عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2020

خبراء وعلماء دين: التنمّر ضد مرضى كورونا يؤخر الانتصار بالمعركة

 

الدستور- نيفين عبد الهادي - أكبر المعارك يمكن أن نخوضها بأخوّتنا وقوة تكاتفنا وبسالة الضمير، لا بالسلاح ولا بخطط لن تقدّم أو تؤخر إن لم يكن المواطنون كافة يقفون صفا واحدا أسرة واحدة كالبنيان المرصوص، يحمي بعضنا الآخر ويسنده ونساعد جميعا في بثّ الطاقة الإيجابية وصولا للإنتصار الذي تفرزه محبتنا وتحدينا للصعاب جماعة وليس فرادى.
 
هي حقيقة، على الجميع إدراكها ونحن نواجه معركتنا لمحاربة فيروس كورونا، بضرورة أن ندرك أن انتصارنا في هذه المعركة التي هزمت دولا عظمى، يحتاج لُحمة بين أفراد الشعب، ووقفة حقيقية مع المصابين ومع كافة فئات المجتمع، فاليوم لا مجال للبطولات الصغيرة والبحث عن الشهرة أو التمترس خلف آراء فردية من شأنها الإطاحة بمجتمع كامل، نحن اليوم أمام مسؤولية وطنية بأن نكون جميعا رافعة للتوجهات الحكومية لمحاربة الفيروس وليس العكس، سواء كان ببث الطاقة السلبية أو عد الإلتزام بتوجهات الحكومة وإجراءاتها الوقائية، والأهم من هذا وذاك، عدم التنمّر على المصابين بالفيروس أو أسرهم أو من هم من ذوي الإعاقات أو ذوي الإحتياجات الخاصة.
 
اليوم الوطن يعيش حالة طوارئ، على الجميع إدراك ذلك، وتوجيه بوصلة الإهتمام لهذا النحو فقط، بعيدا عن توجيه الشتائم وإطلاق النكات، أو الإتهامات على المصابين وأسرهم، مما خلق حالة تنمّر مقلقة بمعنى الكلمة تجاه فئة كبيرة من أبناء المجتمع، نتج عنها خوف البعض من إجراء فحص الإصابة بالكورونا حتى لا يتعرّض لهذا النوع من التنمّر، حتى أن بعض الأسر ممن يوجد بين أفرادها من ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة باتوا يمتنعون عن إظهارهم أو إجراء الفحوصات لهم أيضا خوفا من تعرّضهم للتنمر، فهي حالة أصبحت تشكّل سلاحا معاكسا في معركة الوطن ضد فيروس كورونا، كونها أصبحت أداة هدم تهدد أي خطوة تتخذها الحكومة لجهة انحسار الفيروس والقضاء عليه.
 
وفي قراء خاصة لـ»الدستور» حول أبعاد حالة التنمّر الممارسة على مرضى «كورونا» واتهامهم بعد المسؤولية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ومدى تأثير هذا الأمر على سعي الحكومة للعمل على إنحسار الفيروس، أكد علماء دين إسلامي ورجال دين مسيحي، وخبراء علم نفس واجتماع على أن هذا الجانب من شأنه أن يعمل على انتشار الفيروس لتخوّف أي شخص من إجراء الفحص حتى لا يتعرّض للتنمّر الحاصل، اضافة لكونها تعدّ مخالفة دينية واضحة بكافة الإديان، وعلى من يقوم بها أن يحاسب قانونيا واجتماعيا.
 
ورأى متحدثو «الدستور» أن هذه السلوكات دفعت بالبعض من غير المصابين الى اخفاء أعراض قد تظهر عليهم وعدم التوجه لفحصها واتباع الاجراءات الصحية ضمن مصادرها المتاحة، خوفا من تحميلهم ذنب نقل الفيروس لمن حولهم مما أدى لظهور الأعراض بقوة عليهم بعد مرور وقت عل اصابتهم كان يمكن علاجه اكبر لوتم الكشف عنه مبكرا، ويمكن أن يحدث ذلك من أشخاص متعلمين وعلى درجة من المعرفة لكن الخوف من الوصمة المجتمعية دفعهم لهذا السلوك الذي دون شك يؤخّر من أي انجاز بهذا الشأن.
 
