عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2019

روبوتات من لحم ودم - د.عاصم منصور
الغد- تفاجأت عائلة المریض ارنیست كوینتانا والذي كان یتلقى العلاج من مرض عضال في العنایة المركزة في أحد مستشفیات ولایة كالیفورنیا الأمیركیة بـ“روبوت“ یقتحم علیھم الغرفة لیعلن لھم من خلالھ أحد الأطباء عن تقییمھ لمدى صعوبة حالة المریض وضیق فسحة الأمل أمامھ.
لم تكن صدمة الأھل ناتجة عن صعوبة الأنباء التي تلقوھا فقد كانت متوقعة ولكن من الطریق ”اللانسانیة“ التي تم من خلالھا التواصل معھم والتي رأوا فیھا اھدارا لكرامة المریض واستھانة بمشاعر الأھل.
لا شك أن الالة التي اصبحت أكثر ذكاء بمرور الوقت مقرونة بوسائل الاتصالات الحدیثة قد غیرت وجھ الطب واحدثت ثورة معرفیة في طریقة تعاطینا مع الرعایة الصحیة وكسرت العدید مما كنا نظنھا مسلمات وكان ھذا التأثیر ایجابیا في معظم جوانبھ، لكن ھذه الثورة وكما ھو الحال مع جمیع الثورات لم تخل من الاعراض الجانبیة والشوائب التي علقت بھا ومن ابرزھا تأثیرھا السلبي على عملیة التواصل الانساني.
فرغم التقدم العلمي الھائل الذي شھدناه مطلع الالفیة الثالثة ما زال التواصل الإنساني بین الطبیب ومریضھ یشكل ركیزة أساسیة من ركائز العملیة العلاجیة لكننا للأسف بدأنا نشھد مؤخرا انسحابا تدریجیا وملحوظا لھذه العلاقة ولم تقتصر ھذه الظاھرة على العلاقة بین الطبیب والمریض بل تعدتھ الى سوء التواصل بین اعضاء الفریق الطبي انفسھم مما افقدھم روح الفریق وثقة المریض بھم واصبح تنقل المریض بین عدد كبیر من الاطباء ظاھرة معاشة وھو ما بات یعرف بالتسوق الطبي.
ادت ھذه الظاھرة الى نشوء تحركات ومجموعات تنشط في الفضاءین الحقیقي والإلكتروني تدعو إلى انسنة الطب وتخلیصھ من براثن الالة وثقافة الوجبات السریعة والتواصل عبر الشاشات ومفاتیح الكیبورد والتي انشبت مخالبھا واطبق على كافة مناحي حیاتنا لتحولنا إلى روبوتات لكن من لحم ودم.