عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2025

أرض الصومال.. "اعتراف الاحتلال" يهز الخرائط ويؤجج البحر الأحمر

 الغد

عواصم - فيما أعلنت دولة الاحتلال اعترافها الرسمي بـ"أرض الصومال" كدولة مستقلة، في خطوة غير مسبوقة جعلتها أول دولة تقدم على ذلك منذ إعلان الإقليم انفصاله عام، بدا القرار في ظاهره اعترافاً دبلوماسياً، إلا أنه عملياً يفتح باباً لأزمة أمنية بحرية؛ لأن ساحل أرض الصومال يطل على خليج عدن عند تخوم الممر الذي يقود إلى باب المندب والبحر الأحمر. وهي جغرافيا تتقاطع فيها الحرب في اليمن، واضطرابات السودان، والتنافس الإثيوبي الصومالي، والتهديدات الإرهابية العابرة للحدود.
 
 
النتيجة هي أن البحر الأحمر، الذي لم يلتقط أنفاسه منذ موجة استهداف السفن المرتبطة بدولة الاحتلال ثم تمدد المخاطر إلى شركات وشحنات متعددة، بات أمام عامل تفجير جديد يخلط الاعتراف السياسي بالمكاسب الأمنية وبحسابات الردع والانتقام، ويزيد من قابلية انتقال الصراع من البر إلى البحر.
الاعتراف وتداعياته المباشرة في القرن الأفريقي
الاعتراف الإسرائيلي لم يأتِ في فراغ، بل في لحظة انكشاف استراتيجي في القرن الإفريقي، حيث تتحول الموانئ إلى "عملة نفوذ" وتتحول الاعترافات إلى أدوات ضغط.
من زاوية مقديشو: يمثل الاعتراف سابقة تهدد فكرة وحدة الدولة الفيدرالية، وتمنح الإقليم المنفصل غطاءً سياسياً يمكن أن ينعكس على ملفات المساعدات والاستثمارات والتسليح والشراكات الأمنية؛ وهو ما يفسر توصيف الحكومة الصومالية للخطوة كاعتداء على السيادة وسعيها لمواجهتها دبلوماسياً وقانونياً.
ويرى محللون أنه من زاوية "صومالي لاند" يمثل الاعتراف اختراقاً تاريخياً في معركة الشرعية الدولية، لكنه يرفع أيضاً سقف المخاطر؛ لأن أي تقارب أمني أو استخباراتي مع الاحتلال سيجعل الإقليم هدفاً محتملاً لوكلاء إقليميين أو لجماعات مسلحة تبحث عن عناوين تعبئة جديدة.
هذا التوتر تضاعف سريعاً مع موقف الحوثيين؛ فقد أعلن زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك الحوثي أن أي وجود لكيان الاحتلال في أرض الصومال سيعد "هدفاً عسكرياً"، وهو تهديد ينقل الصراع نظرياً من مسرح البحر الأحمر قبالة اليمن إلى مسرح ممتد نحو خليج عدن والسواحل المقابلة في القرن الإفريقي.
وقال في بيان إن الجماعة تعتبر أي وجود عسكري إسرائيلي في "إقليم أرض الصومال" عدوانا على الصومال واليمن، ومن ثم فهو سيكون هدفا عسكريا لهم.
ودعا كل البلدان على ضفتي البحر الأحمر وكذلك العالم العربي والإسلامي أن يكون لهم جميعًا خطوات وإجراءات عملية لمنع الكيان المحتل من "استباحة الصومال".
وأضاف الحوثي أنهم سيتخذون كل الإجراءات الداعمة للوقوف مع "الشعب الصومالي "، معربا عن رفضه أن يتحوّل جزء من الصومال إلى "موطئ قدم" للاحتلال على حساب استقلال وسيادة الصومال وأمن المنطقة والبحر الأحمر.
ونقلت صحيفة معاريف عن مسؤولين من الاحتلال قولهم إن الاعتراف بأرض الصومال يمنح إسرائيل عمقا إستراتيجيا وخيارات عملياتية جديدة، ويعزز قدرات سلاح الجو على مواجهة اليمن وإيران.
جامعة الدول العربية
في الخلفية، يقف ملف إثيوبيا والصومال كقنبلة مؤجلة منذ مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال مطلع كانون ثاني (يناير) 2024 للحصول على منفذ بحري عبر "بربرة" مقابل حديث عن اعتراف إثيوبي محتمل، وهو ما رفضته الصومال وعدّته بلا أثر قانوني. وقد اعتبر تحليل لـ"مجموعة الأزمات الدولية" تلك الصفقة محفزاً لتوترات أوسع لأنها تمس توازنات السيادة والحدود والهوية في منطقة هشة، وقد تخلق سلسلة ردود فعل إقليمية.
يأتي اعتراف الاحتلال الاسرائيلي ليضيف طبقة جديدة فوق هذا الخلاف، لأنه يرفع قيمة ساحل أرض الصومال في أعين اللاعبين الإقليميين، ويزيد حساسية أي ترتيبات بحرية أو قواعد أو تسهيلات لوجستية حتى لو ظلت في إطار التعاون المدني.
كيف تحولت الجغرافيا إلى ساحة صراع؟
باب المندب ليس مجرد مضيق، بل نقطة خنق لسلاسل الإمداد بين آسيا وأوروبا، ورافعة مالية لقناة السويس، ومجال اختبار لقوة الردع لدى القوى الإقليمية والدولية.
منذ تشرين ثاني (نوفمبر) 2023، دفعت هجمات الحوثيين على الشحن التجاري شركات كبرى إلى تحويل مساراتها حول رأس الرجاء الصالح؛ ما رفع زمن الرحلات والكلفة والتأمين وأدخل التجارة العالمية في حالة تذبذب مزمنة.
وحتى عندما تراجعت وتيرة بعض الهجمات في فترات متقطعة، ظل تقييم المخاطر مرتفعاً في ممرات البحر الأحمر وخليج عدن، كما تظهر نشرات التهديد البحري المشتركة (UKMTO) التي تقيّم مستويات الخطر بحسب الارتباط بإسرائيل ودينامية التصعيد في غزة واليمن.-(وكالات)