الدستور- يَحفل تاريخ الحركة الصهيونية على أرض فلسطين بمئات المجازر التي ارتكبتها في ديسمبر/كانون الأول، وبخاصة تلك التي نظّمها الصهاينة بمؤازرة هتلرية خلال سنوات طويلة قبيل تأسيس دويلة الاحتلال وخلاله وما تلاه من أعوام، فأضحى ديسمبر شهراً للحِداد الشامل على أرواح الشهداء العزّل، الذين لم يلتفت العالم المُتحضّر إليهم حتى اليوم، ولم يتم إحقاق حقوقهم وحقوق عائلاتهم وأحفادهم وشعبهم الفلسطيني ولا حتى أقلها، المَعنوية منها.
لقد هدفت جرائم الصهيونية الهتلرية إلى تفريغ أرض فلسطين من شعبها الأصيل، واستقدام المُستوطنين من(130) بلداً ومنطقة للحلول محلّهم، وآزرهم في ذلك الاحتلال البريطاني، الذي أفسح المجال لعصابات الصهاينة بالعبث في فلسطين، وحاكم وأعدم كل فلسطيني يحمل رصاصة ولو فارغة.
لا يتّسع حيّز المقالة المحدود لفضح جميع المجازر الصهيونية، فهي تحتاج إلى كتب كثيرة لتوثيقها والتذكير بها ونقلها للرأي العام الدولي ومنظمات حقوق الانسان أينما كانت. وإحدى هذه المجازر ارتكبت في29 ديسمبر1947 عندما ألقى عناصر عصابة أرجون برميلاً مَمْلُوءاً بالمتفجرات على أعدادٍ كبيرة من المواطنين، الذين تجمّعوا حول «باب العمود» بالقدس، مما أدى إلى استشهاد (14) فلسطينياً وجرح(27) آخرين.
وفي 12ديسمبر1947، ارتكب إرهابيو أرجون مجزرة في بلدة الطيرة (حيفا) وهم يرتدون بدلات عسكرية بريطانية، برغم تعاونهم مع النازية، وقَتلوا بهجوم بالقنابل (13) مواطناً فلسطينياً بضمنهم الأطفال والشيوخ، وجرحوا (6) آخرين بحسب صحيفتي «فلسطين» و»نيويورك تايمز»، تلا ذلك هجمات متواصلة على القرية التي قصفتها المنظمات الصهيونية بمدافع الهاون قصفاً شديداً لشهور طويلة.
ليس غريباً اكتساب «أرجون»، وأشباهها، الخبرات الهتلرية ومسارعتها لتطبيقها في فلسطين، ونستشهد هنا بمجلة شترن (stern) الألمانية، التي فضحت الصهاينة بنشرها سلسلة وثائق تتعلق إحداها بإسحق شامير، رئيس وزراء «إسرائيل» سابقاً ورئيس منظمة أرجون، الذي عقد اجتماعات سرية مع الهتلريين، عبر المُلحق البحري في سفارة ألمانيا بتركيا، وخَطَبَ ودّهم بعرض مُغرٍ يتلخص بصياغة إتّفاق مصيري بين أرجون والنازية للتناغم الثنائي في المرامي الاستعمارية الكونية، وبخاصة في عمليات إجلاء اليهود من أوروبا إلى فلسطين، «تسهيلاً لإقامة نظام أوروبي جديد!»، يليه عَقد معاهدة يضمن فيها أدولف هتلر - (شيكل غروبر) قيام دولة يهودية (على شاكلة ضمانات نابليون بونابرت لإقامة دولة لليهود بفلسطين)، تتمحور مهمتها الرئيسية حول حماية المصالح الألمانية في «الشرق الاوسط»، و»مؤازرة العمليات الحربية الألمانية في العالم وبخاصة في فلسطين!».
من خلال هذه العُجالة، أردت إلقاء بعض الأضواء على وقائع إجرامية للصهيونية وارتباطها بالهتلرية، مُناشِداً المهتمين والوطنيين تكثيف أبحاثهم لتعرية الأهداف التوسّعية للصهيونية والتي تشمل العالم أجمع وليس فلسطين فحسب.
*صحفي وكاتب أردني.