عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2021

اللقاح.. والأخلاق!*د. زيد حمزة

 الراي

بغض النظر عن الكم الهائل من المعلومات والآراء التي تنثرها وتبعثرها علينا وسائل الإعلام وتغرقنا بها وسائل التواصل الاجتماعي فأن إنتاج اللقاحات المختلفة ضد فيروس كورونا شكّل لسكان الكرة الأرضية بشرى سارة كبيرة أكانت من إنتاج هذه الدولة أو تلك أو بالأحرى هذه الشركة أو غيرها، فالمهم أنها غدت متوافرة وبها سوف تنتصر البشرية على الوباء الجديد كما انتصرت على كثيرٍ قبله.
 
دعونا الآن نتجاوز مراحل التجارب التي أجريت لإنتاج هذه اللقاحات ونظريات المؤامرة التي اساءت لسمعتها وكم بلغت تكاليفها ومن أين اتى التمويل وما رافقه من سباق تجاري أو سياسي محمومين فنحن اليوم أمام مرحلة التوزيع حيث بدأت صفقات المحاصصة بين الشركات الكبرى والحكومات كلٍّ حسب قدراتها المالية فاقتصاد السوق يعتبر اللقاح سلعة تعطى فقط لمن يدفع ثمنها، وها هي قمة الانتهازية قد تمثلت أخيراً في حكومة اسرائيل التي عُرفت بفشلها الذريع في مكافحة الوباء إذ يفاخر رئيس وزرائها نتانياهو بأنانية مقيتة أنه اشترى كميات من اللقاح تغطي مواطني دولته والاولوية للمستوطنين! واخفى أن التمويل منحة بمبلغ ٥٠٠ مليون دولار وهي جزء مما خُصص لتغطية الشعب الأميركي، وتجاهل تماما مسؤوليته القانونية الدولية والاخلاقية عن صحة الشعب الفلسطيني التي تعاني الامرين تحت الاحتلال والحصار.. ولا نريد هنا أن نخرّب «الفرح» بتوفير اللقاح لذلك نمتنع عن ذكر تاريخ بعض تلك الشركات الدوائية المنتجة والاحكام القضائية التي صدرت بحقها على جرائم أخلاقية بتجارب أدويتها على البشر أو اخرى احتكرت لفترة طويلة بيع ادوية بأسعار مرتفعة بحجة الملكية الفكرية فحرمت مثلا ملايين من مرضى الإيدز الفقراء من العلاج!
 
في الأسابيع الاخيرة كنت أضع يدي على قلبي خوفا ًعلى الفقراء والمهمشين من سكان الكرة الأرضية الذين قد لا ينالون حظ الحصول على اللقاحات فيبقون وحدهم معرضين لخطر العدوى واحتمال الوفاة، لكن خوفي تبدد حين أعلنت منظمة الصحة العالمية على الملأ قبل أيام نجاحها في جمع ستة مليارات من الدولارات لشراء المطاعيم من الشركات المختلفة كي توزعها بالعدل والقسطاس على كل الشعوب المحتاجة، كما ازددت ثقة بهذه المنظمة الدولية كقائدة لصحة العالم مع اني لا انزهها عن الاخطاء لكن ليس على طريقة الاتهامات الظالمة التي طالما كالتها لها أميركا ومن ورائها صناعة الدواء العالمية والتي ضخمها الرئيس ترمب العام الماضي وعاقبها بانسحابه منها وعدم دفع التزاماته المالية نحوها!
 
وبعد.. وسط هذه الوقفة التاريخية للمنظمة الدولية التي نقدرها عالياً نحيّي كذلك الدور الذي ما زالت تحمل عبئه وزارة الصحة عندنا بقدر كبير من العلم والأخلاق، فبهما سوف تواصل المسيرة وتنجح إلا إذا عرقلتها كثرة المستشارين الذين لم تطلبهم أو الأجهزة البيروقراطية الموازية التي لا ضرورة لها كالمركز الوطني «لمكافحة الاوبئة» فهذه.. وظيفتها!