عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Nov-2021

عندما يتاجرون بألم المريض* محمود الخطاطبة

 الغد

لا أحد يشك بأن مهنة الطب إنسانية في المقام الأول والأخير، يقوم الأطباء من خلالها بالمُساعدة في تخفيف آلام المرضى، وفي نفس الوقت يتقاضون أجورًا مُقابل ذلك، وهذا حق لا أحد يُنكره، وإن كان هُناك مُبالغات في قيمة الأتعاب التي يتقاضونها، فبعضها يصل إلى أرقام فلكية، ليست بمتناول ما يقرب من الـ85 بالمائة من الأردنيين.
تلك أمور عادية يتقبلها الكثير، وتشهدها مُعظم دول العالم، سواء تلك المُتقدمة أو النامية، لكن ما لا يتقبله العقل، ولا يدخل في باب المنطق، هو قيام بعض أطباء القطاع الخاص بالمُتاجرة بأوجاع المرضى، وذلك بالتعاون مع مراكز أشعة ومُختبرات طبية، غير آبهين بأوضاعهم المعيشية والمادية، والتي باتت تصعب على العدو قبل الصديق.
كُنت قبل أيام في زيارة علاجية لأحد أطباء القطاع الخاص، ولقد رأيت رأي العين كيف يكون هُناك تنسيق «غير بريء»، ما بين أطباء ومراكز أشعة ومُختبرات طبية، إلى درجة تصل أن يكون هناك مندوب (شخص) يقوم بأخذ المريض من يده وإيصاله إلى ذلك المركز أو المُختبر، لا بل يتوسط له، مُتجاوزًا أدوار المرضى الآخرين، ومن ثم العودة به إلى العيادة التي يتلقى فيها العلاج، أو على الأقل أخذ الفحوصات المخبرية أو صور الأشعة من المركز إلى الطبيب المُعالج!… وكأننا أمام خدمة خمس نجوم، ولكن غير نقية!.
وهنا تكمن القضية أو المُشكلة الأولى، فعندما يكون هُناك تنسيق «غير بريء» بين الجانبين، طبعًا ليس الجميع، فإن ذلك يعني أنه قائم على مصلحة شخصية أو منفعة مادية، يتبادلها الطرفان، يدفع ثمنها ذلك المريض أو الشخص الذي يطلب العلاج، فهو في هذه اللحظة، لا يهتم إلا بشيء واحد فقط، ألا وهو تخفيف آهاته قدر المُستطاع.. وللأسف الطرف الآخر يكون همّه الأول والأخير ماديا بحتا، غير مُكترث بحالة المريض وتشخيصها، بشكل علمي وسليم، لعل وعسى أن يلقى العلاج المُناسب.
أما القضية أو المُشكلة الثانية، فتتمثل في ذلك الطبيب، والذي من أول زيارة يقوم المريض بها، فإنه يكون مُطالبا بصور إشعاعية، سواء كانت رنينا مغناطيسيا أو تصويرا طبقيا، تبلغ تكلفة الأولى نحو 150 دينارا، والثانية بحدود الـ100 دينار، ليس الجميع يمتلك ثمنها.. أنا لست طبيبًا، لكن أعلم كما يعلم غيري، ومن خلال المراجعات الطبية لعدد من الأطباء، بأنه في البداية يقوم الطبيب بتشخيص مبدئي أو أولي لحالة المُراجع، يكتب على إثره علاجا لمريضه، ويطلب منه المواظبة عليه عدة أيام، ثم مراجعته، وعندها إذا بقيت الحالة المرضية على ما هي عليه، أو لم يكن هناك تحسن، فإن الطبيب يلجأ إلى صورة إشعاعية، تُساعده على تبيان حالة المريض بدقة.
تنسيق أطباء في القطاع الخاص مع مراكز إشعاعية ومُختبرات طبية، بالإضافة إلى الاستعجال بطلب صورة إشعاعية، يضع أكثر من علامة استفهام وتعجب.. وكأننا أمام حالات واقعية وجدية لما يُسمى بالمُتاجرة بآلام المريض!.. يتوجب على أصحاب أنبل مهنة إنسانية في الوجود، أن يكونوا على يقين بأن ليس كل المرضى من أصحاب رؤوس الأموال، أو من أصحاب الدخول المُرتفعة أو ما فوق المُتوسطة، تُمكنهم من مواصلة العلاج.