عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jun-2020

ضم مع علامة استفهام - بقلم: عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
ليس للمرة الأولى، هناك فجوة بين التصريحات التي ينثرها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين العملية التي يمكن أن يطبقها بالفعل. نتنياهو يراكم منذ أشهر توقعات في اليمين بخصوص ضم في غور الأردن وفي المستوطنات في الضفة. ولكن كلما اقترب الموعد الأصلي الذي تم تحديده للبدء في النقاشات في الضم الذي هو الأول من الشهر المقبل، فان خطته تواجه معارضات وصعوبات. وهي حتى لا تلبي توقعات جزء كبير من قيادة المستوطنين، الجمهور الذي أراد أن يرضيه من البداية. في هذه الاثناء يبدو أن فرض السيادة يمكن أن يتحقق، حتى لو كان ذلك بصورة متأخرة وبتقليص مقارنة مع التصريحات الاصلية.
إن رهان نتنياهو يستند على تحليل نافذة الفرص. اشهر الصيف التي فيها كان يأمل أن يشرك معه ادارة ترامب بذريعة أن الضم هو نتيجة طبيعية لرفض الفلسطينيين الكاسح لخطة السلام للرئيس الأميركي. الخطوة كان يمكن كما يبدو أن تفيد سياسيا حتى دونالد ترامب، في اذكاء حماس مصوتيه الافنغلستيين والذين يؤيدون نتنياهو ايضا قبل الانتخابات للرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر). ولكن ترامب الآن يواجه عدد غير مسبوق من الازمات، الاقتصادية والصحية، حول فيروس الكورونا واحتجاج واسع يشمل جميع الولايات بسبب عنف رجال الشرطة تجاه مواطنين سود. ويمكن الافتراض أن خطة الضم لنتنياهو لا تقف على رأس اهتماماته.
في هذه الاثناء عبر المرشح الديمقراطي للرئاسة، جو بايدن، عن معارضة شديدة للضم. وموقف مماثل اتخذه ايضا الاتحاد الاوروبي الذي يمكن أن يفرض عقوبات على اسرائيل، خلافا لبالونات التهدئة الكاذبة التي تطلقها صحيفة المقر في بلفور. وهناك ايضا ازرق ابيض، فرئيسيه بني غانتس وغابي اشكنازي يجريان اتصالات متواصلة مع طاقم السلام في البيت الابيض بهدف مزدوج: اطالة الجدول الزمني من اجل تطبيق عملية الضم وتقليص نطاقه – ربما ليصل حتى الى خطوة رمزية في الكتل الاستيطانية وعلى رأسها غوش عصيون.
يقف ايضا من وراء خطوة نتنياهو خلفية ايديولوجية ايضا: رئيس الحكومة، صاحب فترة الولاية الاطول في تاريخ الدولة، يبحث عن خطوات تخلد ارثه التاريخي. ولكن مثل أي شيء آخر يفعله في هذه الايام، يصعب فصل خطة الضم عن البند رقم 1 في جدول أعمال نتنياهو – جهوده للنجاة من الادانة والسجن. “نتنياهو يوجد بالفعل على الحزام الناقل في طريقه لمواصلة محاكمته”، قال شخص عمل معه لسنوات كثيرة. “أي خطوة يتخذها الآن تتأثر بذلك”.
بهذا المعنى فان الضم هو مناورة اخرى من اجل البقاء، مثل جميع الخطوات الاخرى التي يتم فحصها في محيط نتنياهو: الاعلان عن انتخابات رابعة مع استغلال ثغرة في الاتفاق الائتلافي تمس بالمصادقة على ميزانية الدولة؛ الترشح لرئاسة الدولة، أو في سيناريو متطرف، تأييد ترشيح اسحق هرتسوغ للرئاسة على أمل الحصول على صفقة عفو مقابل الاستقالة.
عندما تكون حرية نتنياهو الشخصية على كفة الميزان فان جميع الوسائل مشروعة. هذا صحيح بشأن الانقضاض العنيف لليكود على المراسل رفيف دروكر في اعقاب تقرير “المصدر” قبل يومين في القناة 13 عن “واللاه” (“في دولة سليمة كان يجب أن يكون في السجن”). هذا صحيح ايضا بخصوص الجبهة الامنية التي فيها تصرف نتنياهو بشكل عام بحذر ومسؤولية خلال سنوات. علامات الضعف ظهرت هناك احيانا في سياق الجولات الانتخابية الثلاث المتواصلة.
