عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jan-2021

الغارديان: المتمردون الحقيقيون كانوا داخل الكونغرس وليس خارجه

 القدس العربي-إبراهيم درويش

“لا تلوموا ترامب فقط ولكن لوموا من ساعدوه” من أصحاب البدلات الجديدة ومن تخرجوا من جامعات النخبة الذين تجمعوا في قاعة الكونغرس من أجل الاعتراض على النتائج الانتخابية الشرعية التي فاز بها المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن.
 
قال لورنس دوغلاس، استاذ القانون والفقه والفكر الإجتماعي بكلية أمهرست ماساشوستس الأمريكية، بمقال نشرته صحيفة “الغارديان”، إن انصار ترامب الذين اقتحموا الكونغرس لم يكونوا العصاة الوحيدين في داخل بناية الكابيتول يوم الأربعاء، بل كان في داخله عدد آخر من المشرعين الذين تجمعوا في غرفها قبل أن يتم خرق الحواجز المحيطة بالبناية.
 
ومقارنة مع المحرضين بقمصانهم التي كتب عليها شعار “ماغا” أو “لنجعل امريكا مرة أخرى” ومعاطفهم العسكرية، فالعصاة داخل الكونغرس كانوا يرتدون بدلات عندما افتتحت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الجلسة. وهم نتاج مدارس النخبة في ستانفورد ومدارس القانون في ييل وبرنستون وهارفارد. وكانوا يعرفون أن ترامب قد خسر بشكل حاسم، ومع ذلك اختاروا وبطريقة انتهازية المشاركة في الهجوم الأخطر على الديمقراطية الأمريكية. ومن هنا فلوم ترامب على العنف لا معنى له لأن الذين اتبعوا هذا الرئيس يعرفون أنه لن يعترف بالهزيمة.
 
وتحول ترامب خلال الشهرين الماضي للقائد الأعلى للتخريب في الولايات المتحدة، حيث عمل طوال الوقت لقلب نتائج عملية ديمقراطية.
 
تحول ترامب خلال الشهرين الماضي للقائد الأعلى للتخريب في الولايات المتحدة، حيث عمل طوال الوقت لقلب نتائج عملية ديمقراطية
 
ويوم أمس، تحدث أخيرا زعيم الجمهوريين ميتش ماكونيل مطالبا الوحش بالعودة إلى القفص متناسيا أربعة أعوام من تريبته لهذا الوحش. إلا أن دفاع ماكونيل هو بطولي مقارنة مع الأصوات الخافتة من تيد كروز. ويموضع كروز نفسه لأن يكون ترامب الثاني ولكن بصورة ديماغوجي أكثر تشذيبا وفصاحة من النسخة الأولى. فترامب يكذب بطريقة صارخة فيما يغلف كروز أكاذيبه بغلاف من النقاش المنطقي. ويوم أمس، استمعنا له وهو يقترح “طريقة أخرى” يمكن أن تساعد المشرعين على تجنب الخيارات “الرديئة”. وكان الخيار الرديء الأول الذي اقترحه هو وضع نتائج الانتخابات جانبا. مع أن هذا الخيار ليس رديئا فقط ولكنه دعوة للفتنة. وكان ثلثا الجمهوريين في الكونغرس يحاولون الاندفاع لتبنيه.
 
أما الخيار الثاني الرديء فهو الذي يفرضه الدستور الديمقراطي، أي المصادقة على النتائج التي أقرتها الولايات ووافقت عليها المحاكم. ولكن ما الذي يجعل هذا الخيار رديئا هو ما قاله كروز وهو أن “نصف البلاد تعتقد بتزوير الانتخابات”. ولكن السناتور ينسى أن هذا الاعتقاد ناجم عن التضليل الذي يقوم هو وترامب بتغذية الشعب الأمريكي به وبطريقة إجبارية.
وبعد ذلك قام رجل الدولة كروز باقتراح خيار بديل وهو إنشاء لجنة مثل تلك التي أنشئت لحل النزاع الذي نشأ في أعقاب انتخابات 1876. فلجنة هيز- تيلدين كما عرفت واجهت أزمة حقيقية في الانتخابات ولكن اليوم لا توجد خلافات حول نتائج الإنتخابات الأخيرة باستثناء الخداع الذي ساعد كروز على اختراعه.
 
ويعتبر اقتراح كروز صورة عن السياسات الترامبية والتي تقوم على: اكذب بما يكفي حتى تكون قادرا على اختراع واقعك القوي. ولم يكد كروز ينتهي من خطابه حتى كانت تلك الحقيقة الزائفة والقوية واضحة.
 
يبدو أن العنف يوم الأربعاء صدم بعض المشرعين الجمهوريين ودفعهم لإعادة التفكير بحكمة هذه التجربة في سياسة الاندفاع نحو الهاوية الدستورية
 
ويمكن للواحد تخيل الغضب الذي سيصيب كروز لو حاول البعض وضع خط لموقفه وربطه بالعنف الذي أعقب ذلك. وسيكون جوابه المتوقع كالآتي: كيف تتجرأ على هذا؟ لو كان هناك من يلام فهم الديمقراطيون، وهذا ما يحدث عندما تتجاهل مظاهر القلق الشرعية لملايين الأمريكيين.
 
ويبدو أن العنف في يوم الأربعاء صدم بعض المشرعين الجمهوريين ودفعهم لإعادة التفكير بحكمة هذه التجربة في سياسة الاندفاع نحو الهاوية الدستورية. وسواء تم تعلم الدروس أم لا فنحن بانتظار معرفة هذا. ويقول دوغلاس “قد لا نكون ألمانيا في عام 1933 ولكننا قد نكون في ميونيخ في 1923، ففي 8 تشرين الثاني/نوفمبر من ذلك العام قام آلاف من النازيين بتنظيم محاولة انقلابية فاشلة ضد جمهورية فايمار. وبعد عشرة أعوام قام نفس العصاة بالسيطرة على السلطة في ألمانيا وعبر الطرق الانتخابية”.