الدستور - حملة تحريضية مسعورة يتولاها الان كبار المسؤولين الامنيين الاسرائيليين ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كانت بدأت في صفوف قطعان المستوطنين، ثم انتقلت الى وسائل الاعلام المختلفة في الكيان المحتل لتعبئة الرأي العام الصهيوني ضده، الى ان وصلت حاليا الى الدوائر الامنية المركزية، ولا يخفي وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، عداءه وسلوكه التحريضي ضد الرئيس عباس، ودعوته الى مغادرة المسرح السياسي، وتهديد حياته بشكل مباشر، ما دام يعارض الاملاءات والصفقات التصفوية التآمرية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
السيناريو الذي اتبعته سلطات الاحتلال الصهيوني مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، عندما رفض الاذعان لشروط واملاءات ادارة كلنتون السابقة، ورئيس وزراء الكيان المحتل الاسبق يهود باراك، عندما طالبوه بالتنازل عن القدس والمقدسات، ورفض التوقيع في كامب ديفيد وفي واي ريفر، وفضّل الاستشهاد على التنازل عندما قال جملته الشهيرة «يريدونني طريدا وانا اقول شهيدا شهيدا شهيدا «، يحاولون الان تكراره واستخدامه مع الرئيس ابو مازن، الذي يرفض بشدة مشاريعهم ومخططاتهم ومؤامراتهم التصفوية رغم كل ضغوطاتهم الاقتصادية والسياسية والامنية، فقد سبق لهم وان حاصروا مقر المقاطعة في رام الله، بالدبابات والمشاة، ونهشت جرافاتهم جدران المبنى الى ان وصلت انيابها الى مكتب الرئيس الشهيد ابوعمار، وازالت بعض واجهاته، وامتشق بندقيته وظل صامدا في مكتبه، وبعد ان عجزوا عن اجباره على الخروج قرر شارون اغتياله بالسم واستشهد مسموما، محافظا على مبادئه وثوابته الوطنية والثورية .
التهديدات التي يطلقها مسؤولون اسرائيليون بهذا المستوى من المسؤولية الامنية المتقدمة، يجب ان تؤخذ على محمل الجد، رغم انها لا تخيف الرئيس الفلسطيني ولا اي مسؤول فلسطيني ولا ترعب طفلا فلسطينيا، لكن غدر العدو الاسرائيلي المحتل وطعناته المتكررة ضد المسؤولين الفلسطينيين في الخفاء والسر والعلن، تجعل الحيطة والحذر والانتباه مسائل ضرورية، ولا بد من وضع الزعماء والقادة العرب والمسلمين والمجتمع الدولي امام مسؤولياتهم، وهم يسمعون ويشاهدون التهديدات الاسرائيلية الصريحة بالقتل والتصفية السياسية والجسدية ضد الرئيس الفلسطيني، والقيام بحملة مضادة مكثفة على المستوى العربي والاسلامي والدولي، لشرح ابعاد ومخاطر التهديدات الاسرائيلية التي اصبحت تتردد على ألسنة كبار المسؤولين الاسرائيليين وتأخذ طابعا جديا وتحريضيا، قد يدفع بعض المتطرفين والمتشددين من المستوطنين اليمينيين الصهاينة للتفكير فعليا بالاعتداء على شخص وحياة الرئيس الفلسطيني .
الامر جد خطير، لان حكومات الاحتلال الصهيوني اعتادت عبر تاريخها الارهابي والاجرامي، على تصفية كل من يعترض مشاريعها واهدافها وخاصة عندما يتعلق الموضوع بالقيادات الفلسطينية، فهي لا تتردد في ارتكاب ابشع الجرائم واعنف اعمال القتل وعمليات الاغتيال.
الاحتلال الصهيوني المحمي امريكيا بالكامل، يعتبر احتلال فلسطين وبناء المستعمرات اليهودية فيها وضم الاراضي المحتلة، امورا لا تتعارض مع القانون الدولي، وبما ان القانون الصهيوني يجيزها فهي قانونية ومشروعة، كما يعتبر كل ما يقوم به مشروعا وجائزا، لانه يضمن مسبقا الدعم والغطاء والحماية الامريكية، بشكل منفرد وثنائي واقليمي ودولي وفي المحافل الدولية كافة.
التصدي لحالة التصعيد والتحريض الاسرائيلية ضد الرئيس الفلسطيني، ليست فزعة وانما واجب وموقف وطني وقومي وديني واخلاقي وانساني، ولا يجوز التهاون او التساهل في التعامل مع هذا الخطر الجدي والحقيقي