عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2018

كاميرا ستوديو الخيام تحكي عن عمان وشخوصها منذ 60 عاما
 
معتصم الرقاد
 
عمان-الغد-  يحتضن ستوديو "الخيام" أجمل الذكريات من خلال الصور التي تم التقاطها لمدينة عمان القديمة، لصاحبه الثمانيني داود أبو عزب، الذي بدأ العمل به منذ ما يزيد على 60 عاما في منطقة الوحدات شرق العاصمة.
يقول نجل داود، الذي امتهن مهنة التصوير عن والده سعيد أبو عزب "إن مهنة التصوير والمصورين صورة من عبق الماضي.. تصور لنا وللأجيال ومضة من تراث شعبنا، وتروي في بعض فصول منها قصة شريحة من شعب مناضل مكافح من أجل اكتساب الرزق الحلال ليقطع به عيشاً كريماً بكل شرف".
احترف سعيد مهنة التصوير،  ويقول "هي من المهن المهمة في حياتنا؛ حيث توثق الصورة فيها حالة الفرح والبهجة، وأيضا، حالات الحزن واللوعة، وكان امتهان هذه المهنة قديما يعد نوعاً من الجرأة والمخاطرة، لاعتقاد بعض الناس سابقا بأن التصوير أمر غير مقبول ".
ويتحدث سعيد عن  الصورة الشمسية التي كان يجلس مصورها بكاميرته الخشبية المستندة على ثلاث قوائم في الشارع، وبوجود أشعة الشمس حتما، صيفا وشتاء ليلتقط صورة شمسية سريعة للمعاملات الرسمية العديدة، ولغيرها من المناسبات التي لولا المصور الشمسي، لما وثقت واحتفظت بملامح الوجوه في غابر الزمان.
ويسرد سعيد كيف كان والده يلتقط الصور بمثل هذه الكاميرا التي تنصب على الرصيف، بحيث يجلس الزبون أمام المصور على كرسي صغير، ونرى المصور يدخل رأسه تحت الغطاء الأسود، ويعدل "طريقة جلوس" الزبون بشكل صحيح، ثم يضع الفيلم في الكاميرا، ويعود ثانية ليدخل رأسه من خلال قماش أسود داخل الكاميرا، ليكمل إنجاز الصورة والتقاطها.
ويضيف سعيد "كان ستوديو الخيام "الوحيد" في منطقة الوحدات للعام 1959"، مبينا "وكان حينها عدد من المصورين ينتشرون قرب الدوائر الحكومية، وبخاصة دائرة الأحوال المدنية، واستخراج جوازات السفر والجنسية، والمعارف، ودوائر التصديقات، والمستشفيات، وكان المصور أحيانا يحمل الماكينة على كتفه، ويتوجه بها إلى الأماكن التي تكون في حاجة ماسة إلى التصوير، مثل الوقوف أمام أبواب المحاكم أو المجلس البلدي".
وحول عملية التصوير في السابق، يقول أبو عزب "كان التقاط الصورة يعتمد على "النجتف" ثم يتم تحويلها إلى "بوزيتف"، ولم يكن استخراج الصورة بسرعة كما هو في مثل هذا الوقت.. بل كان يستغرق ساعات".
ويسترجع سعيد ذكريات هذا الأستوديو، بقوله "كان هناك كرسي خاص للتصوير، عليه "جاعد"، وكانت قوائمه عالية، ليجلس عليها الأطفال عند التصوير، وكم كان المصور يُجهد نفسه مع الطفل أو الشخص صاحب الصورة، ليلفت نظره إلى أن ينظر إلى عدسة الكاميرا، ولا يشرد بنظره لزاوية أو مكان آخر، فتفسد بذلك لقطة الصورة".
ويضيف "كما كان المصور ينبه الشخص قبل كبس زر الكاميرا لالتقاط الصورة، فيعد (واحد اثنين) وفي الثالثة يضغط الزر، وكان عند العد (واحد) ينبه الشخص لا بل يأمره بحزم (رطب بريقك شفايفك)، لتلمع في الصورة، فيلبي الزبون الطلب لا إراديا، كما كان يهرج المصور عند اللقطة، كي يجعل زبونه يضحك، لتكون اللقطة للزبون مبتسما لا عابس".
إن دخول التكنولوجيا الحديثة إلى مهنة التصوير أدى إلى عزوف الناس عن أخذ صورة شمسية، وهكذا شيئا فشيئا انحسرت مهنة المصور الشمسي إن لم نقل انتهت وماتت المهنة.. وأضحت تتجه نحو الانقراض، وفيما بعد استغنى الناس عن هذه المهنة التي باتت تتعرض اليوم لضغوط التكنولوجيا، فدخول الموبايلات الذكية ذات الكاميرات الدقيقة جدا التي تضاهي أرقى الكاميرات شكل نوعاً من عدم الحاجة إلى المصورين، بحسب سعيد.
ومع ذلك، مهنة التصوير التقليدية التي عاشت "عصرها الذهبي" في النصف الثاني من القرن المنصرم، لأخذ صور عائلية أو شخصية للذكرى، أو لتحميض فيلم بلقطات عدة خلال رحلة سياحية بكاميرا تقليدية، ذكريات لا تنسى وما تزال عالقة بتفاصيلها في عقول المصورين القدامى.