الغد
غزة- لأكثر من عام ساد التوتر لدى أسرة الشاب زكريا طوطح الذي فقدت آثاره أثناء اجتياح جيش الاحتلال حي الزيتون جنوب مدينة غزة في كانون الثاني (يناير) 2024، ومنذ ذلك الحين بقي مصيره مجهولا حتى خرج أسيرا من سجون الاحتلال مطلع العام الحالي وأبلغ ذويه أنه معتقل لدى الاحتلال.
وعاد الأمل لعائلة طوطح بأنه ما يزال على قيد الحياة بعدما ظنت أنه قُتل على يد جيش الاحتلال، وبقوا دون تواصل معه حتى ظهر اسمه ضمن القائمة التي نشرها مكتب إعلام الأسرى، الأحد الماضي، لـ1468 أسيرا من قطاع غزة سلّمها الاحتلال للمقاومة الفلسطينية عبر الوسطاء.
في المقابل، زاد القلق لدى عائلات مئات المفقودين الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة، وبقوا في عداد المفقودين والمخفيين قسرا لدى الاحتلال.
مماطلة الاحتلال
ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال نصّ على تسليم إسرائيل قائمة بأسماء الأسرى المعتقلين لديها في الأيام الأولى للاتفاق، فإن الاحتلال ماطل في ذلك، وتلاعب بعدد من الأسماء، مما حال دون الإعلان الرسمي عن القائمة خلال الفترة الماضية، وفق مكتب إعلام الأسرى.
وعزا ناهد الفاخوري، مسؤول الإعلام في مكتب الشهداء والأسرى بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تأخر إعلان قائمة الأسرى بسبب عدم تسليم إسرائيل لها دفعة واحدة وإنما تعمد تجزئتها لمراحل.
وقال الفاخوري، إن الاحتلال اعترف بهذه الأسماء رغم أن عددا منها لم يكن مجهول المصير، كما برزت إشكالية بإقرار الاحتلال بوجود عدد من الأسماء لديه، ومن ثم تراجع عنها، ولم يقدم أجوبة شافية وواضحة بشأنهم.
وأوضح أن هناك 11 اسما لمعتقلين تراجع الاحتلال عن تأكيد وجودهم عنده، حيث يجري متابعة ملفاتهم مع الوسطاء خاصة أن عددا منهم التقوا بأسرى أُفرج عنهم، وأحدهم زاره محامٍ.
وشدد الفاخوري على أن أعداد المفقودين ليست محددة بدقة وملفهم لم ينته بعد، ولا يوجد أفق واضح لحله في المنظور القريب، محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة جميع الأسرى والمعتقلين.
شهادات المحررين
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، انقطع اتصال محمد الجالوس مع أبنائه الثلاثة وزوجته وحفيده مساء الثاني من آذار (مارس) 2024، أثناء وجودهم في منزلهم بمدينة خان يونس، بعدما شاهد أحد السكان جنود الاحتلال يقتادونهم داخل الآليات العسكرية.
ولم ترد أسماء عائلة الجالوس في قائمة الأسرى التي أعلن الاحتلال أنهم لديه، مما يبقي ملفاتهم ضمن المخفيين قسرا.
كما لم يذكر اسم الطبيب أحمد مرتجى (66 عاما) في قائمة المعتقلين الأخيرة، رغم أن بعض الأسرى المفرج عنهم أبلغوا ابنته آلاء برؤية والدها في أحد السجون الاحتلال، دون معرفة تفاصيل إضافية عن مكانه أو حالته الصحية، وذلك بعدما فُقدت آثاره مع ابنه محمد، في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة خلال اجتياح الاحتلال للمنطقة في آذار (مارس) من العام الماضي.
وفي السياق، أكد رئيس المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرا، رامي عبده، أن الاحتلال الإسرائيلي يتلاعب في ملف الأسرى الذين يخفيهم داخل السجون، ويرفض الإفصاح عن مصيرهم، بينما يترقّب ذووهم الذين يتوقون لمعرفة مكان وجودهم، بعدما أكدوا أن آخر لحظاتهم كانت باحتجازهم لدى الجنود الإسرائيليين خلال عملياتهم العسكرية داخل قطاع غزة.
وقال عبده إن معظم أسماء الأسرى التي نشرها الاحتلال مؤخرا بناء على اتفاق وقف إطلاق النار، كانت لأشخاص يعلم ذووهم أنهم معتقلون داخل السجون، ويوجد تواصل مسبق بينهم وبين محامين، ولم يكشف عن مصير المئات من المفقودين الذين لم تظهر آثارهم منذ وقوعهم بيد الاحتلال.
إجراءات فاعلة
وشدد عبده على أن الاحتلال لا يزال يحتجز المئات من أسرى غزة داخل سجون سرية ويمنع نشر أي معلومة عنهم، امتدادا لحرب الإبادة الجماعية التي شنها على القطاع.
وأوضح أنهم بدأوا تواصلهم مع الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري "دبليو جي إي آي دي" التابع للأمم المتحدة لتزويده بمعلومات موثقة حول حالات الاختفاء بما يشمل هوية الضحايا وتاريخ ومكان الاختفاء والجهات المحتملة المسؤولة، والجهود التي بذلت لمعرفة مصيرهم.
ولفت الحقوقي عبده إلى أن هذا التواصل يهدف لمطالبة الفريق الأممي بالتدخل لدى سلطات الاحتلال وأي جهات أخرى قد تمتلك معلومات حول المفقودين، مؤكدا أن ملف المفقودين يحتاج لتعاون أكبر على الصعيدين الوطني والدولي حتى يكشف عن مصيرهم جميعا.
يشار إلى أن المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرا وثّق أكثر من 1500 حالة تتعدد أشكال فقدانها في غزة، وما يزال يستكمل أعماله الميدانية لحصر باقي بيانات المفقودين.-(وكالات)