متطلب انتقالي للمرحلة الثانية.. تشكيل اللجنة الفلسطينية المؤقتة لإدارة غزة
تضم مستقلين "تكنوقراط" من القطاع وتتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات
الغد-نادية سعد الدين
تُعد خطوة تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة لإدارة قطاع غزة التي اتفقت عليها الفصائل الفلسطينية خلال اجتماعها الأخير بالقاهرة، متطلباً حيوياً ضمن مساعي الانتقال من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار إلى المرحلة الثانية منه التي تُواجه عقبات كبيرة أمام خروقات الاحتلال المتواصلة لتنفيذه وشروط أميركية صهيونية بنزع سلاح المقاومة.
ومن المرتقب أن يُعزز الإقدام على تشكيل اللجنة المُتفق عليها تثبيت الهدنة في غزة، عبر تنفيذ مهمتها في إعمار القطاع، بحسب اتفاق الفصائل الفلسطينية بأهمية التنسيق الداخلي في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، شريطة التزام الاحتلال بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، أسوة بحركة "حماس" التي تؤكد دوماً حرصها على نجاح الاتفاق وتطبيقه عملياً.
وتضم اللجنة المسؤولة عن إدارة قطاع غزة، وفق اتفاق الفصائل، مستقلين "تكنوقراط" من أبناء القطاع، وتتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية بالتعاون مع الدول العربية والمؤسسات الدولية، وعلى قاعدة من الشفافية والمساءلة الوطنية، إلى جانب إنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع، مع التأكيد على وحدة النظام السياسي الفلسطيني والقرار الوطني المستقل.
إلا أن تلك الخطوة تستدعي بأن يتم رفدّها بعقد اجتماع عاجل لإجراء حوار وطني شامل يجمع كافة القوى والفصائل الفلسطينية للاتفاق على إستراتيجية وطنية وتفعيل منظمة التحرير، بوصفها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، بحيث تضم مكونات الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة كافة، بحسب ما دعت إليه الفصائل المجتمعة في القاهرة.
وقالت "حماس" أنها تلقت ضمانات واضحة من مصر وقطر وتركيا، إلى جانب تأكيدات مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية، بانتهاء حرب الإبادة الجماعية ضد غزة فعلياً، وأن تنفيذ بنود الاتفاق يُعد نهائيتها النهائية.
ونفذت "حماس"، وفق المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، المرحلة الأولى من الاتفاق بنقل أسرى الاحتلال الأحياء وبعض الجثث، فيما تعمل الآن على استكمال نقل الجثث المتبقية لديها.
أما المرحلة الثانية من الاتفاق، فتتطلب المزيد من النقاش والتفاهم مع الوسطاء، كونها تتضمن قضايا عامة وإشكاليات معقدة تتطلب مقاربات دقيقة، وفق قاسم.
وقد عقد عدد من الفصائل الفلسطينية اجتماعاً مؤخراً في القاهرة لبحث تطورات القضية الفلسطينية ومناقشة المرحلة الثانية من خطة الرئيس "ترامب" لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، وذلك في إطار التمهيد لعقد حوار وطني شامل لحماية المشروع الوطني واستعادة الوحدة الفلسطينية.
وأكدت الفصائل المجتمعة ضرورة استكمال الجهود لإنهاء المعاناة وتحقيق مستقبل أفضل للشعب والقضية الفلسطينية، معتبرة أن المرحلة الراهنة تتطلب موقفاً وطنياً موحداً ورؤية سياسية وطنية وعملاً مشتركاً لمجابهة التحديات المُحدّقّة بالقضية الفلسطينية، ورفض مخططات الضم والتهجير في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
ولفتت إلى أهمية دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل، وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح، وإدخال الاحتياجات الإنسانية والصحية كافة، وبدء عملية إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية للقطاع وتنهي معاناة الفلسطينيين.
واتفق المجتمعون على اتخاد جميع الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والاستقرار في كافة أرجاء القطاع، مؤكدين أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار.
ودعوا إلى إنهاء كافة أشكال التعذيب والانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وضرورة إلزام الاحتلال بالقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة، مؤكدين أن قضية الأسرى ستبقى على رأس أولويات الفصائل الفلسطينية حتى نيل حريتهم.
في الأثناء؛ حذرت "اليونسيف" من خطر ضياع جيل بكامله في قطاع غزة المحاصر والمدمّر، حيث يشهد نظام التعليم حالة "انهيار" بعد عامين من الحرب.
وأفادت بأن "85 % من المدارس دُمّرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام"، فيما تستخدم كثير من المدارس المتبقية كملاجئ للنازحين، فيما يُواجّه الأطفال والمعلمين صعوبات التنقل المستمرة بسبب النزوح والعمليات العسكرية، في وقت ينشغل معظم المدرسين بتأمين الطعام والماء لعائلاتهم.
يُشار إلى أن 20.058 طالباً استُشهدوا و31.139 أصيبوا بجروح منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 على قطاع غزة والضفة الغربية.
وحسب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، وصل عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان إلى أكثر من 19.910، والذين أصيبوا إلى 30.097، فيما استُشهد في الضفة 148 طالبا وأصيب 1042، إضافة إلى اعتقال 846.
يأتي ذلك بالتزامن مع خروقات الاحتلال المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة التي أدت لارتقاء أكثر من 238 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.