عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jul-2021

الخصوصيات في “السوشال ميديا”.. حينما تصبح “مشاعا” للغير!

 الغد-مجد جابر

 منذ انتشار منصات التواصل الاجتماعي، لم تعد الكثير من الخصوصيات في “مآمن”، لدى فئة من الأشخاص الذين لا يتوانون عن نشر أدق التفاصيل وحتى الخلافات والمشاحنات التي تحصل بينهم وبين غيرهم.
وينصدم العديد من متابعي مواقع التواصل من لجوء مستخدمين لنشر أدق التفاصيل عن حياتهم، بل وحتى الاضاءة على خلافات تنشب بينهم وبين أقرب الناس إليهم، لتكون هذه المشكلات على الملأ من دون مراعاة لحرمة الحياة الشخصية.
وتستغرب سناء موسى، من إحدى الفتيات التي قامت بنشر قصة طلاقها كاملة عبر صفحتها على الفيسبوك وخلافاتها مع والديها بشأن هذا الأمر، وبالتفاصيل الكاملة، رغم أن هذه الشؤون “خاصة” وكان ينبغي أن تبقى بين الطرفين، ولا يحق لأحد الإطلاع عليها.
سناء تبين، أن كثيرا من الناس للأسف يعتبرون مواقع التواصل الاجتماعي مكانا مناسبا لنشر ما يحلو لهم، وبذات الوقت لا يعون خطورة هذا الأمر، بأن هنالك الكثير من الاشخاص “الافتراضيين” ليس لهم الحق أن يكونوا على معرفة كاملة بكل ما يحصل، لافتة الى أنهم لا يدركون بعد ما الذي يمكن نشره من عدمه، على هذه المواقع.
ويستغرب الاختصاصي الاجتماعي الاسري مفيد سرحان هذه السلوكيات بنشر الخصوصيات، ويراها تنعكس سلبا على الشخص نفسه وعلى علاقاته الاجتماعية، وللأسف يجد التشجيع من البعض الذين “يطربون” بما يسمعون أو “يستمتعون” بما “يشاهدون” و”يتلذذون” بما يقرأون، فهم يطلعون على أدق التفاصيل التي تقدم لهم مجانا دون أي سبب أو مبرر.
وينوه سرحان أن هذه التصرفات تقلل من قيمة الشخص في نظر الكثيرين وتسبب له الإحراج، مبينا أن البعض يجعل من حياته الشخصية وخصوصياته لا قيمة لها، “مشاعا” ليتداولها من يعرف ومن لا يعرف؟!
ويرى سرحان أن التكنولوجيا نعمة للإنسان إذا أحسن التعامل معها وسخرها لخدمته وخدمة البشرية.
وخلال السنوات الماضية ازداد الإقبال على استخدام منصات التواصل الاجتماعي المختلفة والمتعددة، مبينا سرحان أن هذه الوسائل أصبحت “هوسا” عند البعض لا يستطيع أن يستغني عنها، و”أدمن” الكثيرون عليها، بل حتى أن أفراد الأسرة الواحدة الذين يعيشون في بيت واحد أصبحوا يتواصلون في أغلب الأحيان من خلال وسائل التواصل، مما أضعف العلاقات الاسرية.
ووفق سرحان، فإن كثيرين أصبحوا ينشرون تفاصيل حياتهم الشخصية على مواقع التواصل وعلى مدار الساعة، بل أنهم لا يفوتون معلومة أو حدثا أو صورة إلا وينشرون عنها سواء تخصهم شخصيا أو تخص أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، وأحيانا نشر ما يسمعون من أخبار غير مؤكدة، ويتنافس البعض على ذلك باعتباره سبقا.
والأصل، بحسب سرحان أن يحسن الشخص استخدام وسائل التواصل، وأن يفكر قبل أن يقوم بالنشر، وأن يقدم ما ينبغي للآخرين معرفته عن الشخص من أحداث مهمة أو مساهمات فكرية وثقافية أو المشاركة في حوارات وإبداء الرأي في قضايا عامة أو تخصص مجموعة من الأشخاص.
والاهم، هو الابتعاد عن إفشاء الأسرار الشخصية أو أسرار الآخرين، لافتا سرحان إلى أن الغريب بأن البعض اعتاد على نشر جميع التفاصيل اليومية لأعماله وتحركاته وزياراته وأحاديثه حتى الأسرية منها، فهو يكتب أين يذهب، وماذا أكل، ومع من تحدث أو التقى، وأين سيذهب بالغد.
