عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2019

طارق مصاروة قامة عروبية عالية وفارس غيور لم يهادن في حب الوطن

 

عمان -الدستور - ياسر العبادي - أجمع المشاركون في حفل التأبين، الذي أقيم للراحل الكبير الكاتب الصحفي والوزير الأسبق طارق مصاروة، على تلك المكانة التي شغلها الراحل الكبير في وجدان الأمة العربية بعامة، والأردنيين بخاصة، بوصفه قامة صحفية، وسياسية، وثقافية، وفكرية فريدة. وقد استذكر أصدقاء ومحبو الراحل الكبير، من وزراء، وسفراء، ومؤرخين، مناقب الفقيد على الصعيد الإنساني والمهني، خلال حفل التأبين الذي أقامته وزارة الثقافة، يوم أمس الأول، في المركز الثقافي الملكي.
كما تتبعت الكلمات التي ألقيت في الحفل تلك المبادئ التي عاش من أجلها الكاتب طارق مصاروة، ومحطات مهمة من سيرة حياته التي تجاوزت الثمانين عاما، تميز خلالها في المجال الكتابة الصحفية، والتحليل السياسي، إضافة إلى علاقته برئيس الوزراء الاسبق الشهيد وصفي التل، وتنقله بين العواصم العربية، والأجنبية.
اكتبي على قبري «لقد كان أردنيا» هذه كانت وصيته، وكما تباهت زحلة بضم رفات الكبير سعيد عقل في أرضها، يحق لطارق أن تفخر مادبا بضم رفاته على أرضها، هذا العاشق المتيم بالوطن العائد إليه من سوريا حيث أمضى طفولته وجزءا من شبابه هناك ، عاد ليعطيه كل الحب والتفاني والوجد، هكذا تحدثت عنه زوجته نبيلة في حفل تأبينه.
بدأ حفل بفيلم قصير تضمن شهادات حول مسيرة مصاروة من مختلف الأوساط الثقافية، السياسية، الاجتماعية والأهلية، وبرعاية من وزير الثقافة ووزير الشباب الدكتور محمد ابو رمان بحضورالناطق الرسمي للحكومة جمانة غنيمات، ثم ألقيت في الحفل كلمات لكل من: الزميل أيمن المجالي رئيس مجلس إدارة «الرأي»، الوزير الأسبق سمير الحباشنة، د. علي محافظة، د. مهند مبيضين، فالح الطويل، الزميل زين الدين خليل أمين سر نقابة الصحفيين، وعن آل الفقيد زوجته نبيلة مصاروة.    
 
 د. أبو رمان: مصاروة قامة 
أردنية عروبية عالية
في كلمته قال الدكتور محمد أبو رمان: في هذا الموقف المليء بمشاعر الإجلال والتقدير لقامة أردنية عروبية عالية، نستذكر بامتنان وفخر شخصية فريدة قلما يجود الزمان بمثلها، فمعالي طارق مصاروة يعد مدرسة في الإعلام ومدونة في التاريخ السياسي والاجتماعي الأردني مثالا في التواضع ونبل الأخلاق، فقد رافق كبار رجال الدولة الأردنية منذ بواكير عهد الراحل الكبير الحسين بن طلال طيب الله ثراه، فكان بذلك ذاكرة ذهبية وسجل عز نظيره، في السيرة الغيرة، وفي التاريخ غير الرسمي، فهو حاضر ومؤثر، وبؤرة التقاء فكري وسياسي، جعلت منه مقصداً ونبع معرفة تميز بالغنى والشمول.
وأضاف د. أبو رمان: «طارق مصاروة كاتب مقالة بنكهة خاصة، في مقالته جرأة دون إسفاف، وفكرة تنبش في الماضي وتقرأ الحاضر وتؤشر على المستقبل، في قلمه لون التراب وطعم القمح وغلة البيادر، فكأنه الأردن في كل تفاصيله ورؤاه، لم يكتف بالكتابة بل له إسهامات في مؤسسات صحفية وإعلامية، وكانت الرأي بيته ووطن قلمه ومهوى فؤاده، وهو المسكون بالإنسان الأردني معلناً انتماءه للأصلاء والمهمشين الصامتين من أبناء هذه الأرض الأردنية المباركة.
عاصر مصاروة الدراما الأردنية في عصرها الذهبية من خلال الشركة الأردنية للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، فكان لهذه الشركة الدور الكبير في نهضة الدراما الأردنية، ودخولها إلى كل بيت عربي، مدركاً دور الفن والثقافة في بناء المستقبل، ومقدرتها في بناء جسور التواصل بين الشعوب والأمم، وقد أثبت غياب هذه الشركة المساحة والدور الكبيرين الذين نهضت بهما في هذا المجال.
زهد طارق مصاروة بالمناصب الإدارية والسياسية، فقد آمن بدور الإعلامي والصحفي قيادة والوعي وبناء المعتقد التنوري، وعندما مرت المنطقة في فوضى ما سمي بالربيع العربي، وعزوف كثير من الشخصيات عن مسؤولية عدد من المناصب، كان طارق مصاروة حاضر في الزمن الصعب كعادته، ورغم أن خدمته وزيراً للثقافة لم تكن طويلة، غير أن ما تركه من أثر في وجدان وعقول المثقفين والموظفين خالد كنقش ثمين، هذا رجل صاحب أثر طيب أينما حل كزيتونة مباركة».
وخلص د. أبو رمان إلى أن الراحل طارق مصاروة سيبقى إحدى علامات الوطن الفارقة، وسنذكره دوما من خلال إرثه الكبير والغني الذي سنعمل ما استطعنا على إبرازه ونشره بالتعاون مع المؤسسات المعنية، ليكون حاضرا لدي الأجيال القادمة. نعم إن الفقد صعب، والحزن عميق لكن مثله يخلد في العقول والقلوب، نعزي الوطن وأنفسنا برحيله أسكنه الله فسيح جناته.
 
