عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

الحكومة لا صوت لها.. استراتيجية الأذرع المتصارعة لإعلام الدولة
الاردن 24 -  
محرر الشؤون المحلية - في مكالمة هاتفية عام 1956، أخبر رئيس الديوان الملكي السابق، بهجت التلهوني، رئيس الوزراء المنتخب آنذاك، سليمان النابلسي، بأنه ذاهب إلى مصر بهدف تسليم رسالة من الملك حسين إلى جمال عبدالناصر. النابلسي رد على ما أورده رئيس الديوان بالقول: "أوقف سفرك.. لا يمكن أن أسمح لك بأن تسافر.. ما علاقتك أنتَ لتحمل رسالة من جلالة الملك الى جمال عبد الناصر؟ هذه مهمة وزير خارجية الحكومة وليست مهمتك أنت".
 
حدث هذا قبل 64 عاما.. في ذلك الزمن كان هنالك مفهوم يدعى بالولاية العامّة، تتمتّع فيه الحكومات، أمّا اليوم فقد اختلف الحال تماما.. الدوار الرابع بات عاجزا حتّى عن وضع سياسة إعلاميّة، ترسم محدّدات الخطاب الرسمي، وتضع بين يديّ المواطن ما تريد حقّا أن تقوله الحكومة، عبر مؤسّساتها الإعلاميّة الرسميّة وشبه الرسميّة.
 
تقول المصادر إن هناك لجنة تدرس وضع استراتيجية للإعلام، حيث تم تشكيل هذه اللجنة من قبل الديوان الملكي.. الغريب أن وزير الدولة لشؤون الإعلام لا علاقة له إطلاقا بهذه اللجنة، وكأن الأمر لا يعنيه وليس في صلب علمه، بل وكأن الحكومة نفسها غير معنية باستراتيجيّتها الإعلاميّة.
 
الأصل أن يكون الرأي الرسمي واحدا متجانسا، يحمل ذات الرسالة التي تعبّر عنها كافّة مؤسّساته الإعلاميّة، ولكن تقرّر عوضا عن ذلك صياغة مزيج غير متجانس، طرحت أسماؤه في الغرف المعتمة، وتحت الظلّ، لتشتيت الخطاب الرسمي أكثر ممّا نشهده اليوم.. كثير من الأسماء المطروحة لا تمتّ بصلة للمؤسّسات الإعلاميّة، فلا يوجد مدير أيّة مؤسّسة رسميّة أو شبه رسميّة قد ورد اسمه ضمن مقترحات فريق الكورال المنتظر، والذي يبدو أن دوره سيقتصر على "التشاور" داخل صالونات مغلقة، وترديد نغمات جوقة غير احترافيّة الأداء.
 
ويغيب صوت الدوار الرابع المبتور عن هذا المزيج الغريب، في سياق وصفة عجيبة تذكرنا بإحدى اللجان الديكوريّة التي تمّ تشكيلها قبل سنوات، وهي لجنة الحوار الوطني، التي جمعت من كلّ قطر أغنية، لتقوم بعقد اللقاءات والتشاورات، والخروج بتوصيات ألقيت على رفوف الزينة.
 
ذات محاولة سابقة، تجلّت رؤية إصلاحيّة تهدف لتطوير المحتوى الإعلامي، ولكن كان من الطبيعي أن نشهد فرلمة هذه الخطوة، كونها هبطت من خارج فلك الدوار الرابع، واليوم يجري اجترار ذات الخطأ، عن سبق إصرار وترصّد. لا ندري كيف يعتقد أصحاب مثل هذه الخطط "العبقرية" أن بالإمكان النهوض بواقع إعلام الدولة دون توحيد خطاب المؤسّسات الإعلاميّة، على أسس مهنيّة، وعبر مجلس إدارة موحد متجانس، بعيدا عن أذرع العبث المتنافسة، التي لا يمكن أن تقود إلا لنتيجة بديهية واحدة: التشتت في أكثر من مقرّ ومبنى، وتحت إدارات مختلفة، وبالتالي تحلّل هذه المؤسّسات!
 
ويستمرّ الحديث عن ضرورة ضبط وترشيد نفقات الدولة، بالتوازي مع تفريخ المؤسّسات الإعلاميّة للدولة، في أكثر من إدارة، ليكون لذات الدولة أكثر من خطاب، وأكثر من إدارة، وعدد آيل للتكاثر من المباني والسيارات والكاميرات، دون أن تكون هنالك على الإطلاق ما يمكن وصفه بالرسالة واضحة المضمون، أو بالاستراتيجيّة التي تعبّر حقّا عن توجّهات وصوت الدولة.