ورغم التهديدات العلنية لقيادة السلطة الفلسطينية فان التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة مستمر، حتى لو كان في نطاق ضيق وبدون الكشف عنه. في جهاز الامن يقلقون من احتمالية أنه في حالة التصعيد سيدخل ايضا آلاف نشطاء المنظمة المسلحين الى دائرة المقاومة للمرة الأولى منذ 15 سنة تقريبا. وفي قطاع غزة الذي تستمر فيه فترة هدوء استثنائية، يتابعون بتوتر ما يجري في الضفة الغربية. فاذا اندلعت اعمال العنف فمن المشكوك فيه اذا كانت سلطة حماس ستستطيع الجلوس بهدوء.
قبل أسبوعين ونصف على الموعد المحدد فان نتنياهو يشرك أزرق أبيض فقط بصورة محدودة في افكاره. المستوى الأمني الرفيع مبعد تماما، ويكتفي بالنقاشات مع الوزير المعين غانتس. وطوال الخمس سنوات الأخيرة حافظت الاستخبارات العسكرية على تحذير استراتيجي لم يتحقق، حول امكانية اندلاع مواجهة كبيرة في الساحة الفلسطينية. والشباك حذر من تصعيد اكثر تحديدا في ازمة البوابات الالكترونية في الحرم في صيف 2017. وحتى الآن فان صوت رئيس الاركان افيف كوخافي ورئيس الشباك نداف ارغمان لم يسمع بعد. ويصعب تصديق أن هذا الصمت سيستمر في شهر تموز (يوليو) اذا تم تقدم بجهود الضم.
هذه لن تكون المواجهة الأولى. فعندما تم طرح مبادرة كلينتون في نهاية العام 2000 اهتم رئيس الاركان في حينه، شاؤول موفاز، باصدار وثيقة صاغها العميد مايك هرتسوغ. هذه الوثيقة عرضت بالتفصيل عدد من التداعيات الامنية الاشكالية التي لاحظها الجيش في هذا المسار. اهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حينه، غضب ولكنه ضبط نفسه. ايضا لنتنياهو لن يكون مناص من الاصغاء الى هذه الأقوال.
الخطة متعددة السنوات ذابت
قبل بضعة أشهر من ذلك عندما عمل باراك على عقد قمة كامب ديفيد مع بيل كلينتون وياسر عرفات، التقى بشكل خاطف مع موفاز في قاعة متساده في مطار بن غوريون، قبل لحظة من سفره. رئيس الأركان اكتشف في حينه أن باراك يريد تقليص مليار شيكل في ميزانية الدفاع. وبعد فترة قصيرة على فشل كامب ديفيد اندلعت الانتفاضة الثانية – موفاز الذي أراد اجراء المزيد من الثورات في الجيش وجد نفسه عالقا مع الجنود في مخيمات اللاجئين وفي قصبات المدن في المناطق.
أمر مشابه يمكن أن يحدث في القريب مع مرؤوسه من سلاح المظلات، كوخافي. منذ سنة ونصف يراكم رئيس الاركان الحالي خطط طموحة لتطوير الجيش الاسرائيلي، فقط من أجل أن يكتشف أن الواقع يحطم أي احتمالية حقيقية لتحقيقها. في البداية حدث التورط السياسي بخصوص الجولات الانتخابية الثلاثة التي منعت الحكومة من مناقشة الخطة متعددة السنوات “تنوفا” والمصادقة عليها. في الشتاء اندلعت أزمة كورونا، التي غيرت بالكامل جدول الأعمال. مع عجز بلغ أكثر من 80 مليار شيكل والذي يتوقع أن يزداد، فان القدرة على اقناع المستوى السياسي بالموافقة على طلبات الجيش الاسرائيلي آخذة في التقلص. احتياجات اخرى مثل تحسين جهاز الصحة ومساعدة اصحاب المصالح التجارية والعاطلين عن العمل الذين تضرروا، اصبحت على رأس سلم الاولويات.
المراقبون يلاحظون أن الجيش غارق في مناورة تفكير ايجابية: رغم ذلك الخطة ستتحرك. وفي هيئة الاركان يقدمون ايجازات للاعلام عن تغييرات بنيوية وعن تحويل موارد داخلية لغاية تحريك اجزاء من الخطة متعددة السنوات. ولكن الحقيقة المحزنة هي أنه بدون مصدر تمويل منظم، لن يكون لكوخافي خطة متعددة السنوات، بل فقط خطط صغيرة غير ملزمة.
