عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2022

نـذيــــر مخـتــلف*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

لم يساورني الشك مطلقا بجدية الحكومة في تعاملها مع حادثة شهداء العقبة، ولم أكن أتوقع بأن تمر هذه الحادثة دون أن نرى انعكاسات على مواقع المسؤولية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالعقبة.. فلهذه الحكومة موقف سابق يستحق الاحترام، وفي عين الحقيقة أكثر من يستحق الاحترام في ذلك الموقف، هو الأستاذ الدكتور الطبيب نذير عبيدات، فموقفه الذي نصفه بالصحافة بـ «الأدبي» و»الأخلاقي»، حين استقال من موقعه كوزير للصحة بسبب حادثة مستشفى السلط، هو أكبر شاهد على سمو نفس وأخلاق الرجل، وعلى الرغم من أن الخطأ -بتقديري- ليس ناجما عن تقصير وزير، ولا مسؤولية أو تبعة قانونية تقع على الوزير، إلا أن الدكتور العبيدات غادر الموقع طوعا، وهذا موقف سياسي وأخلاقي ودرس كبير، قدمه نذير للحكومات وللناس، وفي النهاية هو موقف لحكومة بشر الخصاونة لا عليها..
 
موضوع حادثة تسرب غاز الكلور في العقبة، والذي ذهب ضحيته إلى رحمة الله عدد كبير من شهداء اردنيين وغيرهم، وتناقلته وسائل اعلام العالم كله، واستشهد فيه مواطنون غير اردنيين، كان يحتاج إلى موقف سياسي أردني ولا نقول قضائي، فالقضاء نزيه ومستقل ولن يتأثر برأي ولا بضغوط ولا بتواطؤ من أي نوع، وهذا هو قضاؤنا الأردني مهما شكك المشككون أو كره الكارهون.. ونقول يحتاج لموقف سياسي، لأنه لا يتعلق بالأردن وحده، وهو مرصود ويحظى بالمتابعة من جهات دولية كثيرة، ولا يمكن أن نقبل او يقبل العقل أن تدفع الحكومة ضريبته السياسية، بينما لسلطة اقليم العقبة كل الصلاحية في إدارة شؤون المنطقة الاقتصادية الخاصة..
 
أنا متأكد بأن د نذير عبيدات، رئيس للجامعة الأردنية، وليس مسؤولا لا في الميناء ولا هو في سلطة اقليم العقبة، ولو كان كذلك لسبق الجميع وقدم استقالته، وقدم مثالا أخلاقيا آخر في الزهد بالمواقع السياسية، واحترام ارواح الشهداء الراحلين، وهذا ما أحاول أن أقوله لمسؤولي العقبة في هذه المقالة سيما وأن «عين الحكومة كانت وما زالت حمرا»، ولن تقبل أن يمر الموقف المؤسف بلا حساب للمقصرين أو بلا التزام أخلاقي مشرف للأردن.. ولن تقبل أبدا ان تكون هي «كبش فداء» لسلطة تدير شؤونها بعيدا عن المركزية الحكومية في عمان..
 
استقالة نذير كانت شهادة له بسمو ورفعة أخلاقه وفهمه المتفرد للسياسة والإدارة.. وكلها تحسب له لا عليه، وهذا بالضبط الذي ما زلت «أنجّم» عليه بحثا وتنقيبا، لعلني أراه عند مسؤول أو أكثر من مسؤولي العقبة، فقولوا للعالم وللأردنيين بأنفسكم، وطوعا لا إكراها:
 
نحن نحترم تلك الأرواح التي زهقت، نتيجة إهمال ما في موقع ما من مواقع المسؤولية في الساحل الجنوبي اليتيم.. فهو لن يزداد يتما إن غادرتموه.
 
نبحث عن هذا رغم أن الحكومة قامت أمس بالمطلوب منها بعد ظهور نتائج لجنة التحقيق المكلفة بالبحث في أسباب حدوث هذه المأساة، حيث أقالت مدير عام شركة إدارة وتشغيل الموانىء ومدير عام الهيئة البحرية وعددا من المسؤولين في الشركة، ونعلم أن رئيس الوزراء أحال ملف القضية للنائب العام.
 
ومع ذلك ما زلنا نبحث عن شيء هناك من نوع أخلاق نذير عبيدات، فهل نجده؟!