عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jan-2020

كيف تتخذ قراراً مهماً* لمياء المقدم
لا يصح أن نتخذ قرارا بسبب الغضب أو الإحباط أو الإهمال أو أي دافع آخر مهما كان، إذا لم يكن قرارنا ناتجا عن مرحلة طويلة من التفكير
 العرب -
 
اتخاذ القرارات أمر في غاية التعقيد، ولهذا يوجد اليوم تخصص في علم النفس اسمه “اتخاذ القرار”. بعض البشر يقضون حياتهم برمتها في محاولة اتخاذ قرار ما لكنهم لا يقوون عليه. البعض يأخذ القرار ثم يتراجع عنه باستمرار وآخرون ينجحون في اتخاذ القرارات بسهولة مهما كانت صعوبتها.
 
أفكر في ما إذا كانت هناك وصفة يمكن اتباعها من أجل اتخاذ قرار ما، خطوات ومراحل على فترة زمنية معينة. الخطوة الأولى هي كيف تتأكد أن قرارك صحيح وأنك لن تندم عليه، وطبعا يعتبر هذا سؤالا تعجيزيا لأغلبنا، إذ من منا يقرأ المستقبل؟
 
في رأيي الأمر ليس مستحيلا؛ فقط يجب توفير قائمة من الأسئلة التي يجب على صاحب القرار أن يطرحها على نفسه ويجيب عليها، ثم عليه ربما أن ينتظر فترة معينة ويعيد طرحها مرة أخرى، ولَم لا مرة ثالثة ورابعة. وشخصيا لا أرى مانعا من أن تستمر هذه الفترة، أو المرحلة الأولى من مراحل اتخاذ القرار فترة زمنية طويلة، سنة مثلا، يتمكن الشخص من خلالها من التأكد بشكل تام من أنه راغب رغبة حقيقية ومتأصلة من الأمر الذي يرغب في اتخاذ قرار بشأنه، في حالات الطلاق مثلا. هذه المرحلة هي الأصعب بالتأكيد، لأن ما يعقد القرارات غالبا ويجعلها مستحيلة للبعض هو ذلك الخيط الرفيع بين النفي والتأكيد، وبين الرغبة وعدم الرغبة.
 
 المرحلة الثانية لا تقل أهمية عن المرحلة الأولى لكنها لا تستغرق زمنا طويلا مثلها، وهي مرحلة عزل وإقصاء كل التأثيرات والضغوط الخارجية التي من شأنها أن تؤثر على قرار نرغب فيه بشدة، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أو غيرها.
 
وإذا عدنا إلى مثال الطلاق، فلو فرضنا أن شخصا يرغب في الانفصال عن شريكه ومتأكد من ذلك فإن ما عليه فعله بعد هذه المرحلة هو عزل أي ضغوط خارجية، مثل الأهل والأطفال والعوامل الاقتصادية وغير ذلك.
 
على عكس ما نعتقد جميعا من أن الأطفال يستحقون منا التضحية لأجلهم والبقاء مع شريك لا نحبه أو نرتاح معه، إلا أن العلم الحديث يرى أن الانفصال في مثل هذه الحالات أفضل لنموهم وأمنهم النفسي.
 
    تتوفر في البعض القدرة على الحسم ولا تتوفر في آخرين، وهذه نقطة يطول شرحها، لكن الشيء الذي يجب أن يتفق عليه الجميع من دون استثناء هو ألا يكون اتخاذ القرارات آنيا وانفعاليا
 
وباختصار لا يمكن أن يتربى الأطفال تربية سليمة إذا كانوا يشعرون أن أحد الأبوين لا يرغب في الآخر وأنه مجبر على البقاء معه من أجلهم، الأمر الذي يشعرهم بالمسؤولية والذنب والتعاسة على مدى طويل.
 
كما أنه من البديهي ألا يلتفت صاحب القرار لأي ردود أفعال حول قراره وألا يثنيه الخوف من الانتقادات ومن القيل والقال عن اتخاذ قرار مصيري بالنسبة له. ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة في غاية الصعوبة: مرحلة المواجهة. مواجهة الشخص أو الأشخاص الذين نتخذ قرارا بشأنهم ومواجهة الأطراف التي ستتأثر بالقرار من قريب أو بعيد.
 
وفي أغلب الحالات تعتبر هذه المرحلة الدافع الأساسي لعدم اتخاذ القرار أو للتراجع عنه، فقد يأخذ أحدنا قرارا بينه وبين نفسه سنوات طويلة لكنه يعجز عن المواجهة ويفضل الاحتفاظ به داخله.
 
المواجهة عملية طويلة الأمد وترتكز بالأساس على عاملين أساسيين: الحديث والاستماع. يجب أن ندخل في نقاشات طويلة مع الأطراف المعنية بالقرار ونترك لهم فرصة التعبير عما يشعرون به ويفكرون فيه وكيفية رؤيتهم للمستقبل. قد لا تكون هذه النقاشات سهلة، وقد تؤدي إلى انفعالات وردود أفعال معقدة وأحيانا متطرفة، ولكنها مرحلة ضرورية ولا يجب القفز عليها مهما كانت صعوبتها.
 
تتوفر في البعض القدرة على الحسم ولا تتوفر في آخرين، وهذه نقطة يطول شرحها، لكن الشيء الذي يجب أن يتفق عليه الجميع من دون استثناء هو ألا يكون اتخاذ القرارات آنيا وانفعاليا وعلى شكل رد فعل على شيء ما.
 
لا يصح أن نتخذ قرارا بسبب الغضب أو الإحباط أو الإهمال أو أي دافع آخر مهما كان، إذا لم يكن قرارنا ناتجا عن مرحلة طويلة من التفكير ومن المرور بكل الخطوات الضرورية لذلك.