 المجالي: اسم راسخ في عالم 
الكتابة الصحفية والتحليل السياسي
من جهته قال أيمن المجالي رئيس مجلس إدراة الرأي: لا أجد في هذه الوقفة الجليلة، وفي عيون هذا الجمع المهيب، إلا مزيدا من الألم والحزن واستذكار ذلك الطود الراسخ اسمه في عالم الكتابة الصحفية والتحليل السياسي،والأخلاق الإنسانية، والصفاء الروحي لقامة أعطت الوطن الكثير، ولم تنتظرحمدا أو شكرا، لأن هذه هي أخلاق الرعيل الأول الذين أخلصوا لقضايا وطنهم وأمتهم وعروبتهم، فكانوا أشجارا يستفيء بظلها الناس، وكانوا حراسا على نهضة الوطن وماضيه وأصالته، وكانوا يقرأون تفاصيلنا، فلا يكتبون لمجرد أن يكتبوا أو ينالوا شهرة، بل لقد صدقوا وعلموا أن في كل حرف صاغوه من تلقائة أهلنا الطيبين وطموحاتهم وآمالهم، أمانة هم مسؤولون عن الأوطان والعروبة والمجد التليد، وتلك الهوية التي ظلوا عنها يدافعون، ولها بعملون، فكان طارق مصاروة أحد هذه النماذج المضيئة في سماء الوطن والعروبة، بقيت حروفه شامخات وبقي حسه أصيلا وظل غحساسه متوقدا، يعاني ما تعانيه العروبة والأوطان الجريحة، ويدرك كم هو الدور العظيم لوطنه الأردن خصوصا أنه كان شاهدا مبكرا جدا على الاردن وهو يأسى لفلسطين ذلك الجرح النازف غرب النهر.
 سمير الحباشنة: كان رمحا أردنيا صلبا
أكد الوزير الأسبق سمير الحباشنه في كلمته أن مصاروة الكاتب الأردني الأردني الأبرز بين جيل ويزيد من المبدعين، فارس وطني غيور، رمح أردني صلب، لم يهادن في حب الأردن، ولم يساوم على قناعاته بذلك، الثبات على المبادئ سمته، تقرأ له في السبعينات في التسعينات، وفي الألفية الحالية تجد نفس الخطاب والعقيدة والمبدأ ولكنه الأقدر على المواكبة بتحديث الأدوات التي تخدم هذا الخطاب، قال لي حب فلسطين هو في حقيقته حب الأردن، وأن  الأردن وإن نزعت منه عروبته يصبح منزوعا للدسم ، يفتقده الفكر النير، والكلمة الصادقة والمقال الملتزم وقبل كل ذلك الروح الصافية المحبة الايجابية المتفائلة.
 