رجال دين من متحدثينا أكدوا أن التنمّر على المصابين تعدّ مخالفة دينية ترفضها الأديان كافة، فطالما ركز الخطاب الديني بكافة الأديان على الوقوف مع الآخر وتحديدا المريض أو من هو من ذوي الإحتياجات الخاصة، وضرورة النظر بعين الحبّ للجميع والمساعدة والعون، دون ذلك يعدّ أمرا مرفوضا من كافة الديانات.
 
 الأب الدكتور بسام شحاتيت
 
رئيس المحكمة الكنسية البدائية للروم الكاثوليك النائب الأسقفي العام الأب الأرشمندريت الدكتور بسام شحاتيت قال لا بد هنا من التأكيد على أن مساعدة الآخر، وتشجيع الإنسان على قبول الآخر كما هو، مسألة تتفق عليها الأديان، فلا يمكن لأي انسان انتقاد الآخر، لأن الله خلق الإنسان بصورة مثالية، لا نقدر ولا يمكن انتقادها.
 
وبين الأب شحاتيت إلى أنه إذا كان الإنسان مريضا أو معاقا من الخطأ انه نسيء له او نتنمّر عليه، وهناك آية واضحة بهذا الشأن «هذا المرض ليس للموت» فالمرض يعلّم الإنسان أن يصبر عليه ويتعلم من المرض أو المشاكل، واذا الانسان مريض عليه أن يصبر ونحن اليوم أيضا نقول عليه أن يتعلم من الحجر لمن هم مشتبه بهم بالإصابة بفيروس كورونا.
 
وأشار الأب شحاتيت إلى أن أيضا يوم الدينونية «يوم الحساب» فإن الله يسأل إذا «كنت مريضا فزرتموني» بمعنى أن يوم الحساب نسأل كيف نعامل الآخرين ومن يسيء لهم يكون لديه خطايا.
 
وشدد الأب شحاتيت عى أن هدف المؤمن أن يساعد الآخرين، ويخرجه من مشكلته ولس التدمير والانتقاد السلبي فهذا أمر مرفوض في الدين المسيحي والإسلامي، يجب ان تكون نظرتنا حسنة وليست شريرة وأن نكون سبب تقدم للآخرين وليس شرا لهم.
 
وبين الأب شحاتيت أن المواطن يجب أن يكون دوره داعما للجهود الحكومية، ذلك أن التنمّر من شأنه ان يزيد من عدد الإصابات، فعلينا جميعا مساندة المريض.
 
 الشيخ حمدي مراد
 
من جانبه، أكد الباحث والمفكر الإسلامي والإنساني الشيخ الدكتور حمدي مراد أن لهذه القضية جانبان الأول، جانب توعوي ثقافي علينا أن نبث ثقافة أن من يصاب بأي مرض والكورونا تحديدا اليوم، فلا بد أن يدرك الجميع أن الإصابة بهذا المرض مسألة عادية ونتعامل على هذا الأساس، والجانب الآخر هناك حالة رهبة وخوف غير مبرر تفرزه الثقافة الخاطئة وهذا مايسمى بالهروب من القدر المحنوم حيث ان بالبعض يعتقد أنه مصاب بالمرض فلماذا يراجع ويفحص، ممتلكا ثقافة ليكون حرا قبل أن يزداد مرضه، بدلا من أن يكون مقيدا، وهذه للأسف ثقافة موجودة أكثر منها تمرا بالمفهوم التنمري العام المتعارف عليه، هي ثقافة ضاغطة، لها آثار سلبية بطبيعة الحال يجب تجاوزها بمزيد من الضبط وتطبيق القانون اضف لذلك التثقيف لجهة الإبتعاد عن الوسوسة من المرض.
 
وشدد الشيخ مراد علىى ضرروة اللجوء للفحوصات اللازمة في حال الإشتباه بالمرض لأي شخص كان، تحديدا لذوي الإعاقات والاحتياجات الخاصة فهذه أمانة وخيانة للأمانة في حال كان غير ذلك.
 
