عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Feb-2021

نصيحة للرئيس: بمقدورك أن تحدث «الفرق»*حسين الرواشدة

 الدستور

مضى من عمر حكومة الدكتور الخصاونة نحو خمسة شهور، وصار بوسعنا ان نسأل: ماذا أنجزت، وأين اصابت وأين أخطأت؟ جردة الحسابات هنا يفترض أن تستند الى مسألتين: الأولى «الأجندة» التي تطرحها الحكومة وتلتزم بها حسب مواعيد محددة، وهي -حتى الان- غير متوفرة، وبالتالي لا يمكن قياس «الإنجاز» بشكل دقيق، أما المسألة الأخرى فهي انطباعات الرأي العام عن أداء الحكومة، وأعتقد انها لا تختلف عن تلك الانطباعات التي تشكلت تجاه معظم الحكومات السابقة.
لا أحتاج بالطبع لاستدعاء نتائج آخر استطلاع رأي (اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية بعد مرور 100 يوم على تشكل الحكومة)، يكفي ان أشير الى ان ثقة المواطنين بالحكومة تراجعت (6) درجات بعد مئة يوم على تشكيلها، وهي نتيجة متوقعة في ظل وجود انطباع لدى غالبية الأردنيين (57 % من المستطلع آراؤهم) بأن الأمور في الأردن تسير في الاتجاه السلبي، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
مهمة الحكومة اذاً صعبة،  وستكون اصعب في الأشهر القادمة،  خاصةً بعد ان « تنقشع « سحابة كورونا ، ونصطدم جميعا بما تركته من « اثار العدوان»  علينا ، ليس فقط في المجال الصحي وانما الاقتصادي والاجتماعي والنفسي أيضا، لدرجة يعتقد البعض اننا سنكون في مواجهة «نكبة» لا يمكن التعامل معها بمنطق «المياومة» ولا التأجيل ولا الاسترضاء، بقدر ما نحتاج الى خطة استراتيجية نبدأ بها منذ الآن، ويشارك بها الجميع دون استثناء.
أمام الحكومة، والرئيس تحديداً، فرصة لتقديم «برنامج» انقاذ وطني، يستند الى إقامة طاولة حوار تفضي الى توافقات عنوانها الأساسي «الإصلاح الشامل»، يمكن ان يبدأ الرئيس هنا بالخروج الى الناس، سواء عبر وسائل الاعلام بخطاب واضح يبسط فيه رؤيته ويقدم خططه، او عبر زيارات ميدانية للأطراف والمحافظات يلتقي من خلالها بأوسع الشرائح الاجتماعية، ثم يمكن للرئيس ان يباشر عملية «استقراء» وتدقيق في أداء وزرائه، وفي مدى انسجامهم وحرصهم على العمل بروح الفريق الواحد ليعيد اخراج «تشكيلة» تتناسب مع المرحلة القادمة في اقرب تعديل وزاري.
مهمة الرئيس هنا تنصب في اتجاهين: اتجاه «الجبهة» الداخلية المتعلقة بترطيب أجواء المزاج العام الشعبي، ونزع ما بداخله من «احتقانات» وانسدادات،  وتمكينه من «الاسترخاء»،  وتطمينه على واقعه ومستقبله، وهذا يتطلب فتح «الملفات» المعلقة والمشحونة، وهي معروفة لدى الرئيس، وصولاً الى إتمام مصالحات عامة تفتح المجال امام إعادة وضع «المجتمع» على سكة السلامة.
اما الاتجاه الثاني فهو «ترميم» صورة الحكومة والمؤسسات وإعادة الثقة بها، وفي تقديري ان «النيران» الصديقة والبعيدة التي يتعرض لها الرئيس في هذه الفترة، ومن المرجح ان تتصاعد في الأيام القادمة، يجب ان تفهم في سياق «وضع العقبات» امامه لمنعه من الحركة الى الامام، ولهذا فإن الرد عليها يفترض ان يذهب في سياقين: سياق الحزم القائم على «التشاور» والمزيد من المشاركة في انضاج القرارات واتخذاها، ثم سياق «الإنجاز» ومكاشفة الناس وجها لوجه بما تفكر به الحكومة، بعيداً عن منطق «العناد» الذي مارسته بعض الحكومات السابقة.
لدي نصيحة أخيرة للرئيس الخصاونة،  وهي ان بمقدوره ان يحدث «الفرق» في ادائه بالدوار الرابع لسبب بسيط، هو انه «يفهم» الناس ويقدّر احوالهم، لأنه خرج من بينهم ومن «طينتهم»، وفي تقديري ان كثيرين ممن حوله لا يريدون له ان يفعل ذلك، وأتمنى ان لا يلتفت اليهم، وان يكون «مختلفاً» فعلاً.