عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jan-2020

“ريتشارد جويل”.. البطل عندما يتحول لضحية

 

 
عمان–الغد-  كيف يتحول البطل لمتهم، والطريقة التي يسهم الإعلام  بها في تكوين صورة خاطئة حين  يبنى خبره على معلومة غير موثقة. تأثير الإعلام والصحفي على تكوين الرأي العام، وما يمكن أن يفعله  بعض الصحافيين للوصول لأحلامهم وطموحاتهم وتحقيق الشهرة،، وصولا للتحقيقات البوليسية وصورة البطل، كلها شكلت محتوى فيلم ” ريتشارد جويل” للمخرج الثمانيني الأميركي كليت إيستوود.
 
الفيلم الذي نال ترشيحا للأوسكار 92 لأفضل ممثلة مساعدة كاثي بيتس والتي أعلن عنها أول من أمس، يشارك في بطولته أوليفيا وايلد ،نينا أرياندا ،سام روكويل ،جون هام وبول والتر هوزر، وهو الفيلم رقم 41 الذي ايستوود “89 عاما، وأنتج 48 فيلما
 
من وحي قصة حقيقية لحادثة وقعا في 1996 في أتلانتا وهي تفجيرات سينتمينتال بارك، استند فيها ايستوود بمرافقة كاتب السيناريو بيلي راي لمقالة بعنوان ” الكابوس الأميركي: حكاية ريتشارد جويل” للكاتبة ماري بويتير التي نشرتها في مجلة فانيتي فير في عام 1997.
 
يقدم إيستوود بطلا تحول لمتهم، وهو من الأفلام التي يميل إليها دائما،  بطل أميركي عادي، يحمل حلما، يدافع عن شعوره بالواجب ويحاسب عليه من قبل نظام يسيء معاملته.
 
شخصية ريتشارد جويل “الممثل بول هوزر” عامل أمن يكتشف قنبلة في حديثة أتلانتا في فترة انعقاد الألعاب الأولمبية فيها عام 1996 في الوقت المناسب فيتدخل ويسهم في إنقاذ عشرات من الخسائر المحتملة.
 
لكنه يتحول من بطل لمتهم بسبب دلالات وأخبار صحفية بنيت على مصد غير مؤكد، معلومة تخطت الأصول والأخلاقيات الصحفية لتحول حياة شخص بسطي مسالم إلى كابوس حقيقي.
 
فاالمخرج الفائز بجائزة الأوسكار كلينت إيستوود على دراية بكيفية توجيه الاتهام إلى فرد وإدانِته بناءً على الإدراك فقط، وبدلاً من استخدام أدلة وحقائق ملموسة داخل قاعة المحكمة،  بات من الممكن أن تفتك بأي فرد أو أي شخص قريب.
 
الصورة التي قدم بها ايتسوود البطل جويل بلهجته الجنوبية، حياته البسيطة، وشخصيته اللطيفة وتقديره وعشقه للأمن والشرطة، حفطه لكتب القوانين وتفاصيلها، حياته التي يمضيها مع والدته بوبي” الممثلة بايتس”، وكل شيء، كون صورة عامة له  وعرفت بشخصيته بدقة .فريتشارد بالحقيقة هو مجرد طفل وحيد لأمه، ولا أحد لهما في عالم بارد قاس بحسب تصوير ايستوود.
 
وفي المقابل هنالك المحامي واتسون براينت ولعب دوره الممثل سام روكوويل، بشخصية مختلفة، محام يبحث عن فرصته، بعد أن أسس مكتبه الخاص، صديق مخلص لجويل  ذو ذكاء شديد وقدرة على الأقناع والحصول على استحقاقته حتى النهاية وبمكر ودهاء ايضا .
 
فبرايانت لا يخشى من تهويش مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي، ويحاضراعميل الإف بي آي الذي اتهم جويل توم شو ” جون هام”، حول ما يستطيع فعله وما لا يستطيع بغية حماية موكله.
 
فالطريقة التي بنت فيها الإتهامات ضد جويل كانت ضعيفة ودون دلائل ملموسة بل  مجرد شكوك أسهمت في تشويه صورته، وبات هدفا لهم في استجواباه ظنا انه زرع القنبلة التي انفجرت فعلا بعد 11 دقيقة من اكتشافها.
 
وفي حين لم توجه له اي اتهامات فعلية لكنه بات متهما رسميا وهدفا لأجهزة الإعلام الت سطلت الضوء عليه وحياته الشخصية وحاكمته مشوهت صورته حتى ثتبتت برائته.
 
– الإعلام اللامسوؤل
 
يلفت فيلم ايستوود الأنظار إلى خطورة المحاكمات التي تتم عبر وسائل الاعلام خاصة بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب اليوم دورا بارزا في نشر الكثير من الأخبار الكاذبة والإشاعات بسبب ميل الكثيرين من مستخدمها إلى النشر السريع دون أي تدقيق.
 
ولكن ما أثار الكثيرين خاصة العاملين في الصحافة، وبوجه خاص صحيفة “جورنال كونستيتيوشن”، أن الفيلم يصور المراسلة الصحفية لهذه الجريدة “كاثي سكراغس” ولعبت دورها الممثلة اوليفيا وايلد وهي شخصية حقيقية،  وهي تعرض جسدها على أحد ضباط مكتب المباحث الفيدرالية، مقابل أن يكشف لها عن اسم الشخص المشتبه فيه.
 
الممثلة التي اشتهرت بأدوراها الجريئة، قدمت نموذجا للصحافيات االلواتي تفعلن أي شيء للحصول على المعلومة، أو لتقديم مادة صحفي مثيرة تكفل لها الصعود وسط اقرانها من الرجال الذين يتحكمون في “غرفة الأخبار”، وهي تقايض المعلومة بشكل واضح وبلغة مكشوفة تماما في الفيلم.
 
– كاثي بيتس
 
بوبي الام لريتشارد جويل  قدمت أداءا مذهلا عاطفيا للأم التي تختبر الشعوربالظلم وانتهاك خصوصياتها وتحطيم نفسية صغيرها الوحيد وهي تقف عاجزة عن حمايته، لتلقي خطابا عن مزايا ابنها  وصافته الإيجابية وكيف  قاممت التحقيقات بتدمير حياتهما لى جانب ظلم الإعلام  امام الكثيرينمطالبة بوضع حد لمعاناتهم التي بنيت على شكوك غير منطقية، وفعلت ما ستفعله أي أم لصغيرها .
 
– بناء شخصية جويل
 
كقصة خلفية، يبدأ “ريتشارد جويل” ببضعة مشاهد تؤلف جوانب شخصية، والتي من شأنها أن تساعده وتلحق به الضرر. كموظف يحلم دوما بالعمل في مكتب موظف في الثمانينات، وهو ما يجعل ادائه مذهلا ً بشكل رائع، بسبب مثاليته. وتتجتمع كل الظروف معا ضده
 
فكل المشاهد في البداية تدور الاحداث فيها ببطء تكشف حسن نوايا جويل، بساطته، هدوئه المبالغ فيه وانصياعه لكل الاوامر والطلبات التي توجه له،ما يجعله مريبا بشكل كبيرن التي تتغير بشكل كبير في النهاية حين خرج عن طوره ويقف مناضلا لاجل نفسه مستنكرا كل الاتهامات التي وجهت له بعد ان تحلى بشجاعة بالغة ليكسر كل شيء ويتنفض ضد شعوره بالظلم الرهيب .
 
وهو نفس المشهد الذي جعل فيه كلينت ايستوود ريتشارد جويل وأدائه رائعين ، ليخبرنا كيف تصنع فيلما جميلا جدا .