 دكتور جواد فطاير
 
الدكتور في علم الاجتماع السريري واخصائي العلاج النفسي الكتور جواد فطاير قال بداية المصابين من ذوي الاحيتاجات الخاصة والتنمر عليهم وعلى ذويهم قضية مهمة جدا تحتاج إلى تغيير في التوجه العام للمواطنين، معربا عن أمله للتكاتف والتضامن الإجتماعي من الجميع في هذه الأوقات العصيبة، في حال كانت حالة اشتباه بذوي الإحتياجات الخاصة الأفضل جدا أن يتواصلوا من السلطات الخاصة حتى يؤخذ إجراء، لأنه ممكن لهذه الحالة حتىى لا تتفاقم عند المريض وينقل العدوى لأعداد من الناس.
 
ولفت د.فطاير إلى ضرورة أن يدرك الجميع أنه يمكن لأي منا ان يصاب بالتالي لا يجوز التعامل مع المصابين على أنهم متهمون أو مجرمون، هذا نجعل الحالة تتفاقم والوضع يصبح أسوأ، فمن يخفي أي حالة خوفا من التنمّر، سيصبح الوضع أكثر سوءا، فكل المصابين يمكن أن يخرجوا من الأزمة، بالعلاج والشفاء التام، نحن بحاجة لكل وقفة تضامن من المواطنين أيا من كان من الأهالي بعدم أخذ الموقف السلبي، ومن المصابين أنفسهم.
 
ونبّه فطاير إلى أن المصابين يعانون من الخوف الشديد والذعر بالتالي، هم لا يحتاجون أن نزيد عليهم بأن نتنمر عليهم أو وصمهم بوصمات هم لا علاقة لهم بها، هم بأمس الحاجة للطاقة الإيجابية، والتكاتف والخروج من الخوف عن طريق الإعلان عن الحالة.
 
وبين دكتور فطاير أن من يهرب من مواجهة المرض بإجراء الفحوصات عليهم أن يدركوا من خلال الإعلام أن السلطة لا تعاقبك، بل هي موجودة لحمايتك وليس معاقبتك، دون ذلك فإن المشكلة ستزيد وستعمل على الإنتشار لا الإنحسار، منبها أن كل شخص لديه قدرة ومناعة مختلفة عن الآخر لا يوجد نسخة واحدة موزعة على الجميع بهذا الأمر، فلا يوجد قوة مناعة عند الجميع، بالتالي اللجوء للفحص من خلال الجهات المختصة، فالمرض ليس تهمة إلا من خلال الإهمال بالتغاضي عن تعليمات السلامة.
 
وبحسب فطاير فإننا في الوطن بل العالم بأسره، نواجه عدوا واحدا، وهو عدو مجهول، كل يوم نكشتف أمرا جديدا بشأنه، لا يوجد دواء معين لعلاجه، لكن هناك إجراءات تتخذ لغايات التخفيف منه، بالتالي نحن نحتاج لمواجهة هذا العدو المشترك، فعالم كله في سفينة واحدة.
 
ورأى د.فطاير أن هناك ضرورة الإبتعاد عن الخوف وعدم الإلتفات لأي حالات تنمّر، لأن الخوف من شأنه أن يدني من مناعتنا الجسدية التي نحن بأمس الحاجة لها هذه الأيام، فبعد اعتماد التعليمات وعندما نأخذ كل الإجراءات الوقائية، والخوف يتبدد عندما نتحدث عندما نقرأ قرآن عندما نتعاون عندما نقوم بأي شيء ايجابي، فكل فرد منا هو جزء من جماعة، فبالتالي تحدث، صلّي، إقرأ، مارس الرياضة ونمط الحياة الصحي والطعام والنوم الحي كلها عناصر سلوكية ترفع من مناعتنا النفسية والجسدية.
 
 سماح محسن
 
اخصائية الإرشاد والصحة النفسية سماح محسن قالت بدروها يعتبر التنمر سلوكا سلبيا عدوانيا متكررا يهدف إلى الإضرار بشخص ما نفسيا أو جسديا ويحقق للمتنمر اهدافا عديدة منها اظهار القوة وجذب الاهتمام والحصول على الشهرة، مبينة أن سلوك التنمر يتضمن التعمد بالأذى البدني أو النفسي أو الابتزاز أو مخالفة الحقوق المدنية أو السخرية والاستهزاء، وهذا الأخير هو الأكثر شيوعا في الوقت الحالي بين فئات المجتمع خاصة مع انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي اصبحت ساحة خصبة لكل شخص يعتقد أن من حقه انتقاد الجميع وتوجيه الألفاظ السيئة التي تحمل سبا ونعتا للأفراد.
 
