هآرتس
رئيس حكومة إسرائيل غير العربي بنيامين نتنياهو لا يفوت أي فرصة من أجل أن يثبت كم هو عنصري ويهتم بالصغائر، حتى في وقت أزمة شديدة. اثناء الحرائق الكبيرة في حيفا قبل بضع سنوات فانه بدلا من أن يستغل الضائقة من اجل تحقيق تكافل مدني، بدأ هو وأمثاله بالحديث عن ارهاب الحرائق من جانب العرب. وحتى الآن لم يتم العثور على أي دليل على “ارهاب” كهذا. الآن، وهو يتوجه الى المواطنين، هو يتوجه الى “اليهود”، والى “غير اليهود”. هكذا، العرب يمكن أن يكونوا مسرورين لأنهم الأوائل في التاريخ الذين اسمهم يبدأ بـ “غير”. وأنا شخص متفائل جدا فقد اعتقدت أنه اذا كنا “غير يهود” فاننا نحن باقي العالم، نحن العالم.
في هذه الاثناء ماكينة الدعاية تعمل ساعات اضافية. رغم أن جميع المؤشرات تبين أن السكان العرب يظهرون مواطنة نموذجية، بوعي عال جدا وامتثال مثير (تم اغلاق المساجد والكنائس أمام المصلين. ولا أحد يقوم بالصلاة سرا. ولا يوجد أي زعيم ديني أو اجتماعي اعترض على التعليمات الرسمية) – إلا أنه في كل مرة يذكرون فيها الوضع الصعب في المجتمع المتدين، يسارعون الى السؤال وماذا مع العرب؟.
هكذا، هذا هو الوضع لدى العرب. حسب اقوال عضو الكنيست مطانس شحادة، رئيس اللجنة الفرعية للكنيست لشؤون الكورونا في المجتمع العربي – نسبة المواطنين العرب الذين اصيبوا بفيروس الكورونا هي نسبة معقولة جدا، حتى بعد موجة الفحوصات التي أجريت مؤخرا. وهكذا ايضا نسبة المصابين في حالة خطيرة. أيها اليمينيون الاعزاء. نحن نأسف على خيبة الأمل التي تسببنا لكم بها. ماذا تريدون منا أن نفعل من أجل أن نرفع المعنويات في دولة الاكثرية اليهودية؟ هل ربما نقوم برش انفسنا بفيروس الكورونا من أجل أن نجعل يئير بن نتنياهو مسرورا؟ نتنياهو الابن دفع التحريض عدة خطوات الى الأمام، ونشر في حسابه في تويتر صورة للمظاهرة من العام 2014 وكأن الامر يتعلق بصورة واقعية من يافا في هذا الاسبوع. “متى يغلقون يافا؟”، هتف الجمهور الذي تم تحريضه ردا على ذلك في الشبكات الاجتماعية بـ “بني براك ليست وحيدة”.
بالضبط في هذه الاوقات الدراماتيكية من المثير أن القنوات التلفزيونية في اسرائيل قد اعلنت عن تقليص عدد الاطباء العرب على الشاشة. هناك يد خفية قررت اخفاءهم. يبدو وكأن سياسة الفصل التي قام برسمها بتسلئيل سموتريتش في غرف الولادة قد تم توسيعها من قبل شبكات البث. في المقابل، اصدقاء ومعارف عرب كثيرين يتحدثون بفخر ممزوج بالقلق عن أبنائهم وبناتهم الذين يوجدون في الخط الأمامي في الحرب ضد الكورونا.
في المستقبل وعندما سيقوم المؤرخون بفحص ما الذي حدث هنا في زمن الكورونا الصعب، سيعتقدون أنهم اذا استندوا فقط على المواد في التلفزيون فان العرب قد قاموا بالهرب من الجبهة، وأنهم أبقوا رجال الاطفاء الشجعان وحدهم في المعركة.
بالعكس، اذا أردنا التحدث عن المواطنة، عندها فان العرب هم المواطنون المثاليون في الدولة. هم وزعماؤهم ايضا في جميع القطاعات يظهرون المسؤولية والوعي العميق. كما أنهم في اوقات الازمة يظهرون التماهي مع اخوتهم الاصوليين الذين يوجدون في مشكلة حقيقية، والدليل على ذلك هو تصريحات عضو الكنيست ايمن عودة وعضو الكنيست وليد طه. هذا خلافا لاجواء التحريض “عليهم”، التي اتبعها قادة الرأي العام في اسرائيل، وعلى رأسهم المذيعة رينا متسليح التي تحولت الى حاكم عسكري من تلقاء نفسها في قطاع بني براك. يا للعار.
في هذا السياق نشير إلى أن سير أزرق أبيض وحزب العمل مع نتنياهو جاء بخلاف تام مع وضع الامور على الارض. بهذا، فقد عبروا عن دعمهم لاقصاء حوالي 20 في المائة من سكان الدولة. بالضبط في هذه الايام هم كانوا يستطيعون، حتى اذا ارادوا حقا حكومة طوارئ، أن يشترطوا قيامها بمشاركة المواطنين العرب كنوع من معلم مهم في طريق الدولة.
في النضال على صورة الدولة الحديثة، العرب قاموا بدورهم وبصورة كبيرة.