عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2019

إسرائيل والدولة الواحدة مشروع حل أم أزمة؟ - باسل ترجمان

 

الدستور- تبدو المتغيرات في عملية السلام المعطلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين مؤشرا لنهاية محاولة عجزت عن انهاء الصراع بين الطرفين والسعي لحل يمكن الشعبين من إقامة دولتين مستقلتين على مساحة جغرافية صغيرة ومليئة بالتاريخ وتناقضاته.
مع فشل السير نحو مشروع الدولتين بدأت عديد الاطراف داخل المجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي البحث عن بدائل أخرى لتكون إطاراً للحل السياسي الذي يفكك حالة الاشتباك بين الطرفين، ويسمح بطرح بدائل أخرى قد يكون لها حظوظ وفرص في التحقق تتجاوز حالة الفشل المتراكم منذ ربع قرن على جدران عملية السلام التي تهاوت بفعل الزمن.
أحد هذه الأفكار في ظل تصاعد هيمنة اليمين واليمين المتطرف على المشهد السياسي في إسرائيل تتمثل في طرح فكرة الدولة الواحدة لشعبين بمعنى ان تنهي إسرائيل الجدل العقيم حول السلام الموهوم وتعلن من جانب واحد او عبر تفاهمات مشتركة مع اطراف فلسطينية عن دولة واحدة تضم الغالبية القصوى من اراضي فلسطين التاريخية.
كيف يمكن تحريك الافكار البديلة عن ما سمي بعملية السلام لتكون بديلاً قابلاً للتحقيق أو للدفع بأفكار جديدة قد تدفع بحالة الجمود المطلق الذي يهمين على واقع الحال بين الطرفين إلى حراك جديد يمكن ان يساهم في تغيير ما للواقع.
الفشل في إدارة الواقع كان أكبر ميزات العلاقة المضطربة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على امتداد ربع قرن من عملية السلام، خاصة وأن ظروف ما بعد الغزو العراقي للكويت وانهيار المعسكر الاشتراكي والانتفاضة الفلسطينية الأولى ساهم بشكل كبير في دفع الطرفين نحو البحث عن فكرة ما قد تؤدي لحل سياسي، توقع الفلسطينيون ان يكون على أساس قرارات الشرعية الدولية، بينما كان الاسرائيليون يعلمون جيداً انهم لا يمكن لهم بأي حال من الأحوال القبول والالتزام بها لأن ذلك سينسف أسس الفكرة الأولى التي تجمعوا حولها.
الدولة الواحدة لشعبين والتي ماتزال تطرح بخجل في أوساط مغلقة تتعمد النقاش أكثر من التعاطي مع البحث عن الحلول والنتائج ستجد في المستقبل مساحة أكبر من حرية الحوار وأول نقطة ستواجه الساعين للحديث عن هذا الحل تتمحور عن ما هي الاليات الممكنة لدمج المنظومتين: هل عبر اعتبارهم مواطنين بنفس الحقوق والواجبات أو باستمرار رؤية التمييز على أساس الدين والعرق.
كيف سيكون التغير الفكري لدى الفلسطينيين؟ هل سيكون بالسعي لتغيير اليات النضال من النضال من اجل التحرر الوطني إلى النضال من اجل الحقوق المدنية. وكيف يمكن للمجتمع الاسرائيلي المتجه بعمق نحو تأصل الفكر اليهودي التوراتي في رؤاه السياسية من أن يقبل بهذا المشروع ويرتضي بأن تكون الدولة الواحدة، بغض النظر عن مسماها، دولة لشعبين قد يصلان يوماً للمساواة التامة بينهما.
أسئلة عسيرة على الواقع المعاش خاصة وأن إسرائيل التي يترنح حكمها بين اليمين ويمين الوسط فقدت فيها القوى اليسارية والراغبة بالسلام مع الفلسطينيين دورها ومكانتها في المشهد السياسي الذي افتقد أيضا قيادة قادرة على صناعة أي حل ممكن وتحول من فكر قيادة الدولة إلى تسييرها مما يجعل من إمكانية الحديث عن حلول ممكنة بين الجانبين بغض النظر عن واقعيتها أمرأ مستبعداً في المدى المنظور.
هذا المشروع هل سيكون بوابة للحل أم لأزمة جديدة تعطل سبل البحث عن حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتمدد حالة الجمود لسنوات قادمة قد تمهد مع تصاعد الاستيطان إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية، ويحول المناطق الفلسطينية لمحتشدات لا تبتعد عن تجربة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.