أسر تتبع سياسة “الترشيد”.. ومخاوف مما يخبئه المستقبل بعد “كورونا”!
منى أبو حمور
عمان-الغد- ألقت أزمة كورونا بظلالها على شهر رمضان مبارك، فدفعت العديد من الأسر إلى الاقتصاد واتباع سياسة الترشيد نتيجة ما فرضته هذه الأزمة من ظروف صعبة.
الخصومات طالت رواتب معظم المواطنين وآخرون فقدوا دخلهم الشهري بسبب أزمة كورونا، ما جعلت عشرات الأسر تفكر مليا في كيفية الإنفاق خلال شهر رمضان بما يتناسب مع الدخل المتوفر بين أيديها، خصوصا وأن المستقبل الاقتصادي مجهول بالنسبة للكثير منها.
وأعلن محمد راتب حالة الطورائ في المنزل خلال شهر رمضان المبارك، معلنا ضرورة الاقتصاد والتوفير والاكتفاء بإعداد وجبة واحدة وكمية تكفي أفراد العائلة بدون أي نوع من أنواع التبذير.
مخاوف راتب الذي يعمل سائق تاكسي تتزايد يوما بعد آخر في ظل استمرار أزمة كورونا التي تسببت تداعياتها بتوقف مصدر رزقه، الأمر الذي دفعه لاستخدام ما قام بادخاره خلال الأشهر الماضية لحالات الطوارئ.
ويقول راتب إن الفكرة من الاقتصاد ليس البخل وإنما الخوف من القادم، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ليست واضحة والجميع خائف من فقدان مصدر رزقه والحل الوحيد هو الاختصار في النفقات قدر الإمكان.
ويوافقه الرأي أبو خالد الذي مضى أكثر من 40 يوما على إغلاق مطعمه الذي يعد مصدر رزقه الوحيد بسبب أزمة كورونا، ما سبب له أزمة مادية دفعته لتقنين نفقاته إلى حد الاكتفاء بشراء الضروريات.
ويقول أبو خالد “الضائقة المالية التي تسببت بها أزمة كورونا ظهرت بشكل جلي في شهر رمضان، خصوصا مع ارتفاع الأسعار”، لافتا إلى أن تزايد الأسعار وقلة الدخل الذي تزامن مع شهر رمضان المبارك، شكل أزمة حقيقية لمئات الأسر التي فقدت باب رزقها.
في حين تحاول أم رامي الاقتصاد قدر المستطاع لتتمكن من تمضية شهر رمضان المبارك بالمواد المتاحة بدون أن تكلف زوجها بالتزامات جديدة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها في أزمة كورونا.
وتكتفي أم رامي بإعداد وجبة تحتوي على اللحمة أو الدجاج مرتين في الأسبوع، في حين تمضي بقية الأسبوع بإعداد أطباق تحتوي على الحبوب والخضراوات وإعداد أطباق الحلوى التي لا تكلف كثيرا.
في حين غابت المقبلات الرمضانية كالكبة والسمبوسك وغيرهما من الأصناف على كثير من الموائد الرمضانية رغبة في التقنين والتوفير قدر المستطاع، لا سيما وأن العديد من الأسر باتت تعيش في قلق كبير حول قدرتها على تأمين مستلزمات البيت وقد تراكمت عليها أقساط القروض وفواتير المياه والكهرباء جراء أزمة كورونا، وفق أدهم النابلسي الذي يعمل في أحد مراكز التسوق التموينية.
ومن جهته، يشير أخصائي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش الى أن كثيرا من الأسر اقتصدت في رمضان الحالي مع قلة مستوى الدخل وزيادة النفقات. هذه الأسر، وبحسب عايش، بدأت تشعر بحالة من عدم اليقين أو التأكد من المستقبل، وبالتالي فإن التوفير في الإنفاق الذي بدأ في شهر رمضان المبارك يعد أمرا مهما لها لكي تمضي قدما فيما يتعلق بتوفير جزء من هذا الدخل للإنفاق على متطلبات أخرى خلال الفترة المقبلة وعيد الفطر أو ما يتبعه من أشهر قد تواجه فيها الأسر صعوبات مالية.
إلى ذلك، فإن معظم الأسر الأردنية، بحسب عايش، عايشت انخفاضا في الدخول والرواتب وأيضا هي تخشى من أن العودة التدريجية للفعاليات الاقتصادية لا تعني بالضرورة أن هذه العودة ستكون سريعة أو أن نسبة كبيرة من العاملين لن يتمكنوا من العودة لأعمالهم بالصورة والطريقة السابقة.
ويلفت عايش إلى أن كثيرا من الشركات قد تواجه مخاطر تتعلق بقدرتها على البقاء والاحتفاظ بموظفيها وفي حال حافظت على موظفيها لن تمنحهم الرواتب نفسها التي كانوا يحصلون عليها في السابق، وبالتالي فإن الأسر ترى أن المستقبل والعودة التدريجية للفعاليات الاقتصادية أمر ليس سهلا، فضلا عن زيادة حجم البطالة والفقر في الأردن والدخل الذي يمكن أن يحصل عليه الفرد.
“التعافي من هذه الأزمة سيكون طويلا والكثير من الخدمات والفعاليات والأنشطة الاقتصادية ربما تتعثر في طريق العودة وربما تحل محلها فعاليات جديدة”، وفق عايش، وبالتالي فإن الكثيرين سيشعرون أنهم معرضون لمخاطر مستقبلية تدفع بالمنطق أن ترشد الأسر الأردنية في شهر رمضان والأشهر التالية، وبالتالي فإن جملة ما تم إيقافه من قروض وأقساط، سيتحملون دفعها بالمستقبل.
ويؤكد عايش أن ترشيد الإنفاق أمر منطقي ويتناسب مع الحالة السائدة التي تعيش فيها الأسر ومرتبط بوضع اقتصادي من الواضح أن الأردن والعالم لا يعرفون النتائج التي سيصل اليها، والكيفية التي ستكون فيها مرحلة ما بعد كورونا، وبالتالي الجميع لا يضمن أن يكون له دخل ثابت أو لن يضمن بالأساس أن يكون له وظيفة تدر عليه دخلا يسمح له بالإنفاق كما كان عليه الحال قبل كورونا.
إن مشاعر الأسرة الأردنية في هذه الحالة يختلط فيها الإحباط بالخوف وعدم اليقين بأن المستقبل يحمل في طياته آمالا إيجابية، بحسب عايش، متمنيا أن تكون هذه الصورة حلما سيبدد عند عودة العجلة الاقتصادية، لأن من يعملون في شركات ومؤسسات لم تتمكن من مقاومة الأزمة سيدفعون ثمنا لأن الاقتصاد الأردني يعاني من مشكلات كبيرة.