عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Nov-2025

نحو تنظيم ذاتي فعال للإعلام*د. محمد كامل القرعان

 الراي 

في عصر يزداد فيه الاعتماد على الإعلام الرقمي والإلكتروني، أصبح الحفاظ على مصداقية الإعلام وتنظيمه أمرًا أساسيًا لضمان نقل المعلومات بدقة وشفافية وحماية الجمهور من التضليل. ورغم أهمية القوانين، يمكن للإعلام أن يحافظ على تنظيمه الذاتي وفاعليته من خلال الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والمعايير المهنية الذاتية، والتي تشمل النزاهة الإعلامية، والالتزام بالحقيقة، وفصل المحتوى التحريري عن الإعلاني لضمان استقلالية وسائل الإعلام.
 
يمثل الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والمهنية حجر الزاوية للعمل الإعلامي، إذ تفرض النزاهة على الإعلاميين البحث عن الحقيقة ونقل الأخبار والمعلومات بدقة وشفافية، بعيدًا عن أي تحيز أو تزييف. كما أن فصل المحتوى التحريري عن الإعلاني يضمن حماية الجمهور من الرسائل المؤثرة على الرأي العام، ويؤكد على استقلالية الإعلام وحياده. وفي الوقت نفسه، يبقى الدفاع عن حرية الإعلام وحماية استقلاليته من الضغوط السياسية أو التجارية أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرار المصداقية المهنية.
 
لا يكتفي الإعلام بالالتزام بالأخلاقيات فحسب، بل يحتاج إلى تعزيز المسؤولية المهنية من خلال تطوير مهارات الإعلاميين في الكتابة والتحرير والتواصل، بما يمكنهم من تقديم محتوى واضح وجذاب وموثوق. ويكتسب التدريب المستمر أهمية كبيرة في هذا السياق، لأنه يتيح للعاملين في المجال مواكبة أحدث التقنيات والمعايير الأخلاقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء آليات لدعم الصحفيين في مواجهة أي تهديدات أو مضايقات يعزز التضامن المهني ويحمي حرية العمل الصحفي.
 
تلعب العلاقة بين الإعلام والجمهور دورًا حيويًا في نجاح التنظيم الذاتي، إذ يساهم التواصل المستمر وفهم اهتمامات واحتياجات الجمهور في تقديم محتوى أكثر دقة وملاءمة. ويعزز تشجيع الجمهور على المشاركة وتقديم الملاحظات جودة المحتوى الإعلامي ويقوي الثقة بين الإعلام والمجتمع. كما أن أخذ ملاحظات الجمهور على محمل الجد والعمل على تحسين المحتوى بناءً عليها يعد من أهم وسائل تطوير الإعلام وجعله أكثر قربًا وصدقًا مع المجتمع.
 
في النهاية، يمكن القول إن التنظيم الذاتي للإعلام ليس مجرد خيار، بل ضرورة في ظل التحديات المعاصرة وتطورات العصر الرقمي. من خلال الالتزام بالأخلاق المهنية، وتعزيز المسؤولية، وبناء علاقة قوية مع المواطنين ، يمكن للإعلام أن يؤدي دوره الأساسي في نقل المعلومة، وتشكيل الرأي العام، والحفاظ على استقلاليته بشكل فعال ومستدام، ليكون بذلك إعلامًا نزيهًا ومسؤولًا ومتفاعلًا مع احتياجات الناس.