عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jun-2020

إخماد الغضب المشتعل بين الهند والصين

 

 افتتاحية - كرستيان سيانس مونيتور
ربما لا يتصاعد الاشتباك الحدودي العنيف بين العملاقتين النوويتين؛ لأن كلا منهما يسعى إلى تشكيل تحالفات تجارية؛ ما يساعد على تقليل حدة العواطف مثل الانتقام والفخر. ثمة نظرية سائدة منذ أكثر من قرن مؤداها أن التجارة تقلل من التنافس العسكري بين البلدان؛ فالرخاء المشترك يثبط مشاعر الفخر أو الغيرة الوطنية. في القرن العشرين، تعثرت النظرية بعد أن استخدمت بعض الدول الصناعية، مثل ألمانيا، الحرب لتعزيز وصولها إلى الأسواق والموارد. ويتم اختبار هذه النظرية الآن مرة أخرى، ولكن الغريب ان الاختبار يحدث في جبال الهملايا النائية.
في يوم 15 حزيران، انخرط جنود من الهند والصين في قتال مباشر لمدة أربع ساعات على حدود مهجورة ومتنازع عليها. ألقى كلا البلدين باللوم على الآخر في التحريض على أول صراع مميت بينهما منذ 45 عامًا. ولكن منذ وقوع الحادث، يبدو كلاهما حريصا على منع التصعيد. إذا ساد السلام، يمكن أن يكون هناك درس متجدد حول فوائد التعاون في التجارة وكذلك تبادل الأفكار والناس. ويمكن كباح جماح عاطفة الانتقام التي تعتبر أحد العوامل المسببة للحرب.
الهند والصين هما أكبر دولتين من حيث عدد السكان في العالم. كما أنهما جارتان تمتلكان أسلحة نووية. ومع ذلك، ربما تكون أهم سماتهما المشتركة الآن أنهما تحاولان بفارغ الصبر تحسين العلاقات التجارية مع البلدان الأخرى؛ فالصين لديها خطتها الإقليمية الكبرى التي تسمى مبادرة الحزام والطريق، بينما تسعى الهند إلى إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع أستراليا والمملكة المتحدة ودول أخرى. كل ذلك قد يكون مثبطًا للغضب الذي اشتعل على طول الحدود الجبلية. على الرغم من أن شي جين بينغ الرئيس غير المنتخب في الصين ونارندرا مودي الرئيس المنتخب في الهند من القوميين المتحمسين، يشعر كل منهما بضغوط من أجل القضاء على الفقر. ولا بد أن تنصاع محاولاتهما باتجاه تشكيل الهويات الوطنية على أسس دينية أو عرقية لرغبة شعبيهما في التعاون المتبادل والنمو الاقتصادي- وبالتالي السلام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام التجاري العالمي الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية يقترن بتدابير ردع معينة وغالبًا ما تستخدم: مثل العقوبات الاقتصادية على البلدان التي تشارك في الاستيلاء على الأراضي، كاستيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في عام 2014. ينشأ الاحتكاك بين الدول عندما تعاني من الندرة - في الموارد المادية، والوصول إلى الأسواق، والتمويل، وموانئ السفن، وما إلى ذلك.
ولكن كما أثبت العالم ستيفن بينكر في كتابه «النواحي الايجابية في طبيعتنا: لماذا تراجع العنف»، فقد تراجعت الصراعات على مر القرون حين اختارت الدول التجارة السلمية كوسيلة للحد من مخاوف النقص في الموارد. ورد في الكتال ما نصه: «حلت التجارة ذات المحصلة الإيجابية محل عمليات النهب ذات المحصلة العقيمة. فقد سيطرت الشعوب بشكل متزايد على رغباتها وسعت للتعاون مع جيرانها». وفي عام 2008، خلصت دراسة أجرتها جامعة السوربون الى ان الانفتاح المتعدد الأطراف في التجارة يعوق نشوب صراع عالمي.
إن قواعد النظام الدولي المنضبط بحاجة إلى التعزيز والتحسين باستمرار. ويساعد هذا النظام في إرشاد الدول حول كيفية التنافس السلمي لتجنب الصدام العنيف. لقد تمكنت الهند والصين من احتواء المواجهة الحدودية الأخيرة بينهما في عام 2017. وإذا تم حل خلافاتهما مرة أخرى في عام 2020، فقد تكونان قد تعلمتا تقديم الصالح العام على الانسياق وراء مخاوفهما.