المریة (إسبانیا) – الغد – عقدت مدرسة اللغات في مدینة المریة الإسبانیة؛ ندوة الاسبوع الماضي، شارك فیھا الأدیبان سمیح مسعود، وحسین یاسین، وأدارھا المستعرب؛ استاذ اللغة العربیة الدكتور أنطونیو كاسترو.
ألقى أنطونیو في مستھل الندوة؛ نبذة تعریفیة عن المشاركین، كما استمع الحضور لقصیدتین لمسعود باللغتین العربیة والإسبانیة، ثم تحدث عن كتابھ الذي صدر مؤخرا في عمان عن دار ”الآن“ ناشرون وموزعون بعنوان“على دروب الأندلس“.
وبین أن كتابھ یرتبط ارتباطا وثیقاً بأدب الرحلات، وأنھ حصیلة زیارات قام بھا الى مدن أندلسیة عدیدة؛ التقى فیھا مستعربین إسبان، نقل عنھم صوراً حیة عن الحضارة الأندلسیة، بوصفھا تراثاً إنسانیاً، أبرزھا جنباً إلى جنب، مع معلومات أخرى، تشكل إطاراً دقیقاً للمدن التي زارھا بما تحویھ من مآثر تراثیة، ونصب تذكاریة أقامتھا إسبانیا تخلیداً لذكرى مشاھیر الأندلس من العرب من أھل العلم والفكر والأدب، أمثال ابن رشد وابن حزم وابن البیطاروغبرھم.
یقع الكتاب فى 400 صفحة من القطع المتوسط، یذھب فیھا مسعود عبر رحلتھ الى الحكایات والامكنة والتاریخ، وذكر أسماء المشھورین الذین عاشوا فى المكان حدیثا وقدیما، مضیفا على الرحلة مخزونھ الثقافى الواسع بسرد القصص.
ویسرد الكاتب الذى صدر لھ ”برقة.. البحث عن الجذور“؛ بدایة فكرة الرحلة عبر أصدقاء اسبان، ورحلتھ إلى مصر، ثم إلى المغرب التى تیسر لھ الرحلة وتعرفھ بأصدقاء یقدمون لھ معلومات غنیة عن سبیل الرحلة.
ً خلال الرحلة التي دامت ثلاثین یوما، زار الكاتب ست مدن أندلسیة ومر بمدرید العاصمة، ووصف خلالھا العمارة واستعاد التاریخ وربط بین الماضي والحاضر لغرناطة، وقرطبة وملقا وأشبیلیا ورندة وطلیطلة.
ویتوقف الكاتب عند كل ساحة ونافذة وباب ودرج وجدار لیستذكر حكایات الذین عاشوا في ھذه المدن وصنعوا حضارتھا، ومنھم ابن زیدون، ابن رشد، الولادة بنت المستكفى، لسان الدین الخطیب، وعباس بن فرناس ومحیى الدین بن عربى وابن حزم الأندلسى.
من جانبھ؛ قدم حسین یاسین كلمة حول روایتھ الموسومة بعنوان ”علي : قصة رجل مستقیم“ التي صدرت لأول مرة عام 2017 عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله، ودخلت في القائمة الطویلة لجائزة البوكر العربیة.
وحول روایتھ ”علي: حكایة رجل مستقیم“، والمبنیة على قصة واقعیة، قال یاسین: قرأت عن الحرب الأھلیة الإسبانیة، بین الأعوام 1936 و1939 ،واكتشفت أن أشخاصاً من ست وخمسین دولة وقومیة شاركوا في ھذه الحرب، وغالبیة من عاد منھم سالماً، إن لم یكن جمیعھم، كتبوا عن تجربتھم فیھا، أو ھناك من كتب عنھم، فصدرت كتب بغالبیة لغات العالم عن الحرب الأھلیة الإسبانیة إلا باللغة العربیة، وكأننا خارج التاریخ، باستثناء الحدیث عن تجنید فرانكوا للمغاربة قسراً الذین كانوا تحت الاستعمار الإسباني، ما أعطى انطباعاً بأن لا عرب وقفوا بجانب الجمھوریین، وبالتالي ھم حلفاء الدكتاتور والرجعیة والھمجیة.
قبل خمس سنوات، قرأ یاسین كتاباً للمؤرخ الألماني ھارت ھوب، عمید كلیة التاریخ في لایبزیغ، یتحدث عن فلسطینیین اثنین أحدھما ”علي“، والثاني ”فوزي“ قتلا ودفنا في إسبانیا خلال مشاركتھم في الحرب.. وقال: بدأت البحث، ولم أكن أعلم من أین أبدأ، خاصة أنھ لا معلومات إضافیة عنھم، لكني انطلقت من فرضیة أنھم شیوعیون، فتوجھت لأرشیف الحزب الشیوعي، ولم أعثر على شيء لا في ھذه الأرشیفات ولا لدى كبار السن.
في العام 2016 صدرت مذكرات محمود المغربي وحررھا ماھر الشریف، وتضمنت سطراً حول علي الذي حارب وقتل ودفن في إسبانیا، وھنا الحدیث عن شخص یدعى علي عبد الخالق، وبعدھا صدرت مذكرات نجاتي صدقي وأشارت إلى أن علیاً كان عضو لجنة مركزیة في الحزب الشیوعي حارب وقتل ودفن في إسبانیا.
ویقول یاسین أنھ وجد أكثر من مرجعا حول الحرب الأھلیة الإسبانیة، وفیھا عثر على اسم علي وصورتھ، وبدأ الكتابة عنھ، فالھیكل العظمي (علي) حقیقي، وھو من بلدة الجیب، بینما بقیة التفاصیل خیالیة .. ”والخیال واقع تحقق أو قد یتحقق“.
تدور ھذه الروایة حول حكایة المتطوعین الفلسطینیین في الحرب الأھلیة الإسبانیة 1936- 1939 ،وبطلھا علي عبد الخالق، الذي كان قائداً متمیزاً في فرقة المتطوعین الأجانب، حارب بشجاعة قوات فرانكو الفاشیة، ولقي حتفھ أثناء سیر المعارك في ساحة القتال، وتم دفن جثمانھ في مدینة البسیط الواقعة في وسط إسبانیا.
ومسعود المولود في حیفا العام 1938 درس ثانویتھ في دمشق، والاقتصاد في یوغسلافیا (سابقاً) ونال الدكتوراة من جامعة بلغراد، وھو یدیر حالیا المركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتریال/ كندا وعضو في رابطة الكتّاب الأردنیین.
ولد یاسین في قریة عرابة البطوف في فلسطیني العام 1943 ،ویعیش في القدس، درس المالیة في جامعتي ”لینینغراد“ بالاتحاد السوفیاتي السابق وحیفا.
صدرت لھ ثلاث روایات: ”مصابیح الدجى“ (2006 ،(و“ضحى“ (2012“ ،(وعلي: قصة رجل مستقیم“ (2017.(