ونبّهت إلى أن ما يحصل اليوم في ازمة كورونا التي يعيشها العالم والأردن أن بعض المتنمرين اختاروا وقتا غير مناسب لممارسة سلوكهم غيرالاجتماعي على اشخاص لم يختاروا ابدا ان يكونوا مصابين بالفيروس لكنهم للأسف وقعوا ضحية افراد يجدون متعة في توجيه الشتائم وتحقير الظروف التي يمرون بها على الرغم من صعوبتها، مما دفع بهم من الخوف من الظهور والخزي من كشف ملابسات اصابتهم بالمرض الذي نعي تماما انه ليس بيد أحد.
 
ولفتت محسن إلى أن هذه السلوكات دفعت بالبعض من غير المصابين الى اخفاء أعراض قد تظهر عليهم وعدم التوجه لفحصها واتباع الاجراءات الصحية ضمن مصادرها المتاحة خوفا من تحميلهم ذنب نقل الفيروس لمن حولهم، مما ادى لظهور الأعراض بقوة عليهم بعد مرور وقت، كان يمكن علاجه بشكل أسرع لو تم الكشف عنه مبكرا، ونحن هنا نتحدث أشخاص واعين لكنهم نتيجة للتنمر خافوا من الإعلان عن وضعهم.
 
وقالت محسن «لن ننسى في هذا السياق فئة التي لا يمكنها التعامل مع الأمر بمفردها ذوي الاحتياجات الخاصة أو فئة الأفراد الذين لديهم مشاكل نفسية معينة وللأسف يتعرضون للطرائف والقصص السيئة مما يخلق عليهم اثارا سلبية ولأسرهم وللمجتمع وتدفعهم الى اخفاء ابنائهم مما يؤدي الى ارتفاع اعداد الاصابات وهذا عكس ما توجهنا به الدولة.
 
ووجهت سماح رسالة للشخص الذي يمارس سلوكه اللا إجتماعي على هذه الفئة في النيل منها انها فئة تحتاج منا اهتمام وحث أولياء أمورهم لأخذ أعلى درجات الوقاية وعدم الخجل من التوجه لاجراء الفحوصات اللازمة لهم.
 
 دكتور حسين الخزاعي
 
استاذ علم الإجتماع والباحث الدكتور حسين الخزاعي أكد بدوره أنه لا يجوز بأي شكل من الاشكال التميز والوصمة ضد أي فئة من فئات المجتمع، مهما كانت الأسباب ومهما كانت المشكلات، فالوصمة عادة تعمل نوع من أنواع الانعزال والحقد والتوتر بين ابناء مجتمع الموصومين وتعرقل العمل وتزيد المشاكل بل وتجعلها تتفاقم بدلا من حلها، سيما إذا مورست الوصمة امام الفئات المستضعفة في اي حال من الأحوال هي مسألة مرفوضة ولا يجوز وصم أي شخص أيا كان.
 
وأضاف د.الخزاعي نحن الآن نواجه وباء الكورونا وهناك الفئات المصابة بالمرض، ومن المرفوض أن يمارس عليها الوصمة من قبل أبناء المجتمع ونحن نقول لا يجوزعلى الاطلاق لأنه قد يكونوا لا يعرفوا انهم مصابين أو قد اختلطوا بمصابين أقارب لهم أو أصدقاء أو بحككم العمل معهم، ويجهلون طرق العدوى وفترة الحضانة للمرض، الذي ما يزال حديثا ويوما تجري بشانه دراسات، بالتالي وصمهم أمر مرفوض، ونحن يجب أن نفسح المجال أمام الجميع المجال للتأكد من الإصابة من عدمها.
 
وشدد د.الخزاعي على أن الوصمة مخالفة للدين والأعراف والقيم ولا يجوز أن نمارسه على الاطلاق.