الغد-عزيزة علي
أقام منتدى الرواد الكبار أول من أمس، ندوة بعنوان "من ذاكرة التاريخ العربي الإسلامي"، تحدث فيها الدكتور عبدالفتاح البستاني، وأدارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص.
مديرة المنتدى هيفاء البشير قالت: "نستضيف في هذه الأمسية د. عبد الفتاح البستاني للحديث عن بعض الوقائع من التاريخ العربي الاسلامي، والتي يبين فيها سماحة هذا الدين واحترامه للإنسان والنفس البشرية مقابل ما نشهده من عنف ومجازر في غزة اليوم".
وأضافت، وفي كل يوم تنصب فيه آله الحرب ضد فئة من الناس على هذه الأرض، فنجد أصناف التعذيب والتنكيل والقتل والحرق، وتهجير الشعوب تمارس على أرض الواقع بالرغم مما تدعيه القوانين والمواثيق الدولية من حماية لحقوق الإنسان وصون كرامته في السلم والحرب.
وقالت البشير: "إننا في هذا العصر أحوج ما نكون إلى العودة إلى تعاليم ديننا الحنيف ورأفته واحترامه للإنسان، لذلك ارتأينا أن نتابع ما بدأناه من ندوات مهمة تزامنا مع مجازر الصهيونية في غزة فجاء هذا اللقاء مع الدكتور عبد الفتاح.
من جانبه استعرض البستاني العديد من النصوص والوقائع من التاريخ العربي الإسلامي، التي تتفق مع مواد القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف التي قيدت استخدام القوة في النزاعات المسلحة، وتجنب استهداف المدنيين تماما، كما نجده في قول الرسول الكريم لمن تولى إمارة الجند "انطلقوا بسم الله وعلى بركة رسوله، لا تقتلوا شيخا فانيا ولا امرأة ولا طفلا، ولا تخونوا وأصلحوا وأحسنوا. إن الله يحب المحسنين".
وأشار المحاضر، إلى ما قاله الخليفة أبو بكر الصديق: "لا تقطعوا نخلا ولا تحرقوه.. ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة؛ إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما أفرغوا انفسهم له"، مشيرا إلى أن ما جاء في حديث الرسول عليه السلام وخليفته أبو بكر يتفق تماما مع مواد اتفاقيات جنيف رقم "51"، التي تنص على أن "السكان المدنيين لا يجوز أن يكونوا محلا للهجوم، والمادة "53"، التي تنص على "الأعيان الثقافية وأماكن العبادة لا تكون محلا للهجوم أو الردم"، والمادة "54"، التي تنص على أنه " تمنع مهاجمة أو تدمير المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية ومرافق المياه".
كما تحدث البستاني عن وصية الإمام علي رضي الله عنه، لجنوده عند انتهاء المعركة التي قال فيها: "فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تمثلوا بقتيل ولا تكشفوا عورة، ولا تأخذوا من أموالهم شيئاً ولا تقربوا النساء بأذى وإن شتمن أمراءكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" فهذه الوصية تتفق مع المواد 14 40 و41 و76 و77 من اتفاقيات جنيف.
وقد تحدث المحاضر عن الكثير من الوقائع في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وتحدث أيضا عن العهدة العمرية التي أعطاها عمر بن الخطاب لأهل القدس، عندما دخلها مسالما، وأعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم؛ وبأنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم.
كما قرأ البستاني العديد من آيات القرآن الكريم وشرح مضمونها الذي يتفق مع بنود القانون الدولي وحقوق الإنسان، وأن عقيدة الإسلام السمحة وفلسفته تتوافق مع مبادئ الحق والعدل والقانون الدولي، داعيا إلى أهمية العودة إلى التراث العربي والقيم الإسلامية، لأن الإنسان لا يستطيع أن ينسلخ عن تراثه أو يتنكر لحضارته لأنه يفقد احترامه لذاته. لهذا فإن علينا التمسك بالهوية الثقافية والتراث العربي في مواجهة العولمة بفكر منفتح على الحضارات والثقافات الأخرى، من دون تعصب أو انغلاق والأخذ بالعلم وأساليبه وإنجازاته للنهوض بالأمة.