الغد
يبدو أن نهاية حقبة نتنياهو قد اقتربت فعلا هذه المرة. إدارة ترامب تعتقد أن الضربات الأخيرة على إيران حيدت بشكل كبير دورها في المنطقة، بعد أن تكفلت إسرائيل في الأشهر الماضية من الحرب على غزة، بالقضاء على أقوى حلفاء إيران في المنطقة.
ترامب يخطط لمسار جديد في الشرق الأوسط، مسار لا يحتمل وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل.
بعد السابع من أكتوبر، توعد نتنياهو بتغيير وجه الشرق الأوسط، وشرع في حرب بدأت بجبهة غزة، سرعان ما تمددت لتطال جبهات جديدة في لبنان وسورية واليمن، وأوشكت أن تصل العراق. حرب دامية ومتوحشة، شهدت أقبح الجرائم ضد الإنسانية، وأكثرها توحشا، خاصة في غزة.
من ناحية عملية ما قامت به حكومة نتنياهو كان بمثابة تدمير الشرق الأوسط بالشكل الذي كان عليه لأكثر من عقدين، تبدل ميزان القوى على نحو شامل. قوى كانت تتسيد المشهد، خسرت حضورها بالكامل، وسقط نظام بشار الأسد في سورية، وتصدرت قوى جديدة ساحة القيادة والحكم في لبنان. السلطة الفلسطيني اقتربت من التغيير لهرمها الحاكم، وأصبحت على مقربة من إعلان كبير قادم.
مهمة كبيرة كلفت واشنطن ما تبقى من سمعة في المنطقة، وصعدت بالعداء لإسرائيل والعلاقة معها إلى مستويات فاقت ما كانت عليه منذ قيامها.
التحولات التاريخية التي كان من المرجح حدوثها على مستوى التطبيع بين إسرائيل ودول في المنطقة، طويت إلى إشعار آخر. لم يعد أحد من قادة المنطقة مستعد لتطبيع العلاقات مع حكومة ترتكب هذا المستوى من الجرائم في غزة.
قد تسجل سيرة نتنياهو أن قراره بمهاجمة إيران كان نهاية الفصول الصعبة في مسيرته السياسية، قبل أن يسدل الستار على عهده كأطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل.
لقد تكفل بتدمير هيكل الشرق الأوسط، لكنه لن يكون شريكا في بناء شرق أوسط جديد. مشروع إدارة ترامب للسلام الاقتصادي وإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد، تتطلب شريكا إسرائيليا أكثر اعتدلا وقبولا لدى دول المنطقة والعالم الإسلامي.
لا يمكن لحكومة نتنياهو ومن معه من القتلة، أن تحظى بعلاقة طبيعية مع دول عربية، سواء من كان لها علاقات سابقة مع إسرائيل، أو تلك التي تسعى واشنطن لانضمامها، لاتفاقيات السلام.
في هذه الأسابيع الفاصلة بعد وقف إطلاق النار مع إيران، يلقي ترامب بكل ثقله للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، يضع نهاية لحرب مأساوية، وربما يكون لحظة النهاية لحكومة نتنياهو، التي يرجح المراقبون أن ينفرط عقدها حال قبول نتنياهو بصفقة تبادل.
ترامب يستبق التطورات المحتملة في إسرائيل بضغط علني ومباشر لإصدار عفو عن نتنياهو الذي يحاكم بقضايا فساد تورط فيها مع زوجته. من الواضح أنها محاولة صادقة من الرئيس الأميركي لتأمين خروج آمن لنتنياهو يضمن عودته للبيت، بدلا من استمرار محاكمته في قضية من المؤكد أنها ستلقي به في السجن؛ مجرما مدانا بالفساد.
ليس بعيدا في سياق هذه التطورات المحتملة أن نشهد انتخابات مبكرة في إسرائيل قبل نهاية العام الحالي، تضع نهاية لعهد نتنياهو، وتجلب معها حكومة جديدة من طراز يميني مختلف.