عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2020

إنها لحوم إخواننا فلا تأكلوها - المفتي محمد أمين غاليه
 
الدستور- ليس وحدها تلك الموائد التي تعج بالغراب والعجائب من أطعمة لم نألفها ولا تنسجم مع أذواقنا أو عقائدنا هو ما يؤدي أمراض تهدم صحة الإنسان الذي يقتات عليها ربما لظنه أنها تعطيه بعدا آخر يتميز به ضمن ثقافته أو بيئته.
 
فهناك موائد أخرى قد تكون أشد ضرراً وأكثر خطورة يتصدر فيها الإنسان لائحة الطعام ليتم أكل كرامته، وسحق مشاعره، وإهدار ما تبقى من وجوده الإنساني، والله تعالى يقول: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه).
 
الخطر الحقيقي في المجتمع، حين يتعامل بعض أفراده مع المريض كتعاملهم من عدو يتربص بهم ريب المنون،، ويطلقون ألسنتهم بعبارات وألفاظ يكتوي بجحيمها من هو بأمس الحاجة إلى الرحمة، وقد قيل قديماً: «جرح اللسان،، أشد ألماً من جرح السَنان أي السكين».. وحين  يقودنا الخوف من المرض إلى قتل المريض نفسياً قبل أن يرى أعراض مرضه الجسدية، وحين  يقودنا هروبنا نحو الحياة، إلى إلقاء الآخرين في الموت...
 
حينها سيمسي المرض أشد خطراً وفتكاً،، فالمتألم من المرض سيهرب إلى ذاته بدل اللجوء إلى المساعدة، وسيفضل كتمان مرضه عن الناس أو التبليغ عن نفسه، على أن يمارس دور البطولة إن كان ستُعلك كرامته على لسان الناس، ولن يقدم عينة من دمه لفحصها، حتى لا يكتشف أن الألسنة قد ولغت فيها بالشماتة أو الرمي بقلة الحياة وعدم الوطنية، فتكون نهايته على لسان محبيه قبل أعدائه، بل ربما أصاب أعز أصحابه بالمرض، وربما خالط أهل حيه ومنطقته وجيرانه، فينتشر المرض بدل أن ينحسر، وتزداد المشقة على العباد،  قبل أن يلجأ المُصاب إلى العلاج، ليس خوفاً من المرض أو من الطبيب، ولكن خوفاً من ألسنة المجتمع التي لا ترحم، ومجتمعاتنا بطبعها لا تنسى، فربما صار حديث الناس للمئة عام المقبلة..
 
هؤلاء إخوتنا، ونحن عائلة واحدة، أحد المصابين ظل يردد بعبارات مليئة بالحزن على ما رآه من هجوم عليه وعلى أفراد عائلته، «نحن عائلة واحدة، فكيف سأتمنى الشر والضرر لعائلتي،». 
 
واجبنا أن نرحم المصابين وأن نبدل خوفهم أمناً، وأن نتذكر حديث نبينا صلى الله عليه وسلم «عجباً لأمر المؤمن إن أمره له كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له»علينا أن نكون أمة واحدة، شعبا واحداً، أسرة واحدة، (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).