یدیعوت أحرونوت
الغد- اجتاز غانتس اختباره السیاسي الاول بنجاح. فالحدث في جناح 10 في مركز المؤتمرات في تل
أبیب كان متقنا. فقد كانت القاعة ملیئة، نحو 700 شخص، بالتقدیر الحذر، وبقي البعض في الخارج. غانتس، أبیض أشقر یسعى إلى الاشتباك، عانق، قبل، أتاح نفسھ لصور السلفي مع كل من لوح لھ بالھاتف. احد ما شبھھ ببل كلینتون في أیام مجده.
فجأة سقطت علیھ كاریزما. في خطابھ سار بحذر على حبل دقیق، كما كان یمكن ان نتوقع ممن
تبنى الوسط كبرنامج. ھاجم نتنیاھو واللیكود بسلسلة من الاتھامات القاسیة، ولكنھ امتنع عن ذكر
اسمائھم الصریحة. لا لنتنیاھو، الحكومة، الحكم، القیادة. الحكومة تمارس الشقاق والفرقة بین الإسرائیلیین؛ القیادة غیر منشغلة الا بنفسھا. الحكم اتبع ھنا ملكیة على نمط فرنسا لویس الرابع
عشر؛ الحكومة ترھن أمن الدولة لاعتبارات التغطیة الاعلامیة؛ تستسلم للخاوة في غزة؛ تستخدم
العائلات الثكلى لاغراض سیاسیة. الخ الخ.
اما نتنیاھو فقد ذكره باسمھ فقط في سیاق إیجابي، ایجابي ظاھرا. فقد امتدح نتنیاھو على خطوتین قام بھما: اتفاق واي مع یاسر عرفات وخطاب بار ایلان، الذي تبنى فیھ نتنیاھو حل الدولتین. اما نتنیاھو فقد كان یمكنھ أن یتخلى عن ھذا المدیح بسرور.
في مسألة واحدة حدد غانتس موقفا لھ آثار على الیوم التالي للانتخابات: ھو لن یجلس في حكومة ضد رئیسھا رفعت لائحة اتھام. من ھذا التعھد یمكنھ ربما ان ینسحب، ولكن ھذا لن یكون سھلا.
من عدة نواح غانتس یفاجئني. فعندما اعتزل الجیش الإسرائیلي لاول مرة في نھایة 2010، كان عدیم التطلعات السیاسیة. وازمة تعیین غالانت أدت إلى تعیینھ رئیسا للأركان. قبل اربع سنوات نزع بزتھ نھائیا. في حینھ كان یفكر بالسیاسة، ولكن تطلعاتھ كانت متواضعة نسبیا. ان یكون وزیرا للأمن كان أمرا واردا، ربما وزیر خارجیة أو وزیر تعلیم. لم یفكر برئاسة الوزراء، وبالتأكید لیس في المرحلة الاولى. فھو لیس ایھود باراك.
في مبالغة ما، مثل شاؤول الملك، ذھب لیفتش عن الحمیر فوجد الملكیة أو، للاسف، التطلع إلى
الملكیة.
لقد حصل ھذا للضباط الكبار غیر مرة. فعندما یصلون إلى المراتب الرفیعة في ھیئة الأركان العامة ویتعرفون على السیاسیین عن كثب یمتلئون احتقارا واحیانا یقسمون أنھم لن یتوجھوا إلى السیاسة ابدا. وعندھا، في تفكیر ثان، یدخلون إلى السیاسة. فھم یفھمون بأن ھذا ھو المكان الذي تتخذ فیھ القرارات الكبرى، الساحة التي یمكنھم فیھا أن یؤثروا.
اولئك الذین مروا منھم تحت نتنیاھو جمعوا أطنانا من الانتقاد على طریقتھ في اتخاذ القرارات.
وھم یتجھون إلى السیاسة لانھم مقتنعون بانھ في كل ما یتعلق بأمن الدولة، فان ما یستطیعھ ھو
یستطیعونھ ھم أیضا وربما یستطیعونھ أكثر، بشكل أكثر ذكاء، أكثر برغماتیة، أكثر موضوعیة.
ھذه القصة تتكرر لدى نتنیاھو: كلما كان الناس یعرفونھ أقل، ھكذا یعجبون بھ أكثر. أما ھم، الجنرالات المتقاعدین، فمقتنعون بأن دخولھم إلى السیاسة سیحدث الاصلاح. لقد دربوا على التفكیر بتعابیر رسمیة. الدولة مھمة لھم. ما یحصل لھا في عصر نتنیاھو یشغل بالھم حقا.
توجد دول تخاف من ان تحتل الحكم فیھا طغمة من الجنرالات بالقوة. انا لا اعتقد أن ھذه ھي القصة عندنا. اعتقدت ان غانتس لا یتمیز باللمعان، ان شئتم بالجوع، بالطموح، بالنزوع، بالنوازع – مما یدفع الناس السباق نحو رئاسة الوزراء. ربما اخطأت فیھ؛ ربما اشتعل ھذا اللمعان فیھ في اثناء عملھ على قائمتھ. كان شيء یمس شغاف القلب في صعود بوغي یعلون إلى المنصة، وھو الذي كان قائد غانتس ووافق الآن على أن یكون نزیلا فرعیا في قائمتھ. فكرت في تشارلز، الامیر من ویلز الذي لن یحظى بان یكون ملك بریطانیا، یقف إلى جانب ابنھ، ولیم، الامیر من كمبردج الملك المرشح.
نتنیاھو أو لا نتنیاھو – ھذه ھي المسألة التي تقف في قلب حملة الانتخابات. السؤال كیف تترجم ھذه المعضلة إلى اصوات في صنادیق الاقتراع مفتوح، وسیقال فیھ الكثیر. في ھذه الاثناء ینتھي حدث انطلاق غانتس بإنشاد ھتكفا وبوابل من الاشرطة الورقیة الوطنیة، الزرقاء والبیضاء، التي تھبط من السقف. ھذا ھو الجزء السھل؛ الیوم یبدأ الجزء الصعب