تيا جودة.. شغفها بالكتابة يدفعها لتأليف روايتها الأولى “ندى أيلول”
الغد-إبراهيم المبيضين
بعيدا عن تخصصها الجامعي العلمي “هندسة العمارة”، وبشكل مختلف عن اهتمامات كثير من الشباب المنغمس والمنشغل بالعالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، نجحت الشابة الأردنية تيا جودة، بنفسها وبشغفها القديم الجديد بالكتابة الى عالم الأدب، لتحاور الورق تصب عليه فكرها وإبداعها، حتى بلغت حلمها بأول إنتاجاتها الأدبية، وهي رواية تحمل اسم “ندى أيلول”.
وبدأت جودة ابنة العشرين عاما بالعمل على فكرة الرواية والبدء بكتابتها في العام 2019، تخللها توقف بسبب بدايات الدراسة الجامعية، إلا أن أزمة كورونا وما نجم عنها من حجر منزلي للناس وفر لها وقتا وجدت فيه الفسحة لإنهاء ما حلمت به لتشكل وتنجز رواية تعالج قضايا وظواهر اجتماعية “نراها يوميا في حياتنا ومجتمعنا: هجر الأب لزوجته وأبنائه، وتضحية الأم من أجل تربية أبنائها، إضافة إلى ظاهرة تقليد الأبناء للآباء، وغيرها من الظواهر الاجتماعية”.
في مقدمة الرواية، تقول جودة: كُتبتْ روايتي هذه بكل ما أوتيتُ من حب وشغفٍ، كَتبتْ نفسها، وصنعتْ حُروفَها بنفسها، صيغتْ كلماتُها كنوتاتٍ موسيقيَةٍ ترنو أمامي، وتُقرعُ أجراسُها في أذني. كونتُ جملَها، وتراقصْتُ بين مبتدئها، حتى لهثْتُ عندما وصلتُ لخبرها. تمرَدتْ حروفُها على قلمي، وانتفض كُرَاسي تحت وقعِ أفكاري. لم أجد حبيبًا سوى قلمي، ولا يدًا تَربتُ علي سوى قرطاسي”.
ووقعت العشرينية جودة روايتها “ندى أيلول” أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، على هامش فعاليات معرض عمان الدولي للكتاب 2021 في دورته الـ20 الذي أشرف على تنظيمه اتحاد الناشرين الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة، وأمانة عمان الكبرى، ضمن احتفالات المملكة بمئوية تأسيس الدولة الأردنية.
عن الرواية -الصادرة عن دار اليازوري للنشر والتوزيع، تقول جودة “إن أحداثها تدور في الأردن، وهي رواية خيالية تُلامس واقعنا الحالي إلى حد كبير”، مبينة أنها سلطت الضوء على ظواهر اجتماعية عدة مُنتشرة، تتمثل بهجر الأب لزوجته وأبنائه، وتضحية الأم من أجل تربية أبنائها، إضافة إلى ظاهرة تقليد الأبناء للآباء، في صفاتهم السلبيَة، وتنكرهم للمبادئ، وظاهرة بيع المبادئ والقيم من أجل المال، أو بسبب الفقر والحاجة، وظاهرة تسلط القوي على الضعيف واستغلاله، إضافة إلى الاكتئاب، وضرورة مراعاة الأشخاص المعرضين لصدمات نفسية للتعافي، وظاهرة الظلم والفساد الاجتماعي، إضافة إلى الحب العفيف الصادق.
وتلخص جودة قائلة: “كل هذه الظواهر كتبت واجتمعت في رواية واحدة بأفكار مترابطة بلا أي تشتيت لذهن القارئ”، لافتة إلى أن اسم الرواية -التي تقع في 205 صفحات من الحجم المتوسط- مرتبط باسم بطلة الرواية “ندى”، أما أيلول فهو الشهر الذي تتصاعد فيه أحداث الرواية، إضافة إلى أنه عنوان رمزي؛ أي شهر أيلول هو موسم تبدل الأجواء وموسم الندى.
