عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Apr-2019

رقصة وجع وغرفة غضب - رمزي الغزوي

 

الدستور - ما زلت أشتعلُ ضحكاً كلما تذكرتُ زيارتي إلى صديقي في بداية زواجه، فقدم لي القهوة بفنجان بلاستيكي معتذراً بأنه لم يبق ماعونُ زجاجٍ في البيت. فكل شي قابل للكسر قد كسراه. وقال موضحاً: إذا غضبت أنا؛ كسرتُ صحناً وفنجاناً. عندها تردُّ عليّ العروس بكسر صحنين، وثلاثة فناجين، ودزينة كاسات. وهكذا بتنا نأكل بصحون الورق وملاعق الخشب. عندها قررت أن أعيد المزهرية التي جلبتها هدية، وقلت له على الباب شامتاً: (خرجك) الله لا يردك. أنت الذي أدخلت الدبّ على كرمك. 
 
وما زلت أشتعل حزناً وضحكاً عى الرجل المسن الذي أقللته بسيارتي على طريق القرية ترافقه ابنته. فحين ترجلت صفقت الصبية الباب بقوة 5 درجات على مقياس رختر الزلزالي؛ فتوسلني الحاج ألا أزعل قائلاً: ترى هالحولية (البقرة حين تصير بعمر عام واحد) لم تترك لنا باباً صالحاً في الدار، فكلما غضبت قامت وغلقت الأبوب بقوة؛ حتى يبرد جنونها. الله يوخذها. 
 
في اليابان ابتكر مدير مصنع طريقة ذكية للتنفيس عن غضب عماله وحنق جنونهم. ففي الطابق السفلي غرفة جعل فيها تمثالاً مطاطياً له بالحجم الطبيعي. وما على العامل الذي يريد أن يبرد غضبه، إلا أن يدخلها ويبدأ بلكم وركل وصفع وبطح التمثال؛ حتى تخرَّ قوه ويبرد غضبه.
 
تداعت علي هذه الذكريات لما قرأت خبراً عن افتتاح غرف الفأس للغضب. حيث تدخلها وبيدك مهدة (مطرقة كبيرة)؛ لتصب جام غضبك على حواسيب وتلفزيونات قديمة تكسرها بعنف وحنق حتى تطفئ غضبك كلياً، علما بأن رسم الدخول للغرفة في المرة الواحدة 17 دولارا فقط. 
 
الأطرف من الخبر كان تعليق أحد الشباب حين يقول: أي أنا لو معي 17 دولاراً. فلماذا أكون غاضبا. فبنصف هذا المبلغ أستطيع أن أباطح شوارما دبل، مع لتر ببسي، وباكيت دخان. وهذا كفيل بإطفاء بركان كامل من الغضب اللاهب. 
 
نحن لنسا غاضبين يا سيدي. غرفتك ستبور. ربما نكون موجوعين قليلاً. ونحن نعلم أنه ليس أجمل من الرقص لتبريد الوجع وتبديده. فحين كنا صغاراً وكانت عصي المعلم تئز على صفحات أيادينا، كنا نعتصرُها بسرعة تحت آباطنا، وكأننا نمتص نسغ الألم، ثم نأخذ بالرقص. نرقص ثم نرقص ونشرع أيادينا ثانيةً للمعلم الذي يريدنا أن نبكي، لكنَّ الرقص يبرد أوجاعنا، حتى ينهار المعلم على عتبة عنادنا الراقص!.