عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Apr-2020

في أزمة “كورونا”.. الأبناء والأحفاد “صمام أمان” في قلوب كبار السن

 

تغريد السعايدة
 
عمان- الغد- بعيداً عن أجواء التوتر والأخبار التي تتعلق بمرض “كوفيد 19” المستجد، تسعى الحفيدة فاتن للتخفيف من وقع تلك المواضيع على قلب جدتها التي تجاوزت السبعين عاماً، خصوصا وأن علامات “الهلع” من الإصابة بالمرض ظهرت عليها منذ بدء الأزمة.
لا شك أن “كورونا” أربك جميع الفئات العمرية، لكن كثرة الحديث عن إصابة كبار السن وخطورة الإصابة دفعت فاتن لانتقاء ونقل الأخبار أو المواضيع المبشرة بالخير لجدتها، لتتمكن من رسم البسمة على وجهها، وبث الفرح في قلبها، بحسب قولها، خصوصا أن الجدة تترقب أحاديث أفراد العائلة وتحليلاتهم للأحداث.
الطالب الجامعي إبراهيم، يقول إنه في كثير من الأوقات تحاصره جدته السبعينية بالأسئلة التي تجول في خاطرها حول “كورونا”، ليتعمد هو في المقابل، أن يرد بمعلومات سهلة وبسيطة وإيجابية في الوقت ذاته، كأن يحدثها عن عدد حالات الشفاء التي تتزايد يوماً بعد آخر.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية أكدت في العديد من التقارير الصادرة عنها أن “كورونا” يمكن أن يصيب مختلف الأعمار، وخطورته تكمن على من يعانون من أمراض مزمنة مختلفة سواء الكبار في السن أو الصغار، إلا أن نظرة البعض للأخبار والأرقام الصادرة عن بعض الدول، تجعلهم يعتقدون أن كبار السن هم أكبر المتضررين، ما دفع المنظمة إلى معاودة الحديث عن أن المرض يمكن أن يصيب أي شخص لم يلتزم بإجراءات الوقاية الخاصة لذلك
إلا أن كبار السن، الذين تزداد مخاوفهم مع ظهور أي حالات مرضية جديدة، هم بحاجة إلى دعم أسري يساعدهم على التفكير بطريقة مختلفة وإيجابية، وإيجاد تلك الأجواء في البيت حتى يتخطوا تلك المرحلة بسلاسة، فالإجراءات الوقائية هي أمر مفترض للجميع، بيد أن الإجراءات الأخرى الداعمة تحتاج إلى تكاتف الأسرة جميعها في احتواء كبار السن ودعمهم معنوياً.
وفي ظل إجراءات الحظر المنزلي، والحد من التحرك والتنقل، وبدء شهر رمضان المبارك، يجد الكثير من الأبناء أحياناً صعوبة في الوصول للوالدين، لذا يجتهدون في التواصل بطرق عدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واتصال الفيديو، ليتبادلوا الحديث الجميل فيما بينهم ومشاهدة الأحفاد، و”التسلية عن بعد”، في سبيل كسر أجواء الحظر بالحديث اللطيف البعيد عن تفاصيل “كورونا”.
وحول ذلك، يرى الاستشاري الاجتماعي والأسري مفيد سرحان أن ما يمتاز به مجتمعنا من التكافل الاجتماعي وصلة بين الأقارب والأرحام، وبر للوالدين، يوفر لكبار السن سواء داخل الأسرة أو في المجتمع عموما اهتماماً بأشكال متعددة، إلا أنه وفي ظل انتشار فيروس كورونا أصبح الحرص عليهم في مجتمعنا أكبر، وخصوصا مع تزايد الحديث أنهم الأكثر تضررا في حالة الإصابة بهذا الفيروس.
ويضيف “تضاعف الاهتمام والعناية بهم داخل الأسرة من حيث إجراءات الوقاية من إصابتهم بالوباء، وبالتأكيد على عدم الخروج من المنزل والتباعد الجسدي مع المخالطين، ومتابعة أمورهم الصحية أكثر من السابق، وخاصة المرضى منهم”.