وتؤكد جودة أن كتابتها وإنجازها هذه الرواية جاء من جهة لإيصال رسالة للمجتمع العربي عامة والأردني خاصة، وهي أن هناك شبابا قادرين على تقديم أعمال أدبية متكاملة، وعلى إيصال أصواتهم، وأفكارهم ومواهبهم للمجتمع.
ومن جهة أخرى، تقول جودة “إن إصدارها الرواية يأتي في ظل ما نُعايشه الآن من تطور اللغات وابتعاد الجيل الجديد عن لغته العربية، ونتيجة لما نعانيه من قلة دعم الثقافات الأدبية والإبداعية، لتحمل الرواية هدفا آخر يتمثل في تذكير الشباب باللغة العربية، علها تكون طريقهم في الرجوع إليها وأن تكون الطريق الممهد لهم لعالم الأدب والقراءة”.
وتيا رائد نصرالدين جودة، هي من مواليد عمان في العام 2001، أنهت المرحلة الثانوية في العام 2019، واتجهت لدراسة الهندسة المعمارية في جامعة البلقاء التطبيقية، ولكنها كما تقول: “لم يُنسني تخصصي العلمي شغفي الأدبي، فواصلتُ كتابةَ روايتي الأولى لتخرجَ إليكُم بعنوان (ندى أيلول)”.
وللكاتبة الشابة جودة العديد من المُشاركات في الاحتفالات، الإلقائية، والكتابية، وغيرها من النشاطات الأدبية وغير الأدبية، إضافةً إلى اهتمامها في جانب ريادة الأعمال، فقد حصلتُ على دورات وشهادات عدة في هذا المجال، وحققت المرتبة الثانية على مستوى المملكة الأردنية في أحد مخيمات ريادة الأعمال.
وتنظر جودة للكتابة على أنها: “شعور وأفكار مترجمة لكلمات، إما تُلامس كاتبها فتُريحه، أو تُلامس قارئها فتضيف له مزيدًا من الأفكار والمعلومات والحلول”.
وتضيف: “ولأنني أمتلك مهارة الكتابة، فقد تحملت مسؤولية التأثير بالمجتمع من خلال هذه الموهبة”، مؤكدة أن الكاتب يجب أن يكون قارئا وباحثا في كثير من الأحيان حتى يُقدم كتابًا ناجحًا قويًا”.
وتبين جودة أن الكاتب بما يقرأ يصبح مُلمًا بالكثير من المعلومات والأساليب، وهو يجب أن يزيد معرفته وثقافته أولًا ليقدم شيئًا يستحق تقديمه ويُضيف شيئًا جديدًا، وليس لمجرد الكتابة.
وتضيف أن قراءة الكتب والقصص، والكتابة والإلقاء الشعري كانت من هواياتها المفضلة منذ الصغر، وقد عزز هذه الهوايات تشجيع الوالدين ومعلمة اللغة العربية.
وتلفت جودة الى أنها لا تتخذ أي كاتب نموذجا لها لأنها تريد الخروج بطريقة وأسلوب خاص بها، وهي تقرأ للكثير من الكتاب المحليين والعرب والأجانب بحثا عن الفائدة والمعلومة أكثر من القراءة لأجل اسم الكاتب نفسه، وتقول إنها تقرأ للكتاب إبراهيم نصرالله ورضوى عاشور وغسان كنفاني وأيمن العتوم من العرب، وديستوفيسكي وباولو كويلو من الكتاب الأجانب.
وعن علاقتها ونظرتها للتكنولوجيا وانغماس الشباب في تطبيقات التواصل الاجتماعي، تقول جودة “إن التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت متطلبا مهمًا في الحياة”، إلا أنها تشير الى أن هذه المنصات لا تأخذ من وقتها كثيرا مع مواظبتها على هواية القراة.
وعن المستقبل، تبين جودة أنها تحلم بالعمل في تخصصها الجامعي والاستمرار في الكتابة، مؤكدة أن هذين المسارين: العلمي (هندسة العمارة) والأدبي (الكتابة) على الرغم من اختلافهما عن بعضهما بعضا اختلافا كبيرا، إلا أن ما يجمعهما هو مفهوم “الإبداع”، وهي قادرة على ذلك.