الراي - أحسن وزير التعليم العالي في محاضرته الاخيرة التي القاها في الجامعة الاردنية في توصيف حالة التعليم بشقيهَ العامِ والعالي وقدم تسلسلاً تاريخيا أكد فيه ضرورة الوصول الى مخرجات حقيقية تستشرف آفاق المستقبل وتبلور إستراتيجيات ومصادر تمويل بديلة للجامعات الرسمية بهدف الحفاظ على نوعيةِ التعليمِ، وترسيخِ بيئةٍ تعليمية تضمن التأسيس لمبادئ جوهرية من مثلِ: تكافؤِ الفرصِ التعليميةِ أمامَ الشبابِ الأردنيِ، وتعزيزِ دور صندوق الطالبِ الجامعي، بحيث يتم توجيه الدعمِ لأكبرِ عددٍ منَ الطلبةِ المحتاجينَ والمتميزينَ، وإدخالُ مفاهيمِ ضبطِ الجودةِ والنوعيةِ في مختلفِ مكوناتِ ومراحلِ نظامِ التعليمِ العالي، وتأكيدِ دورِ الجامعاتِ في تشكيلِ الوعيِ، وتعزيزِ ورفدِ الهويةِ الوطنيةِ، والتوصلِ إلى إطارٍ مؤسسيٍّ واضحِ للبحثِ العلميِّ يكفلُ توفيرَ الدعمِ اللازمِ لتحسينِ مستويات البحثِ العلميِّ ومخرجاته.ومن يقرأ المحاضرة في تفاصيلها يدرك الحاجة الى ضرورة ان تبدأ الجامعات برمتها في اعادة تجديد خطابها الأكاديمي بما يتناسب مع واقعها ومتطلبات العصر ؛ خاصة ان الأكاديميا الأردنية مثالٌ حيٌّ لنهج علمي متزن نفاخر به داخل الأردن وخارجه، ومنذ تخرج الفوج الاول منتصف ستينيات القرن الماضي في الجامعة الأردنية لا تتوقف الأكاديميا عن دورها، تعطي بلا هوادة، وتنشد الإبداع والتميز في كل مراحلها، وتواجه تحديات كثيرة في ظل نقص التمويل، وهو ما ينعكس في مفاصل العملية الإكاديمية برمتها، ورغم الضائقة المالية التي تعيشها الجامعات علينا ان نعمل بجد على تجديد الخطاب الأكاديمي بزرع عوامل النجاح والثقة في الجسد الأكاديمي واعادة الاعتبار للأعراف الأكاديمية التي فقدت بريقها بسبب بعض التجاوزات التي اثرت على الروح المعنوية والأكاديمية والهمة وروح المبادرة التي تحتاجها الأكاديميا. وتجديد الخطاب ينطلق من قمة الهرم لأصغر محطة في الجامعة، يحتاج خططا ولادة قوية، وقناعة حقيقية بالتغيير والإصلاح، وتنفيذ لا يقبل التأخير والتسويف، ولذلك، على الجميع ان ينفذوا خططهم وأهدافهم وقناعاتهم، بحيث لا يرضخون لأي ابتزاز، ولا يقيمون وزنا للعوائق والمصاعب، ولا يقفون عند الآراء الضيقة، خاصةً أن الانتهازيين الذين يفقدون بريقهم مع اَي تغيير لا يتورعون في وضع العراقيل والعصي بالدواليب لكي يكسروا قاعدة التغيير والتجديد.نريد للخطاب الأكاديمي ان يتجاوز الروتين، وان يكسر قاعدة السكون، وان تكون سياسته الإبداع والاحتراف والاحترام والمحبة والحوار والعمل في مختلف الحقول الأكاديمية، وأن يترك المألوف في الحياة الأكاديمية، نريد خطاباً يُشعر الجميع انهم في مركب واحد؛ مصلحتهم مصلحة المؤسسة والتعليم العالي، وإبداعهم طريقهم للتميز والمنافسة، نريده كاملا منفتحا مؤمنا برسالة العلم والمعرفة، قادرًا على ردم الصعاب، عارفاً بتفاصيل التفاصيل في الإدارات الصغرى والكبرى، يقلب الصور النمطية أنى كانت، ويعيد للتعليم العالي والجامعات ألق الماضي بثوب عصري جَديد، يعرف أنّ لغة الكراسي والغرف المغلقة والخطط المكتوبة يجب ان تخرج إلى الميدان والعمل، ولا يجوز ان تبقى الاتفاقيات الأكاديمية بين الجامعات رهينة الأدراج، ويجب تفعيل الأقسام الأكاديمية والكليات لبث روح الحياة فيها من جديد بدماء جديدة شابة تعطي بلا هوادة، الجامعات متعطشة لثورة علمية ومعرفية جديدة ولخطاب يقلب السكون، ولمؤثرين لا يلتفتون خلفهم؛ وكم من ناجح لاقى هجمة شرسة؛ لأنه قلب سكون جامعته ونفذ سياسة إصلاح لا تبقي حجرا على أخر، وقدم أفكارا علمية وعملية تفتح آفاقا جديدة، مع أنّ هؤلاء قد يجدون من يحاول إفشالهم ومحاربة نجاحهم، والخطاب الأكاديمي الجاد لا يلتفت لكارهي النجاح والإصلاح، والأساتذة هم أساس الخطاب وقاعدته ونجاحه مرهون بهم، وينتظرون من يأخذ بيدهم، وأي خطاب أكاديمي لا يقيم وزنا للأساتذة مصيره الفشل، ولذلك، يجب على الخطاب ان يبادر الى حوارهم وسماعهم والانتباه لمشكلاتهم والاخذ بأفكارهم لإعادة الثقة لأساتذة الجامعات.