معاریف
تكثر المؤشرات على أن الرجل الذي كان یمكنھ أن یھزم دونالد ترامب في انتخابات 2016 ولكنھ اضطر للتنازل، سیجرب حظھ في انتخابات 2020 .فقیادتھ الانتخابیة آخذة في التشكل، ومقربوه یتصلون بخبراء في الانتخابات. صحیح أن جو بایدن لم یعلن عن ذلك رسمیا، ولكن توجھاتھ للمتبرعین الكبار، لمنظمات العاملین، للحلفاء المحتملین في الولایات الاساس مثل ایوا وللمسؤولین المحلیین في الحزب الدیمقراطي، تشھد أن القرار النھائي یقترب.
لا یتجاھل بایدن ومساعدوه الادعاءات التي تطرح ضده: فبالنسبة لمواقفھ في الماضي مثل تأییده
لحرب الخلیج الثانیة؛ حقیقة أنھ مستعد لأن یتحدث باعتدال تجاه الخصوم في الحزب الجمھوري
– وھذه خطیئة لا تغتفر في نظر التیار الیساري المتطرف الذي بدأ یقرر النبرة لدى الدیمقراطیین؛ وبالطبع عمره، 76 عاما.
وفقا للاستطلاعات، فإن بایدن ھو المرشح المتصدر في ھذه المرحلة، ولكن اضافة الیھ اعلن
منذ الآن نحو 20 دیمقراطیا آخر عن نیتھم التنافس، معظمھم من الجناح الیساري في الحزب.
ما یبرز على نحو خاص في المنافسة المسبقة ھذه ھو أنھ لا یكاد یكون ذكر لمواضیع السیاسة
الخارجیة. فمعظم التشدیدات ھي في شؤون جودة البیئة، الصحة، حقوق الاقلیات والمھاجرین والضرائب. نشأ انطباع بأن بعضا من المرشحین یتنافسون في ما بینھم لمن ستكون خطة اكثر طموحا وخیالا في ھذه المواضیع.
ان المحلل السیاسي رفیع المستوى لصحیفة ”نیویورك تایمز“ توماس فریدمان، الذي كتب في حینھ، بتأثیر المقال الشھیر لفرنسیس فوكویاما عن ”نھایة التاریخ“، انھ مع نھایة الحرب الباردة لیس للولایات المتحدة حاجة للتحالفات الاستراتیجیة، بما في ذلك إسرائیل، أجرى في ھذه الاثناء التفاتة حدوة حصان وفي مقال جدید انتقد المرشحین الدیمقراطیین على تجاھلھم للشؤو الخارجیة. فقد كتب یقول ان ”العالم الیوم یشبھ عالم في الحرب الباردة“. واضاف ”وأمیركا وحدھا یمكنھا أن تضمن الصمود في وجھ عدوان ایران، الصین وروسیا“. ویواصل ویسأل: ”من سیكون المسؤول في البیت الابیض حین یرن الھاتف في الثالثة فجرا؟“.
كما أن بایدن تناول المسألة وقال ان ”العالم بحاجة إلى زعامتنا. من یملأ الفراغ اذا واصلنا الابتعاد عن المسرح العالمي؟ لقد حان الوقت لان نستیقظ ونذكر أنفسنا من نحن، بحق الجحیم“.
ھذا الانتقاد، لفریدمان وبایدن موجھ، بالطبع، ضد ترامب اساسا، ولكن بالقدر ذاتھ تتجھ أسھمھ ایضا نحو السیاسة الواھنة لبراك اوباما. ان روح الانعزالیة لا تمیز فقط الرئیسین آنفي الذكر بل وایضا المرشحین الدیمقراطیین على انواعھم.
ان الانتقاد على سیاسة ترامب الخارجیة یأتي ھذه الایام من حزبھ أیضا. ففي نقاش مغل لمسؤولین كبار، في الماضي وفي الحاضر، انتقد نائب الرئیس السابق دیك تشیني نائب الرئیس الحالي مایك بینس في ان أمیركا تھجر التحالفات مع حلفائھا التقلیدیین وان ”لسیاسة ترامب الخارجیة قاسم مشترك أكثر مع سیاسة اوباما منھا مع النھج التقلیدي للحزب الجمھوري“.
كإسرائیلیین، واضح اننا لا یمكننا ان نشكو من سیاسة ترامب الخارجیة. لا شك ان ھذا رئیس
ودي للغایة – بالاقوال وبالافعال – ولكن الاختبار الاساس سیكون على ما یبدو في خطة القرن.
لا بد ان معظم الإسرائیلیین یرحبون باستمرار ولایة ترامب، ولكن اذا ما دار الدولاب وكان الرئیس التالي بایدن، سیجلس في البیت الابیض صدیق آخر لإسرائیل، اثبت ذلك غیر مرة في مناصبھ المختلفة في مجلس الشیوخ وفي الادارة. نائب الرئیس السابق ودي اكثر بالتأكید بالنسبة لكل المرشحین الدیمقراطیین الاخرین، ولكن مع ذلك سیكون الحدیث یدور عن عالم جدید، وللدقة عالم جدید – قدیم، مقارنة بعھد ترامب.
ینبغي الافتراض انھ لن تعود الاجواء المعادیة تجاه إسرائیل ومن یقف على رأسھا والتي میزت ادارة اوباما (بایدن ونتنیاھو اصدقاء قدامى). إسرائیل لا یمكنھا أو لا ینبغي لھا أن تتدخل في السیاسة الأمیركیة، ولكن علیھا ان تكون یقظة لآثار رب بیت آخر في واشنطن. ان تستعد لھذه الامكانیة، فكریا على الاقل، قبل الاوان.