عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Oct-2021

دبلوماسية ملكية راسخة*محمد يونس العبادي

 الراي 

لقد أسس ملوك بني هاشم، وعلى مدار نحو مئة عام مضت من عمر دولتنا، إرثاً دبلوماسياً عميقاً على مستوى العالم، ولطالما كان الحضور الملكي الأردني، واضحاً ومؤثراً ويعكس وزناً وتقديراً دولياً واسعاً، لما يملكه من خطابٍ يدعو إلى الوسطية والاعتدال، وهو خطاب يعبر على الدوام عن هموم المنطقة، وطموحات إنسانها.
 
إنّ رسالة ملوك بني هاشم موصولة حتى اليوم، وهي رسالة أسست لها تقاليد راسخة في الحُكم والتنشئة، والإرث، إذ يقول جلالة الملك عبدالله الثاني، في كتابه المعنون بـ «فرصتنا الأخيرة»، وتحديداً في الفصل الثاني عشر، والذي حمل عنوان «على خطى القائد الأسطورة»: «في فتوتي كنت مؤمناً بأنّ رسالتي في الحياة هي أنّ أكون جندياً، وأكون درعاً لوالدي وسيفاً يمتشقه متى شاء»، وهو فصل يحمل الكثير من التعابير التي تعكس التنشئة العسكرية والسياسية للملك عبدالله الثاني، إذ يروي جلالته فيها جانباً من علاقته بالمغفور له الملك الحسين بن ?لال، ما يشرح جانباً من تقاليد راسخة لدى ملوك بني هاشم في التشئة.
 
فالأردن، ومنذ عهد الملك عبدالله الأول، أسس ملوكه لوجهٍ دبلوماسيٍ أردنيٍ تميز بمقدرته على صياغة علاقات مع مختلف القوى الدولية، بالإضافة إلى تعزيز صداقاته مع دولٍ فاعلة ضمن منظمات إقليمية أو لها وزن ضمن مجموعات دولية فاعلة.
 
فالدبلوماسية الملكية الموصولة، عززت سمعة الأردن الدولية، وعبرت عن وزنه السياسي، ولربما تشرح زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى أوروبا جانباً من هذه الدبلوماسية، والتي دوما ما تسخر لخدمة الأردن، والقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
 
فالخطاب الملكي، وفي كل لقاءٍ وجولة، يملك عناصر ومفاهيم ثابتة على رأسها القضية الفلسطينية، وتحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، والذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى دعم «الأونروا»، بالإضافة إلى تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، بالإضافة إلى مساعي العالم للتصدي للإرهاب، وضمن نهجٍ شمولي.
 
كما إنه خطاب ملكي، يتابع باهتمام متغيرات العالم، وهمومه المستجدة، مثل: المواضيع المناخية ومخاوف الأزمة الغذائية والزراعية.
 
ومن بين أبرز محطات جولة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة، كان زيارة برلين، ومنح المستشارة الألمانية ميركل وسام النهضة المرصع، وهي لفتة أردنية عميقة المعنى تعبر عن سعيٍ موصولٍ لتعزيز وتكريم أصدقاء الأردن ممن أسهموا في تعزيز علاقاته الدولية.
 
وهذا التكريم لميركل، يأتي بعد عقد ونصف العقد من العلاقات الأردنية الألمانية المميزة، إذ أشاد جلالة الملك بالعمل مع المستشارة ميركل خلال فترة حكمها والشراكة قوية بُنيت على الالتزام بالعمل لإحلال السلام العالمي والاستقرار، ووصفها جلالة الملك بصوت الحكمة.
 
وهذه اللفتة الأردنية، هي خطوة تحمل كثيراً من التقدير في نفوس الأردنيين، ومن محبي الأردن، المدركين بأنّ الدور الأردني عالمياً، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يحظى بتقديرٍ وصداقة راسخة. إنّ نهج الحُكم الهاشمي، والمعادلة التي أرساها جلالة الملك عبدالله الثاني في الحُكم، داخلياً وخارجياً، تعبر عن هوية دبلوماسية أردنية خاصة، فلطالما سعى إلى مشاركة دول العالم المنجز، ولطالما اشتبكت دبلوماسيته لأجل تأكيد ليس محورية الأردن وقضايا المنطقة، بل هي دبلوماسية تدفع باتجاه تعزيز القيم الإنسانية، وقيم العدالة لدى دوائ? صنع القرار عالمياً، هي دبلوماسية ملكية راسخة بخطابها السياسي، ومنجزها، وشرعيتها.