د. علي محافظة: خبرات واسعة وثقافة عميقة
أما الدكتور المؤرخ علي محافظة فقال: عرفت المرحوم مصاروة في صيف 1965، وكان آنذاك يعمل معلقا سياسيا في الإذاعة الرسمية الاردنية بعمان، وكان كصحفي وإعلامي بارز من المدرسة الإعلامية العربية التقليدية التي كان يمثلها في مصر احمد سعيد ومحمد عروق في إذاعة صوت العرب، وكان طارق إعلاميا مدافعا صلبا عن الأردن ومواقفه السياسية المحلية والعربية والدولية في ظل الحرب الإعلامية الشعواء القائمة بين الدول العربية، منذ منتصف الخمسينات من القرن العشرين، وكانت الدول العربية منقسمة إلى معسكرين: التقدمية والمحافظة، كانت تجربته في ألمانيا أثناء عمله ملحقا إعلاميا في السفارة الأردنية آنذاك قد أثرت فيه تأثيرا عميقا وأكسبته خبرات جديدة وسعت آفاقه الفكرية وعمقت ثقافته السياسية وهذبت مسلكه المهني.
 
د. مهند مبيضين: ذاكرة عربية ووطنية «مرنة»
وقال الدكتور مهند مبيضين: أن نقول مصاروة الكاتب والإعلامي والسياسي المتمنع قبولا بهوية غير العروبة، فهذا ما يعرفه بتفاوت معظم رجال الفكر والثقافة في الاردن والكتاب العرب من جيله، أما طارق الإنسان فكان حكرا ليس على اهله وأصدقائه وحسب بل على رفاق المهنة وجلهم من إعلام المعرفة والثقافة والسياسة في كل ميادينها وكان لكل منهم منزلة عنده احتفظ لنفسه بمعيار ترتيبها، حياته زاخرة بالعطاء على غير صعيد، فأنى سرحت طرفك في فضاء الثقافة والإعلام الأردني، فأنت واقع، لا محالة على بصمات ووجود له في مختلف دروب الإعلام، الجامعة التي يسر حين ندعوه لفاعلية بها وكل مرة يأتي يتذكر الشهيد وصفي التل ويبدأ الحديث عنه.
الأجيال التي تؤبنه اليوم وتحضر هنا، لا تحمل في وجدانها عنه سوى صورة شبه ثابتة لم يعترها تبدل كبير على مدى عقود: الفطن الحيوي الحضور، مع مزيج من الانفتاح العفوي على الآخرين، والمرح العلني المعدل من حدة وقار السمعة الثقافية التي لها في الأذهان حيطان عالية يحجب وهمها سهولة الوصل معها والوصول إليها!، صفته المركزية ككاتب التي أدار حولها بلباقة المزايا الأخرى في شخصيته من جرأة  وشجاعة وكرم لم ينفك يؤكدها ويعيد تأكيدها كتابة وشفاهة ويسحبها على كل الحوادث إلا أن أحبها إليه هي تلك التي يلتبس فيها الكاتب بالمناكفة والدور الإعتراضي كمثقف والتي استقر على مزاولتها، هذا الالتباس الذي يحسم تعيين « بطله» الأوحد ، أو مصدره الأوحد، فهو الكاتب الأول في زمن الأفق والوطن وصوت الشعب والعرب اليوم قبل الصدور، ثم كاتب الزاوية الأقرب للنظر في الرأي وقبل ذلك في الدستور، هو الكاتب الذي يتكئ على ذاكرة عربية ووطنية «مرنة» اشبه بقرص تخزين عالي الجود والسعة « نادرة لا تشيخ فيها التواريخ ولا تتداخل الأزمنة ولا تبهت فيها الوقائع الصغرى والأمكنة وأسماء الأعلام المعروفة وغير المعروفة.
فهل تكون تلك الروايات، عن سنوات الطفولة زمن مادبا في الانتداب وحوش العيلة، مثلا حيث طاحونة والده التي كانت مقصدا للبدو القادمين من « المشاريق ومن السعودية» وفي مأدبا البداية، عشر سنوات من الدراسة في أولها كانت في مدرسة دير اللاتين للصف الثاني ثم الإنتقال ألى مدرسة الأميركان» سجلت أنا وغالب هلسا القادم من ماعين في الصف الخامس ولم ندرس الصف الثالث والرابع « وفي عداد الزملاء كان معهما في اللاتين فواز ابو الغنم وفي مدرسة الاميركان ميشيل حمارنة وهاني حدادين.
في سيرة طارق ما يحمل من ذاكرته تفسيرات كثيرة لبدايات وطنية وعمل جاد، دائمة، فعودة وصفي رئيسا للحكومة كانت حملت معها قرار دفاع بمصادرة جريدة الدفاع التي بناها أصلا سليم الشريف عند التأسيس وسميت الجريدة الجديدة بالرأي على اسم جريدة القوميين العرب التي كانت تصدر بعمان وكان يكتب بها وصفي التل في أواسط الخمسينيات، هكذا هو الراحل سفر روايات أردنية ورؤيته للتاريخ لم تشرد بعيدا عن رؤية المؤرخين القدامى، سيرته الذاتية التي لا يستأثر فيها الكاتب بكامل الانسان تغري بمقاربتها كموضوع لبحث ثقافي عن تشكل نخب الاردن وبمنهجيات بحثية لم يزاولها هي أكثر قدرة على قراءة ما سكنت عنه « روايات المؤرخين رسميين أم مستقلين هي الغائب حتى اليوم من تاريخنا ومنهاجنا التي لعبت بها الأيادي.
حضوره المحبب والمشع كان أيضا من صنعه ومن دأبه ومع المرح الذي يفصح عن ميل فطري فيه نحو مباهج الحياة لم يكن يخبئه لم يفرط مع ذلك باليقظه الفطنه ومراقبة الذات في علائقه بالآخرين كان حذقا مقتدرا على التكيف مرنا وكان أيضا عنيدا ومن غير أن يحمله عناده إلى مواجهة أم إلى تراجع.
 
