عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Apr-2019

المــصـــالحـــة طــويــلـــــة الأجـــــــل

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
اظهرت التفجيرات التي حدثت قبل فترة وجيزة الاسباب شديدة الاهمية التي تدعو بشكل ملح الى اعادة احياء الخطوات الاخيرة التي اتخذتها البلاد على طريق المصالحة في الجزيرة.
لقد اقامت جزيرة سريلانكا التي تشابه في شكل اراضيها شكل الدمعة يوما للحداد من اجل ضحايا التفجيرات الانتحارية التي وقعت في عيد الفصح الفائت قبل ايام معدودة. وقد تحلت الحكومة بدرجة من الحكمة جعلها تجمع شتات بلد يضم تنوعا بارزا في سبيل احياء ذكرى ما يقارب 300 شخص لقوا حتفهم في ثلاث كنائس وثلاث فنادق. ويبرهن هذا الامر على ان سريلانكا، التي لا تزال عالقة في دهليز الهويات الوطنية المتناحرة، مصممة على تحقيق المصالحة بعد انقضاء عقد من الزمن على نهاية حرب اهلية اريقت خلالها الدماء جراء اعمال عنف رهيبة.
قبل اربعة سنوات، بدا ان هذا البلد الذي يقع في جنوب قارة اسيا يسير في الاتجاه الصحيح نحو بدء المصالحة. فقد اختار الناخبون رئيسا جديدا، مايثريبالا سيريسينا، الذي ينتمي الى غالبية هندوسية، وعلى الرغم من ذلك فلم يبد انه يعكس ميولها التي تهدف الى التفوق على الاقليات، لا سيما جماعة التاميل العرقية (الذين يتبع معظم افرادها الديانة الهندوسية)، الى جانب المسلمين والمسيحيين. وقد قطع على نفسه وعدا بمعالجة الانتهاكات التي صاحبت حربا امتدت طيلة 26 عاما ضد جماعة تاميل انفصالية عبر مزيج يجمع ما بين تقصي الحقائق والمحاسبة والعفو. وجميعها تندرج تحت مسمى تعافي المجتمع. غير ان معظم هذه الانشطة لا تزال غير مكتملة حتى هذه اللحظة. 
ان التفجيرات الانتحارية، التي تلقي الحكومة بمسؤوليتها على كاهل جماعة جهادية محلية، تؤدي دورا هاما في التذكير بان سريلانكا لا تملك السير بخطوات بطيئة باتجاه المصالحة. لا تزال الدوافع وراء الهجوم غير معلومة. اذ لم يتخيل كثيرون ان تقع اعمال عنف من جانب اقلية معينة تجاه اقلية اخرى. على الرغم من ذلك، تظهر الهجمات على نحو درامي المخاوف والانقسامات واسعة النطاق التي يتوجب على الجهات المعنية معالجتها في البلاد التي يبلغ تعدادها السكاني 21 مليون نسمة. 
شرع السيد سيريسينا في عملية جديدة من اجل الكشف عن الحقيقة بشان الالوف من الاشخاص الذين لا يزالون مفقودين منذ فترة الحرب. كما استحدث مكتبا من اجل التعويضات، على الرغم من ان النخبة الهندوسية تعارض فكرة دفع التعويضات لابناء التاميل. ومع ذلك فانه يرفض طلب الامم المتحدة الذي يدعو الى اقامة محكمة هجينة من اجل البت في مزاعم جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان.
ان تشكيل هوية مشتركة بين المواطنين في سريلانكا يتطلب ان تتعامل الجماعات المتعددة مع حقيقة التفرقة الماضية، في حق التاميل على وجه الخصوص، او الروايات الزائفة بشأن التحول الى ضحايا، لا سيما في اوساط البوذيين السنهاليين. تمتاز البلاد بتاريخ طويل من الانسجام العرقي والديني يمكن للمعنيين الاستفادة منه والتعويل عليه في كسب مزيد من التقدم. كما ان البلاد تتمتع باقدم نظام ديمقراطي مستمر في قارة اسيا، الامر الذي من شانه ان يستفيد من وجود قوى الفرقة والانقسام او تلك الجهات التي تسعى الى استعادة الانسجام الاجتماعي. ان من الممكن التغلب على المحن القديمة بالصفح وتقصي الحقيقة. اذ تظهر التفجيرات التي وقعت في عيد الفصح ان من الواجب على سريلانكا ان تعود من جديد لتسير على طريق المصالحة.