عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Oct-2019

مفهوم ”المناطق المسیطر علیها“ - لیفي جدعون
ھآرتس
 
الاحتلال الاسرائیلي في العام 1967 مدین جدا لرئیس محكمة العدل العلیا الاسبق، مئیر شمغار، الذي توفي مؤخرا. لولا اسھامھ لما كان الاحتلال سیعیش فترة طویلة جدا. ولولا الشرعیة التي منحھا، ربما كانت ھذه الجریمة سیتم القضاء علیھا منذ زمن. في اریئیل وایتمار یجب أن تسمى شوارع على اسمھ. ومن جنین حتى رفح یجب اعتباره وصمة عار مدى الحیاة.
شمغار كان طبق الفضة الذي قدم علیھ الاحتلال لاسرائیل والعالم: بارد، نزیھ، مغلف بالسولفان اللامع، مع مظھر قانوني مزیف، جمیل ومتنور، مغسول ومكوي. بدون ھذا الغلاف كان كثیر من الاسرائیلیین سیلفھم خجل كبیر، ویكرھون الاحتلال ویحاربونھ. لولا شمغار والمحكمة العلیا لكان العالم ایضا سیعترف بشكل ابكر بالانحلال الاخلاقي الذي یختبئ خلف مغسلة شمغار.
لیس من المدھش أن اسرائیلیین كثیرین، من جمیع الاطیاف، قدروه واحترموه بھذا الشكل. لقد فعل من اجلنا العمل الاھم بعد العمل العسكري للاحتلال. لقد مكن من تخلید الاحتلال. شمغار والمحكمة العلیا التي تشكلت بروحھ، منحا الاحتلال الامر الوحید الذي كان ینقصھ وھو الشرعیة. بفضل شمغار یمكن أن تكون مع الاحتلال وأن تشعر بأنھ غیر موجود؛ منذ بدایة ایامھ قضى بأن الامر لا یتعلق باحتلال، وأن میثاق جنیف الرابع لا یسري علیھ، بالضبط مثلما یدعي الآن المتطرفون من الیمین. لا یوجد تقریبا أي رجل قانون جدي في العالم اشترى ھذا الغباء.
شمغار ایضا توقع الاحتلال: في بدایة الستینیات أعد المدعي العسكري شمغار البنیة التحتیة القانونیة لاحتلال متوقع، دون أن ینكر شرعیتھ. وھو ایضا منح المناطق الاسم الخالد: المناطق المسیطر علیھا. غیر محتلة وغیر حرة. شيء ما في الوسط. ھكذا أحببناھا، مؤقتة، اوراق للمساومة، فقط الى أن یتم ایجاد الشریك الفلسطیني المأمول، بعد لحظة أو لحظتین وربما ثلاث لحظات. حتى ذلك الحین مسموح لنا السیطرة علیھا كما نشاء. شمغار سمح بذلك. خلف التعبیر الذي صكھ اختفى احد التحایلات الكبرى للاحتلال: احتیال المؤقتیة. بعد لحظة سینتھي. مسیطر علیھا.
شمغار لم یكن مستوطن فظ أو عنصري وحشي. لقد كان ”بن غوریون الجھاز القضائي“، مثلما قام بتأبینھ أول من أمس افضل ورثتھ، اھارون براك. بالضبط مثل دافید بن غوریون عرف كیف یضع بصماتھ دون أن یترك آثار على جوانبھ الظلامیة. عبقریتھ الحقیقیة كانت في تشكیل الصورة اللیبرالیة والمتنورة لھ وللمحكمة. ھا ھو شمغار یمكن الفلسطینیین من التوجھ للمحكمة العلیا، وھو
امر غیر مسبوق في العالم. الجمیع أسروا بسحره ھذا، یوجد للشعب الواقع تحت الاحتلال الحق في المقاضاة في محكمة العدل العلیا. اجل ”العدل“ ایضا ھنا اختفى بتحایل كبیر. ھذه العملیة ساعدت في طمس الخط الاخضر. الجمیع متساوون امام المحكمة وجمیعھم لھم حق في المقاضاة، سكان الخضیرة وسكان مخیم جبالیا.
بماذا أفاد حق المقاضاة الفلسطینیین؟ كم مرة وقفت المحكمة العلیا الى جانبھم ودافعت عن حقوقھم؟
وكم مرة وقفت الى جانب المستوطنین؟ متى لم تكن خاتم مطاطي تلقائي امام جھاز الامن؟ حتى الطرد المشین لـ 414 شخص من اعضاء حماس الى لبنان في 1992 صادقت علیھ المحكمة العلیا بالاجماع، برئاسة شمغار. ھذا ھو شمغار الذي قال ذات مرة إنھ قرر تكریس حیاتھ للقضاء العام، بعد اعتقالھ اداریا من قبل البریطانیین وتم ابعاده الى اریتیریا. منذ ذلك الحین اعتقلت اسرائیل، بتشریع من محكمة العدل العلیا، عشرات آلاف الفلسطینیین اعتقالا اداریا، بالضبط مثل البریطانیین الذین اعتقلوا شمغار، لكن كیف یمكن المقارنة.
اسھام شمغار في حمایة حریة التعبیر والدفاع عن حقوق المواطن والنشاط والقیم الھامة الاخرى، لن ینسى لھ بالطبع. ولكن في یوم الحساب لا یمكننا عدم ذكر الشخص الذي شرعن المظالم وعرف كیفیة تغلیفھا بكلمات قانونیة سامیة، العدل والمساواة، قیم لم تكن ولن توجد في الفناء الخلفي المظلم لاسرائیل، التي دافع عنھا شمغار، بروحھ وشخصیتھ.