فالح الطويل.. ذكريات أربعين عاما ويزيد
أما الكاتب فالح الطويل فقال: ليس الحديث عن صديق بحجم طارق مصاروة وحضوره الكبير في أذهاننا بحديث سهل، فأبو علي كان يشغل في حياته فضاء واسعا لكل الذين عرفوه يدخلون إليه كل لقاء ويخرجون عندما يخرجون أكثر سعادة وإطمئنانا ورضى، لكنه اليوم لم يعد يقف حيث اعتدنا أن نجده بل ترك ذلك الفضاء فاغرا فاها لا نهاية لمداه فنرتد عنه إلى مساحات لا طرق عليها ولا علامات طرق بل غلى فراغ يكاد يخلو من الهواء بكل ما يعني مثل هذا الفراغ لصديق مثلي، ترتبط صورة ابو علي في ذهني بأحداث كثيرة بدأت تتالى منذ اربعين عاما، كانت أولاها في بغداد في 1979، كنت يومها قد قدمت أوراق إعتمادي للرئيس العراقي احمد حسن البكر رحمه الله، عدت بعهدها للسفارة، لأجد أبا علي قد وصلها قبلي في مفاجأة جميلة من مفاجآته الكثيرة لأصدقائه الذين يعلم مقدار تعلقهم به، وما أن جلسنا قليلا نتحدث بصوت سعيد النبرات، حتى قيل لي أن أحدهم على الهاتف يريد التحدث معي ليعلمني وبصوت متعجل أنهم وجدوا طفلا اردنيا هائما على وجهه في شوارع بغداد فاحضروه للسفارة ، وصعقنا الخبر ، ذلك اليوم كان همنا جميعا مع ابي علي رحمه الله أن نكون لذلك الطفل أهلا له نتحتضنه ونحميه ونحافظ على حقوقه، وخلال الأيام التالية صار الطفل موضوع جريدة الرأي الأهم حين كان طارق مصاروة كاتبا يوميا فيها يقرأ مقالاته الرفيعة كل قارئ تقريبا.
 
 زين الدين خليل: رؤية إعلامية 
نابضة بعشق الوطن
الزميل زين الدين خليل أمين سر نقابة الصحفيين قال: هي لحظات من عمرنا نؤبن فيها وخلالها أعلامنا ورجالنا ومنهم زميلنا وكاتبنا الراحل طارق مصاروة، وكل منا يذكر إيمانه وثوابت قلمه ورؤيته الإعلامية النابضة من عشق أصيل لثرى الأردن الوطن والدولة في بلادنا العربية والتي تقف في قلب بلاد الشام، وها انا معكم أقرأ ما كتب الراحل ذات يوم: «ليس هناك ما هو أعظم من تاريخ الأردن، فهو مبني على حقائق ثابتة، وموثق بالعقل والخلق ودم الشهداء، وأولهم الملك المؤسس شهيد المسجد الأقصى»، من هنا نقف لنستذكربفخر شخصية إعلامية وطنية قدمت أكثر من 60 عاما من الفكر والصحافة والإنتماء للصحافة الأردنية والعربية القومية، وأسهم في صقل وتشكيل الراي العام الأردني من خلال المؤسسات التي عمل بها على مدى عقود مهمة من تاريخ المملكة، كان راحلنا الكبير واحدا من الكبار الذين ارسوا قواعد الصحافة الوطنية نستذكره اليوم مع إحساسنا بالفخر بجيل من كبار الصحفيين والإعلاميين ومن رجالات الأردن المخلصين وأصحاب الفكر الوطني الحر، غابوا وفي أعينهم الإصرار والتحدي كيف لا وهو من كان يقول: « على الأردنيين أن يعودوا إلى كل حرف من تاريخ بلدهم وتاريخ قيادتهم».
وأضاف: نعرف زميلنا كما نعرف إشراقة الدحنون واهتزازات سنابل القمح، إنه صاحب الكلمة الجريئة والموقف الثابت المنتصر للحق وللحقيقة وللناس دائما، كان رحمه الله منارة تنير الطريق للوطن والمواطن في أشد الأوقات حلكة وكان سندا وعونا لكل من عرفه، أجيال عديدة من الصحفيين والإعلاميين نهلت من علم وفكر وكتابات مصاروة فقد كنا نتحسس ضوء الفجر لنتلقف الصحف أو المجلات التي كتب بها، نقرا بلهفة العشاق تتلمذنا على يديه، وكان قدوتنا بعشقه للوطن وبفكره الواسع ومهنيته العالية التي تركت أثرها في المشهد الإعلامي والعاميلن فيه. 
   