في خطاب في احتفال عسكري جرى هذا الاسبوع، حذر رئيس الاركان من أن تقليص ميزانية وزارة الدفاع “سيكون خطأ كبيرا، الذي جيوش ودول على مدى التاريخ، بما في ذلك دولة اسرائيل، دفعوا مقابله ثمنا باهظا جدا”. ولكن خلافا لصراعات سابقة على الميزانية يبدو أنه في هذه المرة يأتي الجيش الى المواجهة مع وزارة المالية في ظروف متدنية ازاء الوضع الاقتصادي. غانتس مر بتجربة صعبة مثل رئيس الاركان عندما تم تجميد ما لا يقل عن ثلاث خطط متعددة السنوات قدمها للحكومة. هو يريد تقديم الدعم لكوخافي، لكن كما يبدو فقط حتى حدود معينة. ويجب عليه أن يأخذ في الحسبان ايضا المصالح الوطنية، ووزراء حزبه الذين كل واحد منهم يخاف على ميزانية وزارته. ومن اجل تطبيق جزء من طموحاته، سيضطر رئيس الاركان الى التنازل.
أحد الحلول التي تظهر هو نشر خطة التسلح على فترة عقد تقريبا. ولكن سيكون من المطلوب تقديم تنازلات اخرى. حتى الآن كوخافي عارض بشدة تقليص آخر بشهرين، في فترة خدمة الشباب في الجيش، لتصبح سنتين ونصف (سلفه، غادي آيزنكوت، كان يميل للموافقة على ذلك)؛ وهو يؤجل نقل قواعد قسم الاستخبارات الى النقب بسبب الخلاف على اقامة سكة حديد تخدم الجنود في هذه القواعد؛ وفي عهده قفزت نسبة رجال الخدمة النظامية الى ما يقرب 42 ألف شخص مقابل 38500 في نهاية ولاية آيزنكوت. ووفقا لذلك ازدادت ايضا نفقات الرواتب في الجيش الاسرائيلي بحوالي 250 مليون شيكل في السنة. جميع هذه الامور ستشكل ذخر لوزارة المالية في مطالبتها بزيادة نجاعة الجيش مقابل تخصيص جزء من الميزانية.
صفقة القرن الاخرى
الى جانب الاستعدادات للضم، القيادة السياسية عادت الى الانشغال بصورة اكبر ايضا بايران. في الاسبوع الماضي اطلقت ايران سراح سجين اميركي تم احتجازه مدة سنتين، على الفور بعد اطلاق سراح أميركا لسجين إيراني كان محتجز لديها. ايران اعلنت أنها مستعدة لصفقة تبادل أسرى اخرى. ترامب غرد في تويتر بأقوال ثناء حماسية للايرانيين وطلب منهم بشكل مباشر: “لا تنتظروا الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية من اجل عقد الصفقة الكبرى. أنا سأفوز. يمكنكم عقد صفقة افضل الآن”.
ترامب قصد الذرة. فقبل سنتين انسحب من الاتفاق النووي مع ايران بتأثير مباشر من صديقه نتنياهو الذي وصف الاتفاق بكارثة استراتيجية وحذر من نتائجه على اسرائيل. وفي شهر كانون الثاني (يناير) أمر ترامب بخطوة فاجأت حتى جنرالاته وايضا شخصيات رفيعة في اسرائيل، باغتيال شخصية رفيعة في حرس الثورة، الجنرال قاسم سليماني. ولكن الى جانب الخط المتشدد لعقوبات اقتصادية واستخدام القوة، فان الرئيس الاميركي يعطي تلميحات طوال الوقت بشأن رغبته في استئناف المفاوضات المباشرة بهدف التوصل الى اتفاق نووي جديد.
ايران لا تظهر أي علامات متحمسة. جزء من اجهزة المخابرات الغربية تقدر بأن قيادتها تفضل الانتظار الى شهر تشرين الثاني (نوفبمر) على أمل أن يهزم ترامب ويصبح بايدن شريكا اسهل في المفاوضات. نتنياهو، على أي حال، قلق كما يبدو من احتمالية أن الرئيس ستغريه المحادثات بهدف أن يعرض انجاز في السياسة الخارجية قبل الانتخابات. ويمكن الافتراض بأنه يخصص وقتا غير قليل لجهود اقناعه للبيت الابيض.
في لقاء مع وزير الخارجية الالماني قبل ثلاثة أيام، دعا رئيس الحكومة الى زيادة الضغط على إيران وذكر بالتقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة النووية الذي ورد فيه أن ايران تواصل خرق التزاماتها واخفاء المواقع المشبوهة للنشاطات النووية العسكرية.