عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Aug-2020

انتخابات عنوانها الشجاعة

 

افتتاحية - كرستيان سيانس مونيتور
بينما سمح دكتاتور بيلاروسيا لـ «ربة منزل» بالترشح ضده، أسهمت هذه السيدة بدورها في تحرير الناخبين من الخوف. اذ تتمثل إحدى العلامات المبكرة على الزوال النهائي للديكتاتور في اللحظة التي يتخلص فيها الناس من الخوف من عقابه الذي يفرضه على المعارضين. بالنسبة إلى بيلاروسيا، الدولة السوفيتية السابقة الصغيرة المجاورة لروسيا، جاءت تلك اللحظة قبل فترة وجيزة في انتخابات لربما قد تم تزويرها إلى حد كبير لصالح حاكم البلاد القديم. لسبب ما، سمح الرئيس ألكسندر لوكاشينكو لمرشحة قلل من شانها باعتبارها «مجرد ربة منزل» أن تخوض الانتخابات ضده. ربما كان يحتاج إلى الاستعانة بوميض الديمقراطية للامع، أو لعله يؤمن في الواقع بما ورد في تصريحه بأن بيلاروسيا «لم تنضج بما يكفي» لتتولى رئاستها امرأة.
لم يكن يتوقع أن تجتذب سفيتلانا تيكانوفسكايا، وهي مدرسة ومترجمة لغة إنجليزية سابقة، حشودًا كبيرة من خلال ما أوردته في الحملة وجاء فيه ما يلي: «لقد حان الوقت الذي يجب أن يتغلب فيه الجميع على مخاوفهم». السيدة تيكانوفسكايا لديها بالتأكيد الكثير مما تخاف منه. في شهر ايار الماضي، سُجن زوجها الناشط بعد أن أعلن ترشحه. كما سُجن مرشحان آخران أو نُفيا. ومن ثم قررت الترشح في تلك المرحلة. حتى ذلك الحين، تعرض طفليها للتهديد. ولذلك فقد أرسلتهما إلى خارج البلاد.
ومع ذلك، بعد أن بدأت الحملة الانتخابية، أدركت السيدة تيكانوفسكايا، التي كانت خجولة ذات يوم، أنها يمكن أن تبدد فقاعة من الخوف بين 9.5 مليون شخص في بيلاروسيا، وخاصة الشباب المتحضر البارع بالتكنولوجيا. اذ أخبرت الحشد بالقول»هل تعتقدون أنني لست خائفة؟ أنا اشعر بالخوف كل يوم. لكنني أستجمع شجاعتي، واتغلب على خوفي وآتي إليكم، وانشد تحقيق النصر». كما أدركت أن موقف الرئيس القائم على عدم الاهتمام بجائحة الفيروس التاجي قد أيقظ الناس. فقد صرحت بالقول: «بدأ الناس يشعرون أنهم محميون من قبل أشخاص آخرين وليس من قبل الدولة».
لقد تم قياس شعبيتها بالنظر الى حجم جمهورها - وهو الأكبر منذ نيل الاستقلال في عام 1991. لا يسمح في البلاد بإجراء استفتاءات سياسية للراي العام. في ظهور تلفزيوني نادر، تحدثت هذه السيدة بشجاعة عن السجناء السياسيين. لقد عرفت أن الانتخابات قد تزور ضدها. يتولى السيد لوكاشينكو السلطة منذ عام 1994. وقد طلبت من الناس إظهار التضامن من خلال ارتداء شيء أبيض عندما يذهبون للتصويت. كما طلبت منهم التقاط صور لبطاقات اقتراعهم وتسجيل تصويتهم على موقع إلكتروني للمعارضة.
في ظل الأنظمة الاستبدادية، تعد مثل هذه الأساليب أدوات الضعفاء. لكن القوة الحقيقية تكمن أولاً في تنحية الخوف جانباً وتجسيد سمات الديمقراطية، مثل المساواة والحرية. قالت السيدة تيكانوفسكايا التي تمنت الفوز إن هدفها كان إجراء انتخابات شرعية بسرعة في غضون ستة أشهر، بحيث يمكن فيها للسجناء السياسيين المفرج عنهم الترشح ولا يستسلم الناس فيها للخوف من العقاب. ومما لا شك فيه انها قدمت بالفعل مثالاً على ذلك.