 نبيلة مصاروة: «اكتبي على قبري (لقد كان أردنيا)
ختمت حفل التأبين زوجة الراحل السيدة نبيلة قائلة: اكتبي على قبري «لقد كان أردنيا» هذه كانت وصيته وكما تباهت زحلة بضم رفات الكبير سعيد عقل في أرضها يحق لطارق أن تفخر مادبا بضم رفاته على أرضها، هذا العاشق المتيم بالوطن العائد إليه من سوريا حيث أمضى طفولته وجزءا من شبابه هناك عاد ليعيطه كل الحب والتفاني والوجد، ترحل عنا وكأنك لم تكن يوما وشاحا على صدر الوطن وكأنك لم تكن يوما وردا يفوح عطرا بحب الاردن ولم تكن تفاصيل يديك مليئة بأحزان الأمة.
وأضافت: «عاش طارق فققير الجيب لكنه كان غني الثقافة واللغة لا بل اللغات، لم يحتفظ بأي من كتاباته حتى التي منعت من النشروكان يقول أنا أكتب والناس تقرأ،  نعم لقد كان له قراء كثر بانتظاره كل صباح أكثرهم لا يعرفونه ولا يعرفون أن طارق يحب المطر والأرض والزرع والشجر وفيروز وعبدالوهاب والموسيقى الكلاسيكية ولوحات فان كوخ والريف الأوروبي ، عندما بنى بيتا بالكمالية جارا لوصفي التل وبعد إستشهاده كنا نزور بيته الذي يعرف كل تفاصيله ونزور الضريح ويبكي على ايام قضاها برفقته فقد كان يعيش مع وصفي حتى مماته.
حفر طارق في بستانه بالكمالية ثلاث آبار لجمع مياه الأمطار، انهار بئران، أما الثالث فقد استعان لبنائه بمهندس خبير لجمع 300مترمكعب من مياه المطر، فصمد البئر بتكاليف باهظة كان يمكن أن يبني بها بيتا آخر، كان طارق مدمن قراءة وعندما دخل الإنترنت على حياته أصبح قليل الذهاب إلى فندق الأردن لشراء الدوريات الأجنبية والعربية، ينام مع الراديو ليلا ليفيق صباحا بأقل من نصف ساعة، كان محبا لإصدقائه وفيا للأردن الغالي، متواضعا لم تكن المراكز تهمه فقد يجلس طويلا مع مزارع صغير أو عامل وطن يحدثهم ويروي لهم ما شاء من أخبار وأحداث، توافدعلى طارق عدد من طلاب العلم كانوا يجلسون معه ساعات وأياما يكتسبون من خبراته الطويلة في مجالات عدة أهمها الصحافة والإعلام .
لم تكن حياته سهلة فقد عاش التشرد والسجن والفقر وطبق عليه منع الكتابة بالصحف وصودر العديد من مقالاته واستقال وأقيل وكل ذلك لم يكن يمنعه من الكتابة للوطن والأمة، أما الجرح العميق الذي لم يلتئم فكان فلسطين، وتبعها الباقي فأنتم تعرفون أكثر مني ما حل بهذه الأمة من مصائب، أرجوا ان لا أكون قد أطلت عليكم فأنا مثله ومثلكم أحب وطني بشراهة وأحبكم جميعا، شكرا لكم ولكل محبي طارق على كلمات التعزية التي غمرتمونا بها، شكرا لكل من عاده في مرضه ولأطبائه وممرضيه الذين راعوه بكل تفان ومحبة، عشتم وعاش الاردن قيادة وشعبا، بذلك ختمت حديثها زوجته نبيلة وختم حفل التأبين».