عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Oct-2018

"سينما بارديسو".. أمام الشاشة العملاقة مساحة أوسع للحلم

 

إسراء الردايدة
 
عمان- الغد- قبل 30 عاما، كان العرض الأول للفيلم الإيطالي "سينما بارديسو" لمخرجه جيوسيبي تورناتوي، الذي يملك سحرا خاصا وشعبية عالمية لشغفه الكبير بالسينما التي عشقها عبر سنوات عمره.
فيلم تورناتوي الذي عرض لأول مرة في مدينة باري الايطالية في العام 1988؛ يحكي عن صداقة الطفل "توتو" أو سلفاتوري مع ألفريدو، وهو فني إدارة العرض بالسينما القديمة في قرية صقلية.
شغف توتو في السينما وإصراره على تتبع ألفريدو لتعلم كل أسرار تلك الشاشة الكبيرة التي تنقل الأحلام؛ عزز الصداقة بينهما وأثرت فيه حتى الكبر، كونه عوض توتو عن حنان الأب الذي فقده في الحرب، وفي الوقت ذاته خلقت عشقا داخل الصغير لعالم ساحر داخل شاشة العرض الكبيرة.
ذلك الطفل الذي كبر في مدينة تغيرت ملامحها بشكل كبير وتسرب الملل إليها بمكان كان يعج بالمارة فيما مضى وهو طفل صغير؛ أصبح الآن شبه خال مع الوقت، وتلك الأحلام التي رافقته عن شقيقته ووالدته تحولت لذكريات تمر بعقله ويستعيدها وهو مستلق على سريره بعدما أمسى رجلا.
وهو الطفل ذاته الذي كان يذهل كل ليلة، ويبتسم بفرح وشغف وذهول وهو يختلس النظر لشاشة السينما، ليدرك أن الحياة ليست فيلما، وهو أول درس تعلمه بعدما صار رجلا بالغا، فلا يمكن البقاء بثبات في مكان واحد وزمن واحد كما الفيلم؛ إذ إن كل شيء يتغير في الواقع وهو ما حصل مع توتو الذي استسلم لذكرياته.
ما يجعل من "سينما بارديسو" فيلما فريدا، هو الإحساس المشبع بالأحلام والحياة، والعذوبة خاصة أنه يتناول حياة الصبي توتو في ثلاث مراحل تشكل الفيلم بأكمله؛ حينما كان طفلا، مراهقا، حتى صار رجلا، مع كل تلك المشاعر المرتبطة بالمكان والذكريات وحتى النضوج التي اكتسبها من تجاربه.
حب السينما
العلاقة التي تنشأ بين توتو والفريدو والسينما هي عالم بأكمله، لأن الشاشة التي كان يشتري تذكرتها من مصروف البيت، تطورت وباتت مساحة له كما هي لأهالي قريته الذين وجدوا بها متنفسا يجمعهم.
الفيلم يحكي أيضا عن دور السينما بتشكيل الوعي والذكريات عبر أفلام حفرت في ذاكرة التاريخ، وتجسدت هنا بمشاهد لقبلات أبرز ممثلي هوليوود بالأبيض والأسود، وكان الفريدو يقتطعها كي لا يثير حفيظة كاهن القرية واحتراما له.
واحتفظ الفريدو بالشريط المقطوع نفسه وقدمه لتوتو بعد عودته لمسقط رأسه، ليجمعها الأخير في شريط واحد شكل ذكرياته وطفولته ومدينته وجزءا من هويته وذاته، حيث وجد شغفه لأول مرة أمامها.
"سينما بارديسو" يدعو للحنين ويثير الشوق لزمن مضى بالمكان ذاته ويجعل من الموسيقى لملحن أنيو موريكوني رافدا أساسيا لإضفاء الحيوية التي وضعها، وكذلك بساطة الشخصيات، وتفاصيل الحياة في تلك القرية بعفويتهم متغاضين عن آلامهم، وهاربين من واقعهم المرير بعد الحرب العالمية الثانية.
وحتى اليوم ما يزال هذا الفيلم يعيد الألق لدور العرض القديمة، وقيمتها التي تشكل جزءا من الثقافة والتاريخ والإرث السينمائي، ونال جائزة خاصة من لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي في العام 1989 وأوسكار أفضل فيلم أجنبي في العام 2000، ليغدو العمل مليئا بالشغف والقيم الإنسانية والفن والحياة، وتصبح هذه الشاشة العملاقة مساحة أوسع للحلم.