والمؤسف، كما يقول سرحان هو تصريح البعض عن الخلافات مع الآخرين والمشكلات الاجتماعية، مما يفقد هؤلاء “قيمة الخصوصية” ويصعب عليهم حل مشكلاتهم، ويجعل نظرة أقرب الناس إليهم نظرة سلبية.
كما أن كثيرا من الفتيات والنساء لا يترددن في اطلاع العامة على ما يدور في عقولهن من أفكار، أو ما يقمن به من أعمال أو الحديث عن الصداقات والمشكلات الخاصة. ولا يتوقف الأمر عند الكتابة بل إنه في كثير من الأحيان يتم النشر موثق بالصور والفيديوهات وفي أوقات متعددة.
الأغرب أن هنالك من ينافس زملاءه في من يتفوق في نشر تفاصيل أكثر، ومن يستطيع أن يكسب المراد أكثر من “المتابعين”. ويقول سرحان، “نحن بحاجة الى إدراك خطورة تحول منصات التواصل الاجتماعي الى “ساحات مفتوحة” لا تحكمها القيم.
أما دور الأهل والمربين، فهو بأن يكونوا قدوة حسنة للأبناء في كيفية توظيف وسائل التواصل والاستفادة منها، وتوجيه الأطفال والأبناء الى الاستخدام الأمثل. حتى لا يقوم هؤلاء بنشر تفاصيل أسرية وعائلية لا يرغب الوالدين في نشرها واطلاع الآخرين عليها، مما يصعب تدارك آثارها السلبية.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، أن كل شخص يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي على حسب رؤيته لها وما الهدف منها، فعلى مقدار الوعي الذي عند الشخص ينعكس ذلك على صفحته.
وينوه مطارنة أن الإنسان الذي يسقط حالته النفسية على هذه المواقع، يعاني من نقص في الوعي الاجتماعي ولا يملك الوسيلة الكافية ليعبر عن نفسه واحتياجاته، بالتالي يجد من هذه الصفحات وسيلة للتعبير عن آرائه ضمن مفهومه الخاص.
بالتالي فإن عدم الوعي الاجتماعي وغياب الإمكانات الحياتية والمهارات الفكرية والذهنية لديه في القضايا الخاصة هو ما يجعله يتعامل بهذه الطريقة، بحسب مطارنة، ويسقط كل شيء على مواقع التواصل الاجتماعي في اطار “فضائحي” أحيانا، مبينا ضرورة معرفة ووعي الشخص بالدور الحقيقي لمواقع التواصل الاجتماعي، وما الهدف منها وكيفية التعامل معها.
ويرى مطارنة أن هؤلاء الأشخاص قدراتهم ومهاراتهم الاجتماعية ضعيفة جدا وهي موجودة بكثرة بيننا، مبينا أن الخصوصيات أمر مهم وله حرمته، ولا يجب نشره، وأن يكون عرضة للتعليقات والسخرية.
وعالمياً، ارتفعت أعداد مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعي في الأشهر الـ 12 الماضية، حيث انضم 521 مليون مستخدم جديد حتى نيسان(أبريل) 2021، وهذا يعادل نموا سنويا بنسبة 13,7 في المائة.
وتشير أحدث البيانات إلى أن عدد مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية في جميع أنحاء العالم يساوي الآن أكثر من 70 في المائة من سكان العالم المؤهلين.
والمستخدم النموذجي، يزور أكثر من 6 منصات تواصل اجتماعي مختلفة كل شهر، ويقضي ما يقارب من ساعتين ونصف الساعة في المتوسط كل يوم. والأرقام الأخيرة، تشير إلى أن الناس يقضون ما يقارب 15 في المائة من حياتهم باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية. ويضاف إلى ذلك أن العالم يقضي أكثر من 10 بلايين ساعة في كل يوم باستخدام منصات اجتماعية.
وما يزال فيسبوك منصة التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في العالم، ولكن هناك الآن ست منصات للتواصل الاجتماعي فيها أكثر من مليار مستخدم شهري ناشط، أربعة من هذه المنصات الست مملوكة من قبل فيسبوك.