ويعتقد سرحان أن هذا الاهتمام بدا ملحوظا بين الأسرة التي يعيش فيها أحد كبار السن من الآباء أو الأجداد والجدات، بل إن الاطمئنان عليهم يشمل الأقارب والأصدقاء الذين يسكنون في مناطق بعيدة؛ إذ لا شك أن هذا الوباء له تأثير سلبي على نفسية الكبار لأسباب عدة؛ أولها تأثرهم بما تتناقله وسائل الإعلام من خطر الوباء عليهم، وشعورهم المستمر بالخطر والخشية من الإصابة.
الأجداد والوالدين كبار السن، أمسوا يعيشون أحوالاً غير مألوفة عليهم، يستعيدون ذكريات عمر طويل مضى، لم يعيشوا لحظات كما هي الآن، فهم يستشعرون الخوف مما يدور حولهم في الخفاء، كما يقول عليه الحاج أبو وسام، الذي مضى من عمره ما يقارب الثمانين عاما، ويتحدث عن أحوال وظروف عصيبة مرت بها البلاد، كما العالم، ولكنها لم تكن بهذا الشكل غير المألوف الذي يناظر فيه الناس عدواً غير مرئي، ما يجعل الخوف يستوطن قلبه في كثير من الأحيان.
هذا الخوف نابع من توقع أبو وسام أنه لن يستطيع مقاومة تلك الأعراض المرضية التي يمكن أن تواجهه في حال أصيب بأي عارض مرضي، فـ”للعمر ضريبة”، على حد تعبيره، وهو يحاول أن يقرأ الكثير من التفاصيل حول المرض المستجد، ولكنه، في الوقت ذاته يجد منفذاً للخروج من سيل الأخبار الذي لا يتوقف، وفي جل تفاصيله عن “كورونا” ليجد وقتا مستقطعا مع أفراد عائلته الكبيرة يتبادلون فيها أطراف الحديث المسلي والذكريات الجميلة، كنوع من تغيير الأجواء، وليكون هو من يعيد البهجة للأجواء ويدعم الآخرين من عائلته.
وهنا، يبرز دور الأبناء والأسرة والمحيطين بكبار السن، وتطمينهم باستمرار، وأن الالتزام بالوقاية كفيل بإبعاد هذا الوباء، كما يؤكد سرحان، وعدم ترك كبار السن يتابعون الأخبار وحدهم طوال الوقت، والحرص على تخصيص أوقات للحديث معهم والاستماع إلى حكاياتهم مما يرفع من معنوياتهم.
ويضيف “وتسهيل اتصالهم مع أقاربهم وأصدقائهم، وخصوصا من هم في مثل أعمارهم، ولعلهم أكثر تأثرا بالحجر المنزلي ومنع التجول؛ حيث اعتاد الرجال منهم على الذهاب للمساجد لأداء الصلوات والمكوث، وممارسة المشي والحركة مما يكسبهم النشاط والشعور بالثقة”.
كما ينصح سرحان الأبناء والأحفاد بالحرص على تخصيص وقت لممارسة المشي والحركة سواء داخل المنزل أو في منطقة قريبة، وبحسب ما اعتاد عليه كبير السن، مع أخذ كل الاحتياطات الوقائية والصحية، كما أن بعض كبار السن يعيشون في بيوت منفصلة وبعيدة عن أبنائهم، وهؤلاء معاناتهم أكبر، خصوصا إذا كانوا بحاجة إلى رعاية أو الحصول على الدواء وغيره، ما يتطلب تأمينهم بالمتطلبات المالية، بيد أن وجود الأبناء والأحفاد والأقارب يرفع من معنوياتهم ويمنحهم الأمل والصحة النفسية.
كما يتمنى سرحان أن يجد كبار السن في دور الرعاية الخاصة بهم، اهتماما مضاعفا من المشرفين، لمنع نقل العدوى لهم وإصابتهم بهذا الوباء ورفع معنوياتهم، ولعل انتشار هذا الوباء فرصة وعبرة للجميع، فعلى الآباء أن يحرصوا على تربية أبنائهم على القيم الفاضلة، ليكونوا بارين بهم نافعين لمجتمعهم، وعلى الأبناء أن لا ينسوا فضل آبائهم، وأن يقوموا على رعايتهم، خصوصا في مراحل العمر المتقدمة.