریة في منطقة الكاظمیة، وجمعیة محروس المدرس التي تقام فیھا الندوات الفكریة مرتین في الشھر، معتبرا أنھا أصبحت كالغذاء الروحي بالنسبة لھ.
وعلى الرغم من أن حضور الشباب تلك الجلسات ما یزال محدودا فإننا نلمح في بعضھا وجودا لھم، ومن بینھم سامر الخفاجي، وھو طالب لغة عربیة یقول إن إرادة إحیاء ھذه الصالونات والمنتدیات الثقافیة والمناخ الذي تفرزه من العوامل المساعدة على ارتفاع الوعي في المجتمع، حیث تضمن التواصل مع الجماھیر الشغوفة بالثقافة وتتحول إلى منصات للشعراء والأدباء لیعبروا من خلالھا عن إبداعاتھم وأعمالھم